طلب مهلة الثلاثة أشهر طلب غريب ظنه الديين مازحا ويرى أنه عبث يثبت عجزها الواضح

زاوية الكتاب

كتب 545 مشاهدات 0


الطلب الغريب!
كتب أحمد الديين

الأصل في النظم الديموقراطية البرلمانية أن تطلب الحكومة الثقة من المجلس النيابي في بداية تشكيلها، فإما أن تنالها فتباشر عملها في إدارة البلاد مدعومة بثقة الغالبية النيابية، أو أن تحجب هذه الغالبية الثقة عن الحكومة فتتشكل بدلاً منها حكومة جديدة قادرة على نيل الثقة... ويمكن أن تفقد الحكومة ككل ثقة البرلمان في أي وقت بعد نيلها الثقة أول مرة... أما نظامنا الدستوري، الذي يمثل حداً أدنى من النظم الديموقراطية وهو استثناء منها وليس القاعدة المتبعة فيها، فلم يبلغ هذا المبلغ بعد، إذ يمكن أن تباشر الحكومة عملها من دون حاجة لأن تنال الثقة المسبقة من مجلس الأمة، بل لا يمكن طرح الثقة بالحكومة ككل مهما قصّرت واتضح عجزها وفشلها، وإنما يمكن فقط أن تطرح الثقة بهذا الوزير أو ذاك على نحو منفرد، وذلك بعد المرور باستجوابه حول وقائع محددة، ولا يمكن أن يسحب المجلس الثقة من رئيس مجلس الوزراء وإنما يمكن للمجلس فقط أن يعلن عدم تعاونه معه، وفي هذه الحالة فإنّ الأمر كله يعود إلى الأمير كحَكَم ليقرر إما حلّ المجلس أو إعفاء رئيس الحكومة، الذي يمكن أن يعاد تكليفه مجدداً ولا يمكن أن يعتزل منصبه إلا بعد قرار مماثل من المجلس الجديد بعدم التعاون معه... وهذا كله تحصين استثنائي ما بعده تحصين للحكومة ولرئيسها ولأعضائها تجاه المساءلة النيابية ابتدعه المشرع الدستوري الكويتي ليوفر للحكومة ما لم يوفره أي دستور آخر في بلد ديموقراطي من حماية وتحصين واستقرار.

ولكن يبدو أنّ سمو رئيس مجلس الوزراء لا يجد هذا التحصين الدستوري المبالغ فيه للحكومة تجاه المساءلة النيابية كافياً فنقرأ على لسانه تصريحاً يطلب فيه من النواب إمهال الحكومة ما بين ثلاثة أشهر إلى سنة، وكأنّ الحكومة الحالية، وهي الثالثة التي شكّلها سموه خلال أقل من سنتين، تشكلت هذا الأسبوع فقط، مع أنّها تشكّلت في 25 مارس الماضي، وقد مرَّت على تشكيلها حتى الآن سبعة أشهر، وكان أمامها الصيف بطوله خلال عطلة مجلس الأمة لأن تستكمل تشكيلها الناقص، ولأن تنجز ما يمكنها أن تنجزه في غياب المجلس، ولكن شيئاً من هذا لم يحدث... فماذا نتوقع أن تفعل هذه الحكومة خلال مهلة الأشهر الثلاثة أو حتى مهلة السنة، التي طلبها سمو رئيسها؟!

ولعلي لست واثقاً تماماً ما إذا كان سمو رئيس مجلس الوزراء جاداً في طلبه أم أنّه كان مازحاً... إذ هل يتوقّع سموه على سبيل المثال أن يقرر مجلس الأمة التخلي عن مسؤولياته الرقابية الدستورية تجاه الحكومة خلال المهلة، التي طلبها، بحيث لا يُساءل الوزراء عن قراراتهم، ولا يتم تقديم أي استجوابات لهم، ويتوقف عمل لجان التحقيق البرلمانية القائمة، ولا تتشكل لجان تحقيق جديدة في أي شأن يستجد، وذلك إلى أن تنتهي المهلة؟!

وبافتراض أنّ سمو رئيس مجلس الوزراء كان جاداً في طلبه الغريب العجيب، وبافتراض أنّ مجلس الأمة قرر الاستجابة له، فما هو في المقابل التزام سموه؟... هل سيستقيل سموه وتستقيل معه حكومته ويعتذر عن عدم تشكيل الحكومة الرابعة إن لم تتمكن حكومته هذه من تحقيق الانجازات الموعودة خلال المهلة المطلوبة؟... أم تراه سيطلب من مجلس الأمة مهلة إضافية؟... أم لعلّه سيدوّر بعدها مَنْ يدوّر من الوزراء المقصرين حتى لا يستجوبوا، ويعيد تشكيل حكومته مرة أخرى، ثم يطلب لها مهلة جديدة؟!

هذا عبث لا صلة له بإدارة شؤون الدولة الكويتية الحديثة في إطار ما رسمه الدستور، وهو دليل إضافي جديد يثبت العجز الحكومي الفاضح، الذي لم يعد في حاجة إلى إثبات!

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك