جريمة ' سكراب ' طوارئ كهرباء 2007.. مفضوحة و'مصلـّعة' !

زاوية الكتاب

الزيد يطالب بايقاف جميع المتهمين فيها عن العمل ويستغرب من ابعاد لجنة التحقيق البرلمانية اسماعيل الغانم عن الاتهام

كتب 6613 مشاهدات 0

بدر الشريعان وزايد الزيد وعبدالعزيز الرومي

أوقفوهم عن العمل

زايد الزيد

                  
جريمة الاعتداء على المال العام التي حدثت فيما يعرف بفضيحة 'سكراب' توربينات طواريء 2007 ،  هي جريمة من العيار الثقيل بكل المقاييس ، فلقد تعودنا في الكويت أن السرقات الشائعة في المناقصات ، الكبرى منها والصغرى ، يتمثل فيها واحد من أسلوبين : إما في الأسعار ، أو في الاخلال ببعض الشروط الفنية ، أو في الأثنين معا ، لكن أن يتم تضييع مايناهز 408 مليون دينار على توربينات ' سكراب ' بعضها تعود سنة صنعه لسبعينيات القرن الماضي ، فهذه واحدة من السرقات الفضائحية التي لم تحدث  في الكويت من قبل !!

المهم ، أن هذه الفضيحة المدوية ، وبعد مرور مايقارب على الثلاثة سنوات من كشفها وإثارتها ، على يد مجموعة قليلة من شبابنا الأبطال في ديوان المحاسبة ، كان أبرزهم فيها دورا ثلاثة : الوكيل القديم / الجديد بالديوان ، رئيس القطاع عبد العزيز اليحيى ، وكبير مدققي الديوان احسان عبدالله ، ورئيسة الفريق الأخت البطلة حنان الغرير ، أخت الرجال ، الذي لايعلم سوى الله وحده كم جرت عليها هذه القضية من ضغوطات أسرية واجتماعية ووظيفية مزعجة ، وصمدت بوجهها كلها بصلابة يفتقد إليها الكثير من 'رجال' هذه الأيام ! نقول بعد مرور هذه السنوات الثلاثة العجاف ، ورغم وجود بلاغ في النيابة العامة في القضية ذاتها ، تحرك الجهد النيابي أخيرا ، ولهذا الموضوع قصة أخرى ربما تتاح لنا الفرصة لاحقا لكشف تفاصيله المثيرة !!

تحركت القضية في الأيام الأولى من عمر هذا المجلس ، من خلال أولا ، النائب النشط فيصل المسلم ، الناطق الرسمي باسم كتلة التنمية والاصلاح ، بإمطار وزير الكهرباء السابق – غير المأسوف على رحيله - بدر الشريعان ، بأكثر من 60 سؤالا برلمانيا ، ورغم أن الوزير ، قد وعد المسلم بالإجابة على الأسئلة ، خلال أسبوعين فقط ، إلا أنه يبدو أن يوم الوزير غير المأسوف على رحيله ، يعادل شهرا أو يزيد مما نعد نحن البشر العاديين ، فبعد عام ونصف أجاب الشريعان على الأسئلة بشكل سري ! ولاندري كيف يستقيم الحال بين الصرف من المال العام بمئات الملايين من الدنانير على المشاريع ، وبين التعامل مع تفاصيل هذا الصرف بالسرية المطلقة ؟ طبعا هذا لايحدث إلا في عهد خطة التنمية المليارية التي ضحكوا بها علينا  ، وفوق ذلك أنهم بشّرونا بشفافيتها !!

وبالتزامن مع خطوة أسئلة المسلم ، تبنت كتلة العمل الشعبي ، بشكل قوي ومكثف تشكر عليه ، خطوة تشكيل لجنة تحقيق بفضحية تلك المولدات السكراب ، وقد كان ، فتشكلت اللجنة ، وعملت باجتهاد ، ولايمكن لأي متابع منصف ، إلا أن يشيد بهمة أعضائها ، فاكتمل التقرير ، ورفع إلى المجلس قبل أيام ، محملا بالكثير من التوصيات الجادة والمهمة والخطيرة في آن واحد !

وربما تكون هذه هي المرة الأولى ، التي ترفع فيها لجنة تحقيق برلمانية ، توصيات إدانة واتهام بالاجماع ، رغم تباين مشارب أعضائها وميولهم ، وهذا يدل على أن جريمة توريد المولدات ' السكراب ' مفضوحة أو ' مصلعة ' كما نقول ، ولايمكن تغطيتها بأي شكل من الأشكال ! فخرج التقرير بالاجماع بالإحالة إلى النيابة العامة ، بحق كل من وزيرين سابقين للطاقة هما الشيخ علي الجراح ومحمد العليم ، والمسؤولين المعنيين بالقضية في وزارة الكهرباء ، ولجنة المناقصات المركزية ، وقت حدوث الجريمة ( وهم كثر ) ، بالاضافة إلى وكيل ديوان المحاسبة عبد العزيز الرومي والوكيل المساعد عصام الخالد !!

الجديد أيضا في عمل اللجنة أيضا أنه أدان ثلاثة جهات هي : الوزارة ، ولجنة المناقصات ، وديوان المحاسبة ، فعادة تحدث الجريمة أوالتجاوزات ، بعد مرور المناقصة بشكل سليم في الجهات الرقابية ، ويكون التجاوز في جهة التنفيذ ، لكن في هذه الجريمة ، اشتركت لجنة المناقصات المركزية وهي جهة ' يقترض ' انها رقابية ، واشترك كذلك - ونقولها بأسف محزن -  الحصن الحصين للمال العام وهو ديوان المحاسبة ، منذ البداية ، في تمرير هذه الجريمة وتغطيتها ، بل و ' شرعنتها ' للأسف الشديد ، لذا فإنه إن كان من المنطقي التشدد في العقوبات تجاه المعتدين على المال العام ، وهو فعلا أمر سائد ومحبذ في كل الدول المحترمة ، وكما هو منصوص عليه أيضا عندنا في قانون حماية الأموال العامة ، فإن التشدد تجاه من يفترض أنهم المؤتمنين على حماية المال العام ، يكون أدعى وأوجب وأكثر قربا من العدالة ، ذلك أن مسؤولي ديوان المحاسبة أعطاهم الدستور ' استقلالية ' كبيرة في أداء أعمالهم ، وأعطاهم قانونهم صلاحيات أكبر من أجل حماية المال العام ، والمصيبة الكبرى أن يجيّر هذا كله من جانب قياديين ، من أصحاب الذمم الخربة ، في ' استغلالية ' هذه القوة ، وتلك الصلاحيات ، من أجل الاثراء غير المشروع ونهب أموال البلد !

لكن الأمر الذي ينتقص من عمل اللجنة رغم جهدها الجبار الذي أنجزته ، هو إبعاد الوكيل المساعد بديوان المحاسبة اسماعيل الغانم عن التحقيق في اللجنة ، ولانقول إبعاده عن الاتهام في القضية ، فهو متهم اليوم أمام النيابة العامة في القضية ذاتها بموجب البلاغ المقدم من احسان عبدالله ، ودور اسماعيل الغانم ربما يكون أخطر من غيره ، فهو من ترأس فريق الديوان المكلف بناء على طلب سابق من مجلس الأمة ، بفحص عقود الكهرباء على مدى خمس سنوات بما فيها عقود ' سكراب ' طواريء 2007 ، لكنه تجاهل تلك العقود السكراب عامدا متعمدا ، وبالتالي فإن من يكون قد ألغى من حسبة العمل فحص العقود ' السكراب ' ، من المحتمل أيضا ، بل من الوارد جدا ، أن يكون قد تجاهل فحص عقود أخرى ' سكراب ' في تلك السنوات الخمس ، وقدم تقريره لمجلس الأمة بشكل ضعيف ومهلهل ! و' مادام الشيء بالشيء يذكر ' ، فإن القلة تعرف أن هذا التكليف هو الذي شهد بداية الخلاف ، وانطلاق شرارته الأولى بين البطل احسان عبدالله واسماعيل الغانم ، عندما أصر الأول على فحص جميع العقود بما فيها ' سكراب 2007 ' بينما أراد الثاني استبعادها ' لغرض في نفس اسماعيل ' ، ولم يجد  اسماعيل شيئا يرد به على اصرار احسان سوى القول بأن : ' لكل شيخ طريقته في العمل يااحسان ' !! لذا نعود لاستبعاد اسماعيل الغانم من تحقيق اللجنة ، ونقول أن الأمر المفرح أن النائب النشط خالد الطاحوس عضو اللجنة  أصر على ضم اسماعيل لقائمة المحالين للنيابة العامة ، وأرفق طلبه هذا بتقرير اللجنة ، وهذا أمر يحسب للطاحوس ، ولوعيه اليقظ بخطورة موقف اسماعيل ، والتقرير اليوم بعهدة المجلس لتثبت العناصر النظيفة فيه أنها قادرة على التصدي للمعتدين على المال العام !

ولايوجد هناك اليوم موقفا مستحقا من مجلس الأمة ، أقل من إصداره لتوصية بالايقاف عن العمل بحق كل المحالين للنيابة العامة في هذا التقرير ، أو المتهمين أمام النيابة العامة في بلاغ احسان عبدالله ، وهذه ليست سابقة ، كما انها مطلب عادل ومستحق، فالقضية في محراب العدالة ، ويفترض ألا يخشى من العدالة سوى المذنبين ، وإنا لمنتظرون ..  

النهار - مقال اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك