بعدما تحول عدد لا يستهان به من النواب إلى مرتزقة، الفساد لن يسقط الحكومة برأى محمد مساعد الدوسري
زاوية الكتابكتب يونيو 17, 2011, 1:08 ص 780 مشاهدات 0
عالم اليوم
غربال
الفساد لا يُسقط الحكومة!
كتب محمد مساعد الدوسري
بعد الكم الكبير من الاستجوابات التي قدمت لرئيس الحكومة ووزراء آخرين، والتي تضمنت عددا كبيرا من القضايا
المدعمة بتقارير ديوان المحاسبة وأحكام قضائية ومستندات واضحة لا تقبل الشك، فإن ما توضح لي كما لغيري أن
الحكومة ووزراءها غير قابلة للإطاحة بقضايا فساد، حتى لو كانت هذه القضايا واضحة وضوح الشمس في رابعة
النهار.
هذا الموضوع يجب أن يناقش من قبل الجميع، وأن يتم توضيحه للخاصة والعامة، إذ إن ترسيخ فكرة قابلية المفسدين
والفساد للنجاة من العقاب وعدم القدرة على محاسبة المتسببين به، هو وصفة سريعة وسهلة للشعب الكويتي أن الفساد
أمر صحي، ما يجعل الجميع متساهلا مع هذا الفساد الذي لا يجد أي محاسبة في حالة اثباته على الحكومة أو
وزرائها، ومن باب أولى ألا يتضرر صغار الموظفين والعاملين في الدولة من الفساد إن كانوا شركاء فيه، وبمقتضى
ذلك فإنه لا غرابة إن تفشى الفساد في أجهزة الدولة ومفاصلها.
إن السكوت عن قضايا الفساد التي فاحت روائحها وأزكمت الأنوف، منافسة في ذلك الروائح المنبعثة من محطة
مشرف، أحد قضايا الفساد التي لم يجد المسؤولون عنها أي محاسبة أو عقاب، هو سكوت عن انهيار الدولة وتآكلها،
فلا يمكن تصور دولة ينجو فيها المفسدون من العقاب، أن تزدهر أو تتطور أو تتكاثر فيها الإنجازات، بل أن الأمور
تفاقمت لدرجة أن هؤلاء المفسدين يكرمون وينصبون في مناصب أعلى، ولنا في قضية مولدات 2007 عبرة، وكيف
نجا فيها المسؤولون عنها، بل وتم ترقية بعضهم واسناد إدارة مشاريع لهم أكثر ضخامة من ذاك الذي شمله الفساد.
شمول هذا الفساد للجانب التشريعي والرقابي للمجلس، وتزايده بشكل كبير في الآونة الأخيرة، بحيث تحول عدد لا
يستهان به من النواب إلى مرتزقة يجندون بنادقهم لمن يدفع أكثر، هو مسمار آخر يدق في نعش الدولة، فعندما يتم
اختراق بيت الأمة بهذه الطريقة، فلا يمكن تفسير ذلك إلا بأنه إفساد لذمم مشرعي الأمة واختطاف لإرادتها وقرارها،
وهو فعل تفشى في الآونة الأخيرة، جاء بعدة أشكال قد تكون الشيكات إحداها، إلا أن العطايا والهبات من أموال
الدولة ومن مناصب الدولة كانت هي الأداة الأبرز لهذا الإفساد لذمم بعض هؤلاء الأعضاء.
الفساد لا يسقط الحكومة، وهو أمر أصبح مسلما به في ظل واقعنا المرير المليء بالفساد المتفشي في كل مناحي
الحياة، وهو ما يعطينا لمحة بسيطة لشكل الدولة في السنوات المقبلة، فمن يتحدث عن التنمية والانجاز والنجاح واهم
بلا أدنى شك، فكيف يجتمع الفساد والنجاح، وكيف يتآلف الإفساد مع مجلس تشريعي يفترض به تمثيل الأمة، لا تمثيل
من يدفع أكثر، وهل من المعقول أن نبني دولة ناجحة إن كانت محاربة الفساد تُحارب من مؤسسات الدولة المعنية
ببناء الدولة؟.
تعليقات