استعدوا لسنوات ملبدة بالغيوم, صالح السلطان يصف الوضع الاقتصادي العالمي
الاقتصاد الآنسبتمبر 27, 2011, 11:51 ص 271 مشاهدات 0
مرت ثلاث سنوات على انهيار بنك الاستثمار الأمريكي ليمان براذرز، مؤذنا ببدء الأزمة المالية فالاقتصادية العالمية، عندما شعر الناس بما يبدو أنه انتهاء لهذه الأزمة، إلا وتحيط بهم أزمة مالية الحكومات الغربية.
انكشاف النظام البنكي الغربي للديون الحكومية مؤذن بتحولها إلى أزمة مالية فاقتصادية عالمية مرة أخرى.
عولجت الأزمة المالية العالمية بضخ نحو 2000 مليار دولار في النظام المصرفي العالمي، لشراء ديونه المعدومة، ومن ثم إنقاذه، والتي ينشأ منها تلقائيا انتشال الاقتصاد العالمي من الركود ومنعه من الوقوع في كساد. هكذا كانت الفكرة.
إلى متى يدور العالم في هذه الحلقة؟
لا يمكن للحكومات، وبنوكها المركزية، الاستمرار في تقديم الدعم للقطاع المصرفي، بدون نمو اقتصادي قوي. ولكن النمو صعب مع تفاقم ديون الحكومات. وخفض ديون الحكومات يعني خفض النمو الاقتصادي.
لا تقدر الحكومات على ضبط ماليتها العام في ظل أنانية البشر وتفاقم الديون السيادية وعجز الميزانية.
تجاهل ساسة العالم أساس الخلل. الناس أنانيون ولا يحبون سماع إلا ما يحبون سماعه. والسياسيون بارعون في إسماع الناس ما يحبون سماعه ولو كان الثمن خراب مالطا على المدى البعيد.
استمرار أساس الخلل يعني الاستعداد لمواجهة أزمات جديدة شبيهة بالديون العقارية الرديئة والديون السيادية وغيرها.
هل تترك البنوك المغامرة لتفلس، وهل تترك الدول غير القادرة على سداد التزاماتها لتفلس؟ يبدو أن الصواب كذا. من أساء فعليه أن يتحمل تكلفة إساءته.
خفض صندوق النقد الدولي من توقعاته للنمو العالمي لعام 2012، متوقعا أن ينخفض إلى أقل من 4 في المائة بعد أن تجاوز 5 في المائة العام الماضي 2010.
جاء ذلك في تقرير ''آفاق الاقتصاد العالمي''، عدد الخريف، الذي أصدره الصندوق الثلاثاء الماضي، أثناء اجتماعات الخريف السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي. أشار التقرير إلى احتمال كبير لأن تعاني الاقتصادات الغربية ركودا قويا العام المقبل.
ويرى صندوق النقد حاجة قوية إلى وضع سياسات قوية لتقليل المخاطر وإنعاش الاقتصاد. ويرى أن التأخر قد ينتهي بانهيار شامل لليورو. أما أمريكا فتعاني بطئا شديدا في التعافي وفي صناعة الوظائف.
ويرى التقرير أيضا أن المشكلة الأميركية كبيرة بحيث تستدعي تغييرا جذريا في سياسة الاقتصاد الكلي وإصلاحات في النظام الضريبي. ولكن الخلافات السياسية بين السياسيين الأمريكان تلقي ظلالها على مساعي الحل.
تخفيضات سريعة في الإنفاق العام؟ حل مطروح، ولكنه قد يضعف الرغبة في إصلاحات طويلة الأجل لتخفيض الديون الأميركية.
وعلى الجانب الأوروبي، سمع الجميع بإجراءات التقشف. ولكن الاستمرار فيها مرهون بقبول الناس. وكل فرد يحب أن يرى غيره متحملا لهذه الإجراءات، وكأن حاله يقول ''وقفت علي؟''.
هناك تخوف جدي من خروج أزمة منطقة اليورو عن نطاق سيطرة صناع السياسات.
وأما جانب الدول ذات الاقتصادات الصاعدة، فثقة المستثمرين الدوليين في تلك الدول آخذة في الاهتزاز، مع تفاقم أزمة الديون في الدول الغربية.
ذلك لأن اقتصادات تلك الدول الصاعدة تعتمد كثيرا على التصدير إلى أسواق الدول الغربية.
ومما يشير إلى ذلك، أن مسحا للنشاط الصناعي في الصين - ثاني أكبر اقتصاد في العالم- قد أظهر انكماشا للشهر الثالث. وقد يفهم من ذلك أن الاقتصاد الصيني لم يتمكن من مقابلة تباطؤ النمو في الولايات المتحدة وأوروبا.
ومن جهة ثانية، يلحظ أن حركة تدفق رأس المال دوليا آخذة في التقلص، منذ أسابيع، جراء اشتداد مشكلات منطقة اليورو وخفض التصنيف الائتماني لأمريكا.
ماذا بشأن أسعار المواد الأولية؟
تشير توقعات المحللين إلى أن سعر النفط سيستقر في مجال بين 75 و90 دولارا للبرميل خلال الشهور القادمة. ومن المتوقع أن تعمل عودة الإنتاج والتصدير الليبي على خفض أسعار النفط.
انخفضت أسعار الذهب في تعاملات يوم الجمعة الماضي أكثر من 100 دولار للأوقية. كما انخفضت أسعار الفضة بأكثر من 15 في المائة مسجلة أعلى تراجع منذ 2006. ويلحظ إقبال المستثمرين على البيع لتقليل تعرضهم للمخاطر.
ويتعرض النفط لتراجعات في الأسعار، وخاصة بعد أن خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي، والتي جاءت بعد صدور تحذيرات من مجلس الاحتياطي الأمريكي من ضعف نمو الاقتصاد الأمريكي.
وزاد من الضغوط على النفط تسجيل القطاع الخاص في منطقة اليورو أسوأ معدلات نمو في أكثر من عامين، وتباطؤ نسبي في نشاط القطاع الصناعي الصيني.
ماذا بشأن أسواق الأسهم؟
سمعنا وقرأنا عن تراجع الأسهم العالمية آخر الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوى منذ أكثر من عام. وقد ساهمت التحذيرات الأميركية (مع غيرها) في حصول هذا الانخفاض الكبير.
تعهد وزراء مالية ومحافظو البنوك المركزية في مجموعة العشرين خلال اجتماعهم في واشنطن خلال أواخر الأسبوع الماضي، تعهدوا بتقديم رد دولي وقوي ومنسق لمجابهة الأزمة. ولكن أسواق العالم لم تستجب، بل لم تقتنع بتعهداتهم. ويبدو أن الاقتصاد العالمي ملبد بغيوم ستستمر أعواما. إن النعم لا تدوم، وبالله التوفيق.
تعليقات