سعاد المعجل: تكتب عن اعتماد صحفنا على اليانصيب

زاوية الكتاب

سعاد المعجل: تكتب عن اعتماد صحفنا على اليانصيب

كتب 492 مشاهدات 0


مع توالي إصدار الصحف الجديدة.. تنشط التحليلات لما يتعلق بتأثير مثل هذا الازدحام في السوق الإعلامي المكتوب بالقادمين الجدد على مسار الصحافة في الكويت بشكل عام. من الأمور التي يتفق عليها كل المحللين ان زيادة اعداد الصحف ستؤدي حتما الى زيادة التنافس.. وبالتالي إلى مضاعفة الحماس والعمل للاستحواذ على اكبر حصة من القراء.. لكن السؤال هنا يدور حول اتجاه مثل هذه المنافسة المرتقبة.. وهل ستكون منافسة باتجاه تطوير العمل الصحفي.. والصحافة كمهنة.. أم ان هنالك امورا اخرى ستدخل في معادلة التنافس حتى وان لم تكن ذات علاقة بالصحافة والمهنية. في تصوري.. ومن خلال رصد واقع الصحافة الكويتية الحالي.. فإن التنافس لن يكون بالضرورة تنافسا مهنيا.. وانما سيغلب عليه الى حد كبير طابع التنافس التجاري البحت، والذي سيعمل على توظيف انشطة واساليب لا علاقة لها بالصحافة كمهنة. صحافة 'اليانصيب' التي اجتاحت عالم الصحافة الكويتية اليوم ستكون من أبرز مؤشرات التنافس السيئ أو الخارج عن المهنية الحقيقية.. وهي اي صحافة 'اليانصيب' أصبحت مؤشرا خطرا، خاصة في ظل ظروف الكويت الاقتصادية والتي تحظى بكم هائل من السيولة المالية، مما يؤمن للصحف توفير اموال طائلة لجذب 'القارئ' او 'الزبون'.. والذي يتمتع هو الآخر بالسيولة الكافية للاشتراك في اكثر من جريدة!! صحافة 'اليانصيب' هذه تطالعنا يوميا بسحوبات مغرية على جميع اشكال الكماليات والرفاهيات.. وبحيث يؤمن الاشتراك السنوي 'للقارئ' فرصة دخول اليانصيب.. من دون ان يشترط ذلك اطلاعا او متابعة جادة لمادة الصحيفة من قبل القارئ 'الزبون'.. حتى انه يقال ان ما يقارب ثلث المشتركين في احدى الصحف المحلية هم من غير المتحدثين او الملمين باللغة العربية!! ولكن من المسؤول عن مثل هذا الانحراف عن الدور الحقيقي للصحيفة؟ هل هم اصحابها.. ام قراؤها من جمهور المتابعين؟، ام الاثنان معا؟! هنالك ولا شك مسؤولية يتحملها القارئ تجاه دور الصحافة في المجتمع بشكل عام!! ففي المجتمعات المتقدمة يلعب الجمهور دورا مهما جدا في مراقبة الصحافة او في تقييمها بشكل يفرض عليها ان تؤدي دورها المطلوب والمفروض.. ففي فرنسا على سبيل المثال ثارت ضجة كبيرة ضد صحيفة اللوموند الشهيرة حين انحرفت عن الطريق الذي رسمه لها الرئيس الفرنسي 'ديغول'.. وبحيث تكفل الشعب الفرنسي بمهمة الدفاع عن جريدته التي يرى انها تعكس ضمير فرنسا، فكان ان حرك كتاب 'الوجه الخفي لصحيفة اللوموند' الصادر في عام ،2003 مشاعر الجمهور الفرنسي ضد تراجع 'اللوموند' عن موقعها كسلطة معارضة الى موقع المتمادي في استخدام السلطة. القارئ اذا هو جزء رئيسي من اي صحيفة، ليس بصفته مستهلكا لسلعة تجارية، وانما بكونه اداة تقييم، ومصدر فرز في دنيا الصحافة، وهو الدور الذي ينتظر القارئ الكويتي، خصوصا في ظل الانفتاح الرهيب في عالم النشر والصحافة! والصحيفة الذكية ستكون هي الصحيفة التي تصغي جيدا لنقد القارئ وتقييمه، وبالتالي الى همومه وشؤونه، وقضاياه! سعاد المعجل
القبس

تعليقات

اكتب تعليقك