د.المقاطع يكتب عن الفداوية الجدد الذين استهوتهم فكرة أن يكونوا بطانة متطوعة سيئة، ويحذرهم من أن الدائرة ستدور عليهم
زاوية الكتابكتب يوليو 10, 2010, 9:55 ص 2074 مشاهدات 0
الديوانية
بطانة.. أم فداوية؟
كتب محمد عبدالمحسن المقاطع :
«ملكيون أكثر من الملك» عبارة مشهورة ومثل مهم في إبراز الدور السيئ الذي تمارسه بطانة المسؤول، فحينما تحيط بالمسؤول بطانة سيئة، تُسدي إليه الآراء والنصائح التي تؤدي في نهاية الأمر إلى جلب البلاء على البلاد والعباد، فضلا عن أن مثل هذه البطانة لا تنقل الأخبار، ولا الأحداث، ولا الوقائع بأمانة وصدق، بل إنها تتفنن في أن تنقل المعلومة مجتزأة أو ناقصة أو مغلفة بصورة تُظهرها على خلاف الحقيقة، وفي جميع الأحوال، فإن مثل هذه البطانة تضر بالمسؤول والدولة، ولا تحقق أي نفع لهما، حتى وإن بدت في وقت من الأوقات أنها تحقق وضعا إيجابيا لذلك المسؤول. ويبدو أن البعض لدينا قد استهوتهم فكرة أن يكونوا بطانة متطوعة سيئة، فنرى أن هناك تسابقا محموما من أمثال هؤلاء في نقل المعلومات الخاطئة، وإعطاء الرأي الناقص وممارسة دور الملكيين أكثر من الملك، بطريقة تبني أفكارا وآراء لا يمكن أن يرضى عنها المسؤول ولا يقبلها، ومع ذلك يقومون بالدفاع رغم عدم وجود حدة أو منطق لموقفهم هذا.
وقد تزايدت أنماط هذه البطانة، منها ما هو ظاهر بوسائل الإعلام وفي الأماكن العامة، ومنها ما هو مخفي في دوائر القرار أو السلطة أو في دهاليزها ومنتدياتها الخاصة، وفي الحالتين يجب أن يتم التصدي لها والتخلص منها لخطورتها على البلد والحاكم أيضا.
وأمام فكرة ملاحقة الحريات والتضييق عليها التي أصبحت ظاهرة بارزة في الآونة الأخيرة، نجد أن هذه البطانة قد نشطت وزادت تحركاتها، وتعددت أدوارها وأصبحت لها همة متزايدة لمحاصرة الحرية، وحقيقة هؤلاء أنهم ضد الحرية وضد الديموقراطية، بل وحتى الدستور لأن حالة التعايش التي ينعمون بها كونهم بطانة للمسؤول يعرفون أن سبلها ستضيق وإمكاناتها ستقل ومصادرها ستنعدم أمام الرقابة والحرية والنقد وكشف المستور، ولذلك هم أعداء للحرية ويسعون إلى اجتثاثها كلما سنحت لهم الفرصة في ذلك، ولكن عليهم ستدور الدوائر، فإن خدمهم الزمان ساعة فلن يطول عليهم البال كل ساعة، وآن الأوان لإلغاء كل عقوبات الحبس لجرائم الرأي والاكتفاء بالغرامة والمسؤوليات المدنية، كما هو في كل الدول والديموقراطيات المتحضرة.
اللهم إني بلغت،،
أ.د. محمد عبدالمحسن المقاطع
تعليقات