300 بليون دولار حجم الرشوة فى البلدان العربية، وتحليل الرشوة أو الإكرامية والقبول بها كأسلوب حياة هو البوابة الواسعة في طريق الانحراف والفساد..تابعوا مقال رضا الفيلي

زاوية الكتاب

كتب 394 مشاهدات 0


 


إكرامية.. رشوة.. أم فساد؟
حديث النهار
رضا الفيلي 

 
صدّق أو لا تصدق ان حجم المبالغ من الأموال التي يتم دفعها من الجيوب المثقوبة للكادحين والمحتاجين وذوي الدخول المحدودة والمتوسطة المتدنية... على شكل إكراميات أو رشاوى وترضيات.. في الدول العربية بلغت 300 (ثلاثمئة بليون دولار) أميركي ما يشكل قرابة نصف الدخل القومي أو أكثر للشعوب العربية.. وجاء ترتيب لبنان في المرتبة الأولى وتليها مصر في المرتبة الثانية.. ولنا ان ندرك مدى الفساد والخراب والخلل في الإدارة الحكومية الرسمية التي تبتز المواطن وتفرض عليه الخوة لتفرج عن مصالحه وتسلك معاملاته وتسرع في إنجازها.. فيدفعها مضطرا متجرعا العلقم المر لأنه اقتطع تلك المبالغ على شكل رشاوى وتهذيباً إكراميات.. من أفواه أبنائه وحاجات أسرته ومستوى عيشهم وتعليمهم ورعاية صحتهم.. أما على الجانب المقابل من ضفة نهر الفساد والتفسخ الأخلاقي في نهب أقوات الناس فيقف المرضى في قلوبهم وضمائرهم من الموظفين الحكوميين الذين تقلدوا الأمانة والمسؤولية والذين يطلق عليهم في أوروبا تسمية «الخدام المدنيون» للدولة والشعب يقف هؤلاء لحماية بوابة الفساد، فهؤلاء اما انهم جشعون او ان رواتبهم متدنية ولا تكفيهم او ان من يعتلون المناصب الأعلى يتناصفون معهم الاكراميات والرشاوى... ورغم مشاعر التدين والخشية وأداء فروض الإسلام من صلاة وصوم وحج وزكاة وجهاد الا اننا نكتشف تصدعات وفجوات ومكبات في نفوسهم وضمائرهم يراكم فيها أولئك انحرافاتهم وسقطاتهم في تجاوزهم الثوابت والقيم والمبادئ والأمانة والصدق في اتمام واجبهم وعملهم على أفضل وجه...

فهل في مقدورنا تعريف هذه الظاهرة المرضية الشائعة والتي تعزز الكثير من الاشارات السلبية في طريقة التفكير والسلوك، والاحساس بالذنب والجرم في ان الرشوة سرقة واستلاب لحق ليس لنا؟ هل هو خلل وعجز وتخلف يسم جوانب من العقلية العربية المريضة في طلب بل قبول الرشوة؟ أليس من التناقض الشديد أن توحد الله وتشهد أن محمدا رسوله وتذهب إلى المسجد وتصلي وتؤدي فرائضك خمسا على مدار اليوم وتصوم وتحج وتزكي ومع ذلك تحلل طواعية دفع الرشوة لقضاء حاجتك وتبرر لمن يطلبها حقه وشرعيته في ذلك.

ان خلاصنا وانعتاقنا يكمن في الايمان الراسخ وفي الصدق والحق... وفي تحكيم العقل والضمير في كل قرار وعمل نؤديه.. ومن المفارقات التي نذكرها في هذا السياق ان قانونيا متخصصا يقول: إن التشريعات والقانون العام لم يعرّفا ما الرشوة والإكرامية ولم يرد ذكرهما على أنهما تعدٍّ على حق الآخر أو الاضرار به وبالتالي فكيف يثبت قانونا جرم أو جنحة لتؤسس بموجبها العقوبات على الراشي والمرتشي وكلاهما في النار؟

ألا تتفقون معي أن تحليل الرشوة أو الإكرامية والقبول بها كأسلوب حياة في ثقافتنا وأخلاقنا وقيمنا الأصيلة هو البوابة الواسعة في طريق الانحراف والفساد والانغماس فيه إلى ما لا نهاية؟
 
 

 

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك