الجاسم «بط الدمل» وأرانا جميعا كم هي حرية الرأي «ملعونة»، عند الجميع.. الدعيج يدعو لحملة شعبية حقيقية للدفاع عن حرية الرأي المطلقة
زاوية الكتابكتب مايو 30, 2010, 7:20 ص 1792 مشاهدات 0
حتى لا تذهب مساهمات الجاسم سدى
كتب عبداللطيف الدعيج :
من المؤكد اننا جميعا هنا لدينا حساسية، او لنقل- وبلا خشية- عداء للحرية ورهبة تجاه الكلمة وهواجس من التفكير، ناهيك عن التعبير عنه. لهذا كما نرى يأتي هذا القرار للقضاء والنيابة العامة لحظر النشر في قضية الزميل محمد الجاسم متوافقا وموقفنا العام من الحريات وتعبيرا عن حالة الجفاء الدائمة التي تحكم علاقتنا كمجتمع او مؤسسات وسلطات بحرية الرأي.
مهما كانت حدود وقيود المنع الذي قررته المحكمة فان القرار بحد ذاته يتناقض في رأينا والمبادئ الاساسية للنظام الديموقراطي الكويتي. لا يتعارض مع مواد الدستور او تحوطه الشبهات كما يلمح البعض في العادة فقط، ولكنه فوق كل هذا يتعارض بالاساس وجوهر النظام الذي جعل من «سطوة» الرأي العام احدى اهم دعامات ضمان شعبية الحكم (انظر المذكرة التفسيرية للدستور). هذا بالاضافة الى ان «السرية» مهما كان هدفها وايا كان مصدرها هي مفتاح ووكر وحضن رحب للظلم ولقلب الحقائق ولارتكاب كل ما تريد «السلطة» فعله بمعزل عن الرقابة او المتابعة العامة.
ان الزميل محمد الجاسم مسجون على قضية رأي، نتفق مع النيابة وبعدها القضاء على ان هذا وفقا لقوانيننا مع الاسف لا يجعل منه «اوتوماتيكيا» سجين رأي. لكن - مع وضع كل هذا في الاعتبار- فان الزميل يبقى سجينا «سياسيا»، وهناك اطراف او جماعات تعتقد انه مستهدف، وهناك جماعات اكثر واقوى حاضرة لاستغلال القضية وتشويه الموقف الحكومي، بل وحتى القرار القضائي. لا نرضى لقضائنا ان يكون هدفا للابتزاز، ولا نقبل ان يرضخ للضغط، ولكن من المسلم به ان هذه القضية بحاجة الى التعامل معها بموضوعية تعتمد على بدايات ومبررات سياسية اكثر منها قانونية. فعند الناس ومهما بلغت ثقتهم بالنيابة العامة والقضاء، فان الجاسم في النهاية يواجه رئيس الوزراء ووزير الديوان الاميري، وهذه شئنا ام ابينا قضية بحاجة الى نوع خاص من المعالجة.
نتمنى ان تعيد المحكمة النظر في قرارها، وان تسمح لمن يريد الدفاع العام، بمعنى الشعبي، عن الزميل ان يأخذ حقه هو الاخر في حرية الرأي وحق التعبير اللذين كفلهما الدستور، وان تفسح في المجال ايضا لتوافر الضمانات الاساسية لدفاع الزميل كما نصت المادة 34 منه.
الزميل محمد الجاسم «بط الدمل» وأرانا جميعا كم هي حرية الرأي «ملعونة»، عند الجميع، عند الزميل الجاسم نفسه الذي هتف في تجمع العقيلة «لن نقبل بوجود المحطات والاعلام الفاسد»، او عند الذين يناصرونه اليوم ممن اجبروا وزير الاعلام على ممارسة التعطيل الاداري للقنوات الفضائية. لنتأمل ان تجد دعوة النائب الصرعاوي للانتصار للحرية «غير المسؤولة» صدى، ولنتأمل خيرا في اشاوس الدفاع عن الحريات، ولتبدأ حملة شعبية حقيقية للدفاع عن حرية الرأي المطلقة، وليست حق هذا او ذاك دون غيره.
* * *
كثيرون، هذه الايام وفي السابق ايضا، ربطوا الدفاع عن الحريات او حقوق الانسان المقيم، خصوصا العمالة الاسيوية المضطهدة، ربطوا ذلك بالحفاظ على سمعة الكويت وسجلنا «المشرف» لدى المنظمات الدولية. وهذه طبعا نتيجة طبيعية تعكس هشاشة «ايماننا» الحقيقي بحرية الرأي وتقديرنا المزيف لحقوق الاخرين. وهي تعكس عقلية العداء المشار اليه اعلاه للحريات وللمبادئ الديموقراطية بشكل عام. وما كنا ننوي التعليق على هذه الاراء العفوية لو لم ينضم الشيخ سعود الصباح وزير الاعلام والنفط الاسبق للمجموعة. الدفاع يا شيخ سعود هو عن حرية الانسان وحقه، خالف ذلك المنظمات الدولية ام توافق معها. الدفاع عن حرية الانسان هو الذي من المفروض ان يكون الدافع وهو الهدف وليس زهلقة او تلميع صورتنا السياسية او الاعلامية في الخارج.
* * *
يحرص البعض بشكل محموم على استغلال مداخلة الشيخ صباح مبارك الصباح وتصويرها على انها تهديد فعلي بالقتل للسيد وزير الصحة. وهناك من يحاول جاهدا ان «يوز» الدكتور الساير لتقديم شكوى ضد الشيخ... اعتقد ان الامر لا يسوى هذا العناء.. ولو كنت الدكتور الساير لرددت كيد مثيري الفتن الى نحرهم ولسقيت المتصيدين في الماء العكر ماءهم وقلت زيادة في «حرتهم».. ما فيها شيء.. شيخنا ويمون.
* * *
احد اهم اسباب المعاناة الحالية للزميل محمد الجاسم هو اصراره على استمرار مخاطبة صاحب السمو الامير وسمو ولي العهد. كتبنا وحذرنا مرارا من مغبة مناشدة صاحب السمو او سمو ولي العهد، فهما ليسا سلطة عامة يحق للمواطن بنص المادة 45 من الدستور مخاطبتها. فصاحب السمو فوق كل السلطات ويمارس سلطاته بواسطة وزرائه، وسمو ولي العهد لا يملك السلطة الا في حالة غياب الامير. اقدام قناة «الراي» على بث مناشدة ابنة الزميل الجاسم لصاحب السمو اطلاق سراح والدها ليس في محله وليس متفقا وقواعد النظام واصوله. صاحب السمو الامير يملك دستوريا العفو عن العقوبة او تخفيضها، لكنه ليس من المفروض ان يتدخل في صميم عمل القضاء. والعفو عن جريمة او تهمة قبل إشهار اصدار العقوبة يتطلب قانونا يصدره مجلس الامة ويصادق عليه الامير. كتبنا مرارا نطالب الديوان الاميري مناشدة المواطنين ووسائل الاعلام عدم مخاطبة صاحب السمو او ولي العهد مباشرة. فالمواطن يُحكم ويُدار من قبل مؤسسات مسؤولة هي التي تخاطب وتناشد وتحاجج ان دعت الضرورة. فليحذر الديوان او تعد الحكومة قانونا بذلك فتجنب الذات الاميرية حرجا هي اصلا مصونة عنه وتكفي المواطنين عناء لا دواعي له.
عبداللطيف الدعيج
تعليقات