سعود العصفور: البلد على كف عفريت بسبب مؤسسة الفساد

زاوية الكتاب

كتب 460 مشاهدات 0


إذا صحت الأنباء التي ترددت عن ضلوع مسؤولين في وزارة الإعلام الكويتية في فضيحة «الأهرام - غيت»، فإن ثقتنا المتدهورة أصلاً كمواطنين كويتيين في مؤسساتنا الحكومية سوف تزداد تدهوراً بعد هذه الفضيحة. إن تهمل مؤسسة حكومية في أداء دورها المناط بها، أو أن يتكاسل مسؤولوها عن القيام بما هو مطلوب منهم بحكم مناصبهم، أو حتى أن يتعمد أي مسؤول في أي مؤسسة حكومية أن يخالف القانون لمصلحته الشخصية، فهذه كلها أمور أصبحت «اعتيادية» لدى المواطن الكويتي، وتولدت لديه أجسام مضادة تعطيه المناعة الكافية ضد مثل هذه الأخبار «المحزنة». لكن أن تتعمد مؤسسة حكومية تشويه صورة الكويت وشعبها وديموقراطيتها عبر خطة منظمة لها تفرعات داخلية وخارجية، فهذا أمر جديد، ولم يكن يخطر على بال أشد المتشائمين من أبناء هذا الشعب! هل أصبح الفساد لدينا مؤسسة قائمة بذاتها تمتد أياديها إلى داخل غالبية مؤسساتنا الحكومية؟ وهل أصبحنا كشعب نُحارب بأموالنا، ويعتدى على ديموقراطيتنا واختياراتنا الشعبية، ونقوم نحن بدفع الفاتورة في النهاية؟ ورغم أن الخطأ الذي ارتكبته جريدة «الأهرام» بنشرها إعلاناً على شكل خبر تحريري، فيه ما فيه من التعرض إلى الشؤون الداخلية الكويتية والمساس برموزها، خطأ فادح ارتكبته صحيفة عربية كبيرة، إلا أنه يظل خطأ يتضاءل ويفقد أهميته إذا ما قورن بـ«جريمة» من دفع وأوعز وعمل على نشر مثل ذلك الإعلان في صحيفة «الأهرام» وغيرها من الصحف المحلية. والحديث عن أن ما نشر في «الأهرام» ينشر مثله، وربما أكثر في الصحف الكويتية، لا يغير من سوداوية الأمور شيئاً، فما ينشر في الصحف الكويتية يعبر عن رأي صاحبه، وقد نتفق وقد نختلف مع صاحب الرأي في رأيه، لكن ما نشر في «الأهرام» كان محاولة «يائسة» و«كارثية» لتشكيل الرأي العام المحلي في الكويت وتوجيهه إلى وجهة معينة تبرر لمن يعمل جاهداً على حل المجلس حلاً غير دستوري. ما حدث في فضيحة «الأهرام - غيت»، إذا ماصحت أنباء تورط البعض في وزارة الإعلام، يعتبر «خيانة عظمى»، وإن حاول البعض التقليل من حجمها ونوعها وتأثيرها، ويجب أن تُعجل وزارة الإعلام بعرض نتائج تحقيقها الجاري وبشفافية كبيرة، فإن الثقة في مسؤوليها لم تعد كافية للاعتماد على «حسن تعاملهم» مع هذه الفضيحة. كما يجب أن يُحال الشخص أو الأشخاص المتورطون في هذه الفضيحة الإعلامية السياسية إلى جهات التحقيق المعنية، وأن يُساءل المسؤول المباشر عن هذا التعدي الواضح على الشعب الكويتي ومؤسساته وخياراته الديموقراطية. مؤسسة الفساد هذه هي ذاتها التي حاولت في السابق «اغتيال» أعضاء في مجلس الأمة، ودخلت بكامل أسلحتها «غير الشرعية» في الانتخابات البرلمانية، لكي تحارب المرشحين المهتمين في قضايا المال العام، وجعلت الأحكام تصدر من «دون تاريخ»، وهي التي مارست كل أنواع التضليل الإعلامي والسياسي تجاه المؤسسة، وهي ذاتها التي تحاول ضرب الشعب الكويتي ببعضه فئوياً وطائفياً وسياسياً، وهي التي حمت ولا تزال تحمي «سراق المال العام» خلال أكثر من ستة عشر عاماً. عندما يصبح للفساد مؤسسة تنظم شؤونه وترعاه وتحمي أطرافه، فاعلم أن البلد أصبح على «كف عفريت»، ولن يمضي وقت طويل قبل أن تتمادى هذه المؤسسة في طموحها ورغباتها وتصل إلى مرحلة يصعب على الجميع ـ من دون استثناء ـ إيقافها! إحدى الصحف المحلية، التي نشرت خبر «الأهرام»، نشرته على شكل «إعلان» داخل مستطيل إعلاني، فهل كان ذلك الإعلان مدفوع الثمن أيضاً؟ سؤال نحمّل لجنة التحقيق الوزراية مسؤولية الإجابة عنه! كاتب ومهندس كويتي
الرأي

تعليقات

اكتب تعليقك