الأسرة لديها «رجال دولة»، ولكن تقف بوجه تنصيبهم بحجة التسلسل في السن، خلود الخميس تثني على الحمود
زاوية الكتابكتب أكتوبر 17, 2011, 12:07 ص 727 مشاهدات 0
القبس
موظف دولة لا «شيخ» من الأسرة
كتب خلود عبدالله الخميس :
لا يختلف عُقّال على أن قبول الدخول في الوزارة السابعة انتحار على مستويات عدة، سياسي، مهني، نفسي، وشخصي، والأخيرة هي الأهم، فالخلق يتناسب عكسياً مع فساد الإدارة، التي تستخدم كل وسائل الضرب الشخصي لمن لا يسير مع القافلة!
والمؤسف عندما يأتي الهجوم من جبهتين، عائلية وشعبية، الجبهة العائلية تتنازع على السلطة، والجبهة الشعبية قاسية ـ بعضها ـ ومتطرفة في التوقعات من القيادي أثناء تأديته مهام الوظيفة العامة، ففكّا الكماشة موقع غير آمن للعمل الأمني الذي يتطلب بيئة جاذبة ودرجة تفويض رفيعة تسند اتخاذ القرار حين أوانه!
الرجل الذي نعنيه في مقالنا قب.ل المغامرة مرتين، وزارة بعد التحرير في أبريل 1991، ووزارة فبراير 2011، وبينهما عشرون عاماً حُطّت فيها عروش، وأُزيلت أخرى، وجيء به ليتصدر بسعة صدره لقضايا وملفات، تسببت «لوبيات» الحكومة في خلقها، ولما خرجت عن السيطرة و«الطوع»، وعجزت عن «لملمة» شعثها، وضعته في منتصف المعركة، وقالت اذهب أنت وحدك وقاتل، إنا ها هنا متفرجون!
رجل، لو تكررت التحديات، أحسبه سيقبلها إلى ما شاء الله، لسبب واضح، أنه أحد رجال الأسرة النزهاء، بعيد عن صراعات المنصب والنزاع على السلطة، فهو يقبل الوزارة كموظف، لا كـ«شيخ» في الأسرة الحاكمة، ولأن التعليم العسكري والاغتراب، في الكلية البحرية البريطانية، درباه على اتخاذ الانضباط منهجاً في القرار، فكان أبعد الوزراء عن ردود الأفعال، لا كـ«شيخ» في الأسرة الحاكمة، ولأنه يسلك كأحد القادة الوطنيين، لا كـ«شيخ» في الأسرة الحاكمة!
كل ما سبق صنع منه رجل دولة، وليس شيخاً في الأسرة الحاكمة، فاستحق احترامه كمواطن وموظف وإنسان، فزاد هو على لقبه كـ«شيخ» ولم يزد عليه اللقب إلا «وجع راس»!
ليس من السهل أن تكسب احترام الشعب، غالباً لا إجماعاً، في مرحلة تتشكل الآراء فيها طبقاً للمصالح قبل المبادئ، فهل تأخذ الأسرة الحاكمة هذا الأمر في اعتبارها؟
الشيخ أحمد الحمود الصباح رجل تجده حاضراً في قلب الحدث، حتى تلك التي ليست في مجال اختصاصه، في «الدواوين»، في الساحات، وفي البحر. عند أزمة إضراب موظفي الجمارك، يبادر بتحمل المسؤولية ولا يفكر بمصالح عائدة على شخصه ووزارته، بل كيف يكون خادماً نافعاً لوطنه.
يملك خلقاً أكسبه قبولاً عاماً، يعرف كيف يستخدمه إيجاباً لطمأنة الخصوم عند إدارة الأزمات، التي لا توجد بوادر انفراج منظور لها، يتقبل النقد ولا يأخذه بمنحى شخصي، ينفذ الأوامر بلا خسائر وبلا تهاون وبحزم جليّ، نزيه السمعة واليد في عهد «كبتات الأمهات» و«الإسطبلات»، الأمر الذي يجعله خارج دائرة الابتزاز السياسي، الذي يضطر الفُسّاد الى طلب دعم الحكومة ومساندتها، وهذه ميزة لو كانت الوحيدة لكفتْ.
الشيخ أحمد الحمود يتدخل شخصياً لفض خلافات خارج دائرة عمله، ولكنها ضمن مواطنته، باختصار هو موظف مخلص لوظيفته العامة ولبلده و«يحلل» راتبه، في وقت يتناوب فيه كل موظفي الكويت على الإضراب عن أعمالهم، ويعطلون مصالح العباد، ليطالبوا بأموال تشجع إضراباتهم، وكوادر تشكرهم على ابتزازهم لوطنهم!
أتفاءل بأبي حمود وزيراً للداخلية، لأني أستطيع كمواطنة كويتية أن أبات آمنة في سربي، وأعلم، رغم الأخطاء الفردية، أن منهجه الحفاظ على أمن وأمان الكويت وسكانها بتطبيق القانون، أياً كان الثمن.
«أبو حمود» لديه من القدرات والإمكانات ما لا يخفى على الأسرة والشعب معاً، وغيره كثر، وحجة مدحوضة تلك التي تجعل مشكلة سوء إدارة البلد، وتكرار تعيين رئيس وزراء مرفوض شعبياً، في شح البدائل عند الأسرة الحاكمة!
الأسرة لديها «رجال دولة»، ولكن تقف بوجه تنصيبهم حجة التسلسل في السن.
خلود عبدالله الخميس
تعليقات