ليس مستغربا أن تأتي الحكومات ضعيفة من الآن فصاعدا بعد ان سلم رأس الكويت لمن سعى باسم الدستور للمتاجرة به وارهاب الوزراء.وليس مستغربا ان تظل حكوماتنا حكومات ترقيع وتمشية أمور وحكومات ردود أفعال..فحوى افتتاحية . النهار

زاوية الكتاب

كتب 574 مشاهدات 0



التعديل الجديد... صب من حقنا لبن


إلى أين تأخذنا الحكومات الضعيفة؟
  

 
 
سمو أمير البلاد وسمو ولي العهد مع رئيس وأعضاء مجلس الوزراء بعد صدور مرسوم التعديل الوزاري على حكومة سمو الشيخ ناصر المحمد

ليست هناك دولة واحدة على سطح الأرض معفية من مواجهة المشاكل الداخلية او الخارجية. لكن، قد تختلف هذه المشاكل حسب كيان او نظام او حجم الدولة او موقعها او علاقاتها الخارجية او مواقفها او مستوى معيشتها او المستجدات التي تواجهها. والى فترة طويلة وعلى الرغم من مصيبة الغزو والغدر الغاشم الذي تعرضت له الديرة في الثاني من اغسطس 1990 الا ان الوضع الداخلي، وان واجه بعض حالات الجزر في العلاقة بين الحكم والناس، وهي مسائل طبيعية جدا في اغلب دول العالم الثالث وان كانت نادرة ومعدودة في الكويت وغالبا ما يكون السبب في الخارج هو الظلم وغياب العدالة والتسلط ومصادرة الحق بينما السبب في الكويت هو وقف العمل بمواد الدستور. فالكويت وعلى مر العقود تمتعت باستقرار داخلي نادر تعزز بدرجات عالية من الثقة والتمايز غير المصطنع بين الحاكم والمحكوم. ونحن كنا وهو شأن من سبقنا من الأهل أيضا، ولا زلنا ونحسب أيضا انه سيكون شأن الابناء والاحفاد من بعدنا، نفخر بنعمة العلاقة المثالية بين الكويتيين حكاما ومحكومين. وهي علاقة لا تقوم على حسابات الغالب والمغلوب. ولا متسلط أو ضعيف. وقد يكون الدستور نعمة نحسد عليها لكونه احد اكبر ضمانات دوام مثل هذه العلاقة من جهة. ولأنه الكافل لحرية الرأي والكلمة والموقف، وحق العمل والتعبير. ولأنه الضامن للممتلكات الخاصة. والفاصل بين السلطات. لذلك وفي مجتمع فتح عينه على مخافة الله و ما فتئ يشكر الخالق على نعمه وهي كثيرة والنفط احداها فقط، كان ولا زال بالامكان الحفاظ على هذه النعم من الزوال، والعمل على استثمار الممكن منها، وتطوير ما يوجب الزمن تطويره وهي سنة الحياة. غير ان الدخول في متاهات التنافر لا التجاذب، والتشكيك لا الثقة، والتعميم لا التخصيص، وافتعال الازمات بدلا من اطفاء المدسوس والخبيث، واستكمال بناء ادوات المزيد من قواعد الاستقرار، بدأ يسبب الكثير من الضرر الذي لا يمكن ان يكون وليد الساعة فقط، لكنه تعاظم الآن، وتفاقم وزاد الاذى عن حده. لكن اذا كانت الكويت ليست أول ولا آخر دولة تواجه مشاكل داخلية من التي تحدث الان والتي ما لم تواجه بحزم دستوري وقانوني وارادة خيرة نعرف مدى قوتها وثباتها، فانها ستظل تنذر بدفع البلاد الى حافة انهيار يسحب معه كافة الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية بما فيها القضائية وايلولتها الى يد بعض النواب، في نقلة لا يمكن إلا ان توصف بأنها انقلاب ابيض غير دستوري مارسته سلطة ضد بقية السلطات. وهو أمر لا يفترض ان يحصل في بلد تتشدق الاغلبية فيه بالعمل بكل الطرق الممكنة على منع أي توجه حكومي لتنقيح او تعديل او تعطيل الدستور، حتى في حالات الطوارئ. مع ان الدستور ليس كتابا منزلا ولا يتمتع بقدسية ربانية تحول