حمد الجاسر: يفتح ملف رشاوي الاعلام للكتاب العرب
زاوية الكتابكتب يونيو 12, 2007, 2:32 م 498 مشاهدات 0
مقال صحيفة «الأهرام» الذي قيل ان مسؤولا في وزارة الاعلام الكويتية طلب نشره
من أجل الاساءة الى مجلس الأمة، يفتح ملفا كان يجب أن يعالجه النواب منذ زمن
بعيد، وهو في نظري أهم وأخطر من المقال، انه ملف المدفوعات المالية التي توزع
سنويا من قبل سفاراتنا والملحقيات الاعلامية في الخارج وبالملايين من أجل كسب
بعض وسائل الاعلام.. أو اتقاء شرها.
ووفق معلومات، فإن السفارات والملحقيات الاعلامية في عدد من العواصم العربية،
تدفع سنويا لقوائم معدة مسبقا من الصحف والكتاب والاعلاميين مبالغ مالية،
بدعوى أن ذلك جزء من سياسة «دفتر الشيكات» لكسب الاعلام العربي ومن ورائه
الجمهور العربي.. وهيهات، ووفق ما قاله لي صديق قريب من هذا الملف فإن كل
صحيفة تحصل على ما بين 100و 150 ألف دولار على شكل «اشتراكات»، أما الكتاب
والاعلاميون فيدفع لهم ما بين خمسة الى عشرة آلاف دولار سنويا، يضاف الى ما
سبق الهدايا العينية و «الساعات» التي توزع كلما زار مسؤول كويتي بعض هذه
العواصم.
ويتابع الصديق، ان ما يحدث عادة هو ان هؤلاء الكتاب والاعلاميين لا يقدمون أي
شيء يذكر لمصلحة الكويت ما لم يكن ذلك جزءا من سياسة حكومة بلادهم في مرحلة
ما، ولسان حال هؤلاء الكتاب هو «أعطونا حتى لا نشتمكم» وهكذا فإن كتابا آخرين
غير مشمولين بالكرم الكويتي يندفعون الى مهاجمة الكويت حتى يضمنوا لأنفسهم
مكانا في قوائم المدفوعات، وبدلا من أن تخدم المدفوعات الكويت نجدها ترتد
علينا حقدا وحسدا.
ويبدو ان سياسية الدفع هذه تعود الى الستينات، والمنطق من وجودها كان كسب
مساحة من القبول والتعاطف مع الكويت في الشارع العربي لتبديد المزاعم
العراقية «القاسمية» بان الكويت هي «اللواء السليب»، وفي ذلك الوقت كان هذا
المنطق مقبولا الى حد ما، لكن سياسة الدفع هذه صارت بعد ذلك شىئا آخر، وباتت
قوائم المدفوعات تتحدد على اساس نفاق بعض الصحافيين والصحف العربية للمسؤول
الكويتي الفلاني أو الديبلوماسي الكويتي الفلاني، ولم يعد الدفاع عن الحقوق
الوطنية الكويتية هو اساس الدفع.
ولأن من يقبل «القبض» من الكتاب والاعلاميين هم الأقل تأثيرا في شارع الصحافة
العربي او بعض الصحف الفاقدة المصداقية عند شعوبها بات من غير المجدي ان تكتب
هذه الصحف لمصلحة الكويت أو تدافع عن قضاياها، بل ربما صار مضرا أن يكون
المدافعون عن قضايانا عند الشارع العربي من هم على هذه الشاكلة، وهكذا فإننا
ندفع سنويا الملايين لنشتري الوهم، ولنشتري اقلاما ان هي مدحتنا لم تنفعنا.
وان هي شتمتنا فلن تضرنا.. فلماذا الدفع؟
نعم.. كثير من دول العالم تعتمد سياسة «دفتر الشيكات» لحماية مصالحها وأمنها،
ولكن ليس على طريقة «من صفعك على خدك الأيمن فافتح له جيبك الأيسر»، والشارع
العربي الذي ندفع من أجل كسبه لا قيمة له في القرار السياسي في الدول التي
ينتمي اليها، وقيمة اي دولة عند الشعوب الأخرى في انجازاتها المحلية لا في ما
تنشره الصحف عنها، والعجيب في الكويت ان الحكومة تمنع البث الفضائي لجلسات
مجلس الأمة، وهو ما يجب ان نفاخر فيه بين العرب، بينما هي تدفع الملايين من
أموالنا لمن لا يستحق.
ولا بد من الإشارة هنا إلى شيء آخر وهو حال الملحقيات الاعلامية الكويتية في
الخارج والمستوى العلمي والتأهيلي لكثير ممن يتم ابتعاثهم اليها مع إقرارنا
بوجود كفاءات كويتية في بعض هذه الملحقيات لكنهم ليسوا الأغلبية، وما نشرته
«الوسط» الأسبوع الماضي من معلومات عن مؤهلات بعض العاملين يعطي فكرة عن غياب
اي تصور واضح عند وزارة الاعلام لدور هذه الملحقيات، بل صارت هدفا لوساطات
نواب مجلس الامة ومكافأة انتخابية لبعض الراغبين في العيش في الخارج، وبات
عمل كثير من الملحقيات هو في «التشريفات» استقبال المسؤول الفلاني أو عائلته،
وتوديعهم حتى نفر من هذه المواقع كثير من الإعلاميين الشباب.. فما جدوى
الملحقيات؟ ومتى نوقف هذه الملايين التي تضر ولا تنفع؟
الوسط
تعليقات