لا يكفي، برأى أحمد الديين أن يكون شعار رحيل الرئيس هو سقف مطالبنا، وإن كان رحيله مستحقا منذ سنوات!
زاوية الكتابكتب أكتوبر 13, 2011, 1:06 ص 1594 مشاهدات 0
عالم اليوم
مطلب رحيل الرئيس!
كتب أحمد الديين
لا أحسب أنني بحاجة إلى إثبات أو تأكيد ثبات موقفي المعارض لرئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد، وبالتأكيد فإنّ سوء إدارته السياسية للدولة طوال سنوات توليه منصبه تمثّل سببا كافيا للمطالبة بإقصائه المستحق ورحيله غير المأسوف عليه... ولكن، مع ذلك كله، فإنّه من الوهم افتراض أنّ تغيير شخص رئيس مجلس الوزراء الحالي برئيس جديد، أيّا كان هذا الشخص، خصوصا ضمن موازين القوى الحالية والاعتبارات السائدة، سينهي ما تعانيه الكويت منذ سنوات من أزمة سياسية متفاقمة، أو أنّ تكليف رئيس جديد ضمن هذه الظروف الراهنة سيضع حدّا لحالة التراجع المؤسفة للكويت في العديد من المجالات، أو أنّه سيؤدي إلى قطع دابر ممارسات الإفساد السياسي.
ذلك أنّ الجذر العميق للأزمة السياسية التي تعانيها الكويت لا يعود إلى شخص رئيس مجلس الوزراء فحسب، بقدر ما يعود بالأساس إلى سبب أهم هو تخلف النهج السلطوي في إدارة شؤون الدولة وتناقضه الصارخ مع متطلبات بناء الدولة الكويتية الحديثة واستحقاقات التطور الديمقراطي... وبالتالي فإنّه ما لم يتم حلّ هذا التناقض الذي احتدم في السنوات الأخيرة فإنّ الأزمة السياسية الناجمة عنه ستستمر قائمة، حتى وإن تبدّل شخص رئيس مجلس الوزراء.
أما السبب الآخر الذي يقود إلى ما سبق أن أوردته من استنتاج في شأن وهم حصر الأمر في تغيير شخص الرئيس، فهو أنّ أي رئيس آخر غير الشخص ناصر، مهما حاول أن يفعل، فإنّه لن يستطيع أن يحقق القطيعة الكاملة مع النهج السلطوي القائم في إدارة شؤون الدولة، وإنما قد يحاول التخفيف من غلوائه والحدّ من بعض مظاهره الصارخة، ولن يعدو هذا إن حدث غير إضفاء مسحة مكياج خادعة يمكن أن تخفي بعض العيوب لبعض الوقت ولكنها لن تزيلها أو تعالجها!
وبالطبع فإنّ هذا لا يعني تخطئة طرح مطلب تنحية رئيس مجلس الوزراء الحالي، وإنما الخطأ هو أن يكون مثل هذا المطلب المحدود والجزئي هو سقف المطالبات السياسية التي تطرحها قوى الإصلاح والتغيير... كما أنّه لا يكفي أن نتحدث بعمومية عن شعار “حكومة جديدة برئيس جديد ونهج جديد”، بل يجب أن يكون واضحا أنّ النهج الجديد المنشود هو نقيض النهج السلطوي المأزوم، هذا بالإضافة إلى ضرورة طرح أجندة محددة من الإصلاحات السياسية والدستورية الملموسة التي يفترض أن تمثّل مفردات النهج البديل لإدارة الدولة الكويتية وفق متطلبات التطور الديمقراطي.
ومن بين بنود هذه الأجندة الإصلاحية المأمولة: تفعيل أحكام “دستور الحدّ الأدنى” ونصوصه التي لما تطبّق بعد ولا تزال معطلة فيما يتصل بضرورة تغليب الطابع البرلماني على الطابع الرئاسي في النظام الدستوري للدولة... واستعادة مجلس الوزراء دوره الدستوري المفترض كسلطة تمتلك ناصية القرار السياسي في الدولة... والمطالبة بإلغاء القوانين المقيّدة للحريات العامة والحقوق الديمقراطية لتحلّ مكانها قوانين ديمقراطية تنظم ممارسة الحريات والحقوق ولا تقيّدها أو تصادرها... ووضع حدّ للوصاية السلطوية على مؤسسات المجتمع المدني... ومنع أي شكل من أشكال التدّخل السلطوي في العملية الانتخابية... وإصدار قانون ديمقراطي لإشهار الجماعات السياسية.... وإصلاح النظام الانتخابي الحالي الذي يفتقد العدالة في توزيع أعداد الناخبين في الدوائر الخمس...والمطالبة بإحداث إصلاحات دستورية تقود إلى استكمال التحوّل نحو النظام البرلماني في إطار الإمارة الدستورية وذلك فيما يتصل بقصر عضوية مجلس الأمة على النواب المنتخبين وحدهم، وضرورة نيل الحكومة ثقة المجلس قبل مباشرة عملها وإمكانية نزع الثقة عن رئيسها.
باختصار، لا يكفي أن يكون شعار رحيل الرئيس هو سقف مطالبنا، وإن كان رحيله مستحقا منذ سنوات!
تعليقات