دون تطويره كلما دعت الحاجة الى ذلك. بل ان اقطاب البرلمان، وفي مرات عدة المحوا لخدمة اغراض شخصية لم تعد مجهولة، بأن جهات عليا في البلاد، تعد لتنقيح الدستور وذلك خلافا لتأكيدات سامية بعدم وجود أي نوع من هذا التوجه! ولم نر او نسمع، ان هذه الاقطاب المدافعة عن الدستور أبدت أي اعتراض او اظهروا أي عدم اتفاق او أي نوع من التبرم او النقد للافراط غير المقبول في الضغط الذي يمارسه زملاء لهم على عدد من الوزراء للحصول منهم على امتيازات واستثناءات وإعفاءات او دفعهم للقبول بتوجهات لها تكاليف وجوانب مالية يمكن ان ترهق الدولة او تسبب تضخما اقتصاديا او ارتفاعا فاحشا في اسعار الكثير من السلع والخدمات. وعلى مدى نحو اثنين وعشرين شهرا حتى الان ، بتنا نعيش على وقع صدى جديد غير مألوف اطاح بخمسة وزراء حتى الان. ولا يبدو ان مقصلة الاعدام السياسي يمكن ان تتوقف بل ان الشواهد تشير الى احتمال سقوط عشرات الرؤوس الاخرى وهم جميعا من ابناء البلد ومن عيونه. فالحقيبة الوزارية ليست تذكرة سفر يشتريها المقتدر او يشتريها له ولي الامر بغض النظر عما اذا كان المسافر مؤهلا أم لا، كبيرا في السن ام صغيرا يمكن استبدالها بدرجة اخرى او تغيير الخط او الشركة الناقلة ولا هي وظيفة اختبار ولا دورة تدريبية يمكن اعفاء من لا يثبت كفاءته خلال فترة محددة. ولسنا هنا بصدد الدفاع عن احد ولا لوم احد لكن اما وقد تعب الناس من متابعة وقائع ساحات الكر والفر وهي من طرف واحد وهم بعض السادة النواب الذين باتوا يطاردون كل من يقف في طريق تطلعاتهم وطموحاتهم وليس مهما ان كانت في الاثراء السريع او في العقود والمعاملات والمشاريع او من اجل خدمة الوطن والتصدي للفساد وهو هدف نبيل لا يختلف معهم عليه مواطن مخلص شريف، لكن ان تكون للحسابات شأن غير مصلحة الوطن والمواطن، وشعارات دستورية لاعلاقة لها بالدستور بعد ان بات السطو المنظم من قبل سلطة واحدة على ادوات وصلاحيات بقية السلطات عملا منهجيا مبرمجا اوراقه جاهزة ومكتوبة وفقراته معدة بمقاسات يمكن ان تطال أي وزير، وبدلا من ان تواجه الامور بحزم القانون وقوة الدستور للدفاع عن الكويت اذ ان الدفاع عن الدستور ليس اكثر قدسية من الدفاع عن البلد ولا عن اهل البلد وصيانة كرامتهم، تقدم التنازلات بدلا من ذلك ويحرم من توجه لهم الاتهامات بحق او بغير حق من اعتلاء منصة البرلمان حتى وان كان قفص الاستجواب للدفاع عن انفسهم ويطاح بهم كما تم مع السنعوسي من قبل دون منحهم الفرصة لابراء ذممهم وبيان الحقيقة. لذلك ليس مستغربا أن تأتي الحكومات ضعيفة من الآن فصاعدا بعد ان سلم رأس الكويت لمن سعى باسم الدستور للمتاجرة به وارهاب الوزراء. وليس مستغربا ان تظل حكوماتنا حكومات ترقيع وتمشية أمور وحكومات ردود أفعال. وهي حكومات يدرك الجميع بمن فيهم الوزراء أنفسهم أنها وقتية وقد لا تستمر من الآن فصاعدا اكثر من عدة أسابيع وهي فترات لا تكفي لتوفير الاستقرار لمن يريد أن يعمل ولا اتاحة الفرصة لمن يريد ان يدرس ويراجع ما اعد وانجز قبله ويخطط المستقبل في اطار برنامج عمل حكومي لا يمكن ان يستقيم بدون حكومة قوية رصينة على قدر عال من الكفاءة والامانة والخبرة. والسؤال الآن ونحن في زمن لا يسهل علينا ان نقول انه بداية عصر الكوارث التي تجرها تنازلات اصحاب القرار وليس الوزراء فقط لصالح بعض النواب حتى لم يبق شيء لم تتم الاستجابة اليه ضمن سلسلة طلبات تعجيزية لا يقبل بها أحد إلا أصحاب القرار فأي شخصية مشهود لها بالكفاءة والخبرة والموهبة والقدرة على المشاركة في صنع وتحمل مسؤولية القرار من ابناء الكويت ستقبل باي حقيبة وزارية من الان فصاعدا مادامت مقاصل الاستجوابات تترك الغايات القانونية التي نص عليها الدستور وتركز على التجريح والتلويح والابتزاز والتشهير! واي ضمان بالكرامة للمواطن في مواد الدستور طالما ان لا كرامة لاي وزير! ان هذا التصعيد الذي قاد الى تعديل وتنويع لا نقلل من شأن أشخاصه فهم كلهم كرام لكن العمل الحكومي يتطلب غير ما يعمل به الان من استعداد للتضحية بالوزراء ارضاء للنواب فباتت تأتي الرياح بما يشتهي اصحاب الاهواء. لا احد بامكانه ان يزعم ان الوزراء ملائكة او معصومين ولا يجوز بالتالي المساس بهم ولا احد يستطيع ان يفكر حتى بان سواهم شياطين. نحن قوم ينطبق علينا مثل أي اسرة واحدة صغيرة متحابة القول المأثور «حنا عيال قرية وكل من يعرف أخيه». لا شك ان هناك حدودا وكرامات وفواصل ومكانات تبعا لوضع كل فرد في هذه الاسرة ودوره وحجمه واسهاماته وتميزه لكن السلطات حتى الدستورية منها لا تنزع عن الاخرين كراماتهم ولا تبيح ابتزازهم ولا التشهير بهم ولا التقليل من شأنهم. كنا بصدد القول قبل اعلان سمو الرئيس ناصر المحمد الأحمد وصدور مرسومي التعديل الوزاري واعفاء الوزير المعتوق من منصبه انه قد أن الاوان للحكومة ان تدافع عن نفسها وان تستخدم الادوات الدستورية لحماية الامة لا الافراد ومصالح البلاد لا الاهواء. لسنا في حلبة مصارعة ولا نقبل ان تتحول الكويت العزيزة الغالية التي هب العالم لنصرتها في وجه العدوان والغدر، الى ساحة معارك داخلية توقف الانشطة وتشل الحياة الاقتصادية وتلحق الاضرار بالمال والافراد على كافة المستويات. هناك خلل في البناء الحكومي يبقيه ضعيفا على الدوام وهناك عجز عن المواجهة وهناك عدم ايمان بجدوى الدفاع عن اختصاصات وكرامة السلطة التنفيذية وهو امر نخشى ان يطال استقلالية القضاء قريبا والا لماذا كل هذا الضعف والخنوع امام النواب؟ ولماذا لا تستكمل الاجراءات الدستورية لينال كل ذي حق حقه؟ ولماذا يحرم المستجوبون من فرصة الدفاع المشروع عن النفس! ألا يدفع كل هذا الضعف بالحكومة الرشيدة الى تسليم البلد برمتها في يوم ما الى من يريد كل شيء ولا يقف ما يريده عن حدود المقبول؟ كيف يمكن ان يقال عن الحكومة كل هذا الذي يقال وحكومتنا الرشيدة صامتة مسلمة امرها الى الله. بقي ان نقول ان المعتوق وبغض النظر عن الكلام الذي قيل عنه وبعضه سيظل زبدا طالما ان الاستجواب لم يقع ولم يحصل على فرصة للدفاع عن نفسه، انه أي المعتوق الذي اقيل كما اقيل السنعوسي قبله كان يريد حماية الحكومة لأن الاستجواب كان موجها للحكومة. وان التعديل الوزاري الجديد لن يوقف الاستجوابات طالما بات البعض من النواب يعرف ان بامكانه ان يحصل على ما يريد بالحق والباطل وان الاخطاء التي تؤلم وتكلف الكويت الكثير، ليست اخطاء الوزراء فقط. واذا كان التشكيل ليس خارج حدود « صب من حقنا لبن» فان من باب اولى القول للحكومة الجديدة والشعب الكويتي : الله يعينكم على التشكيل الجديد
 

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك