حاربوا 'الطفرة النفطية': ظفر للبعض، وفقر لللآخر

محليات وبرلمان

ثروات هائلة وفرص تاريخية قد لا تتكرر

369 مشاهدات 0

مساعدات لمشردين في بر الكويت (القبس)

 عندما تقلب الصفحات الاقتصادية في الصحف الخليجية تشاهد صور ناطحات السحاب كالقمم الشم في دبي والدوحة والكويت وغيرها تسابق بعضها البعض في الارتفاع.و لا يضاهيها في هذا الاندفاع إلى الأعلى إلا أسعار النفط الخام في طريقها إلى 100دولار للبرميل .عندها لا تملك إلا الحمد الله سبحانه وتعالى على هذه النعمة .
هذا هو الجانب المضيء من القمر لكن المنطق يقول أن القمم الشاهقة لا ترتفع لعنان السماء إلا وهي تتكئ على السفوح ثم التلال، والتلال بدورها تكون قد ارتفعت بفعل ما خلفته من هوة سحيقة تسمى الوديان.

ونعود لتقليب الصحف الخليجية،وفي صفحة المحليات والشكاوى نرى الجانب المظلم من القمر بعناوين جارحة تقول بعائلات مشردة تعيش في بر الكويت، وتقول بأن بيت الزكاة أعلن أن أكثر من 49 ألف أسرة استفادت من تبرع الشيخ سالم العلي، وغيره الكثير من طلب علاج وعجز عن سداد ديون القروض،و أسرة مكونة من 9 أشخاص في غرفة واحدة. هذا في الكويت فقط بلد الشفافية والرقابة والتشريع. فماذا عن بقية دول المنطقة التي أكرمها الله بهطول أمطار الخير النفطية بعد طول انحباس فتشققت الأرض مكونة قمم عالية ووديان سحيقة؟

بعد الطفرة النفطية بداية السبعينات من القرن الماضي، ونتيجة لفساد مستشاريه الاقتصاديين ومعهم مستشاريه السياسيين جرى في إيران أيام الشاه صفقة زواج آثمة بين المال والسلطة، فراح الشاه يبدد أموال الطفرة النفطية على بناء عرش الطاووس، فأثرت حفنة من الإيرانيين وقبع في وادي الفقر بقية الشعب، فحدث التضخم والقلاقل والعصيان والتمرد والثورة والانهيار والحرب ....و...و...
وفي الخليج يخرج علينا المحللون والمستشارون الاقتصاديون بكل ما في جعبتهم من أفكار نيرة ودراسات عميقة دقيقة تسهب في كل شاردة وواردة إلا برامج التنمية لصالح المواطنين- كل المواطنين. يكتب هؤلاء الخبراء لتصب اجتهاداتهم في النهاية في جيب صاحب الثروة ،فيخترعون وسائل شتى لامتصاص ما في أيدي الناس من أموال، ويجندون رجال الدين لإباحة الطمع ، ثم يلوذون بالبنوك المركزية لتصدر بدورها تشريعات واستثناءات في القوانين ما هي إلا توسيع لحبل المشنقة حتى تسهل دخول رأس المواطن البسيط المحتاج لقرض من هنا وهناك فتصبح والحالة هذه تسهيلات بمسميات مهذبة لما هو أكثر تعاسة أقلها الجشع.

يتزامن مع الطفرة النفطية الحالية جهد منظم من قبل فئات اقتصادية وسياسية قادرة للأسف على التشريع والتنفيذ لخلق ما يؤدي لتآكل الطبقة الوسطى ومن ثم انهيارها.مما يؤدي لخلق قلة غنية جدا وأكثرية مثقلة بديون الفئة الأولى، ووسيلتهم في ذلك التهويل بالثبور وعظائم الأمور من زيادة الرواتب أو المنح أو عدم خصخصة القطاعات المنتجة التي يريدون الاستحواذ عليها ، وسلاحهم البنك المركزي والبنك الدولي والعولمة وغيرها .
ونتساءل لماذا تبذل الحكومات الخليجية هذه الجهود المستميتة لمحاربة كلمة 'الطفرة النفطية' رغم قفزات أسعار النفط وفائض الميزانيات
في صفقة زواج آثمة بين المال والسلطة؟ لماذا تقوم الحكومات الخليجية بدعم من يدعو لحرماننا من الطفرة النفطية؟
هل تخاف حكوماتنا الخليجية الرشيدة أن يطالبنا أحد بإعادة أعمار ما خلفته حرب مخيم نهر البارد الساخنة؟

توفر الوفرة المادية الهائلة فرصا تاريخية قد لا تتكرر. شبح الحروب على الأبواب، لا بل إن طبولها أقضت مضاجعنا، والمنطقة في مخاض التوقعات الدامية، والشرر يتطاير من حولنا..

قاتل الله الفساد، قاتل الله التخلف، قاتل الله سوء الإدارة. عوامل تعاونت وتآمرت، وشيئا فشيئا تحول الطفرة النفطية، إلى قهرة بشرية!!


 

تعليقات

اكتب تعليقك