الغرب والاحتجاجات الحالية للمتظاهرين في وول ستريت لن تؤدي الى حل للازمة مالك تتغير المفاهيم براي فكتور ديفز
الاقتصاد الآنأكتوبر 27, 2011, 10:16 ص 655 مشاهدات 0
منذ فترة وجيزة، اندلعت الاحتجاجات مجددا في أوروبا، من روما إلى لندن. وقد انتشرت احتجاجات 'احتلوا وول ستريت'، التي انطلقت منذ نحو شهر، في مدينة نيويورك. وجاءت الاضطرابات الحالية عقب أعمال شغب سادت في لندن، وهجمات غوغائية انتشرت في المدن الأميركية الصيف الماضي. وفي عامي 2009 و2010، حشدت حفلات الشاي مئات الألوف في تظاهرات ضد سياسات إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، وأعطته في نهاية المطاف أكبر توبيخ نصفي منذ عام 1938.
كل هذه الاحتجاجات، بطبيعة الحال، تختلف إلى حد كبير، أو هل تختلف حقا؟
ظاهريا، فإن احتجاجات وول ستريت تشجب نخبة صغيرة تنخرط في كثير من عمليات الاقتراض والاستثمار والمضاربة، على الرغم من أن المتظاهرين في ما يبدو لا ينزعجون كثيراً من الرواتب الضخمة التي يتقاضاها الممثلون، أو الرياضيون المحترفون، أو أصحاب الملايين المتعاطفون معهم، أمثال آل غور وجورج سوروس وجون كيري. ولم تر الجماعات الغوغائية الأميركية ومرتكبو العنف اللندنيون، غضاضة في الاستيلاء على ما ليس لهم، لأن ما يمتلكونه أقل مما يمتلكه غيرهم. أما أفراد حفلات الشاي فقد سئموا، ببساطة، من دفع المزيد من الضرائب لبرامج الحكومة الكبيرة، التي في اعتقادهم فاقمت الأمور وزادتها سوءاً.
والقاسم المشترك بين موجتي الغضب السائدتين في اليمين واليسار، واللتين تشبهان إلى حد ما الاضطرابات التي اندلعت عام 1848 أو في ثلاثينات القرن الماضي، هو الإحباط إزاء حقيقية أن الحركة الغربية المتصاعدة التي استمرت ما يقرب من 60 عاماً، تبدو وكأنها اقتربت من نهايتها. واستجابة لذلك، فإن الملايين يريدون شخصاً أو شيئاً ما يحملونه المسؤولية، سواء كان ذلك أعضاء وول ستريت، أو الحكومات المبذرة والفاسدة، أو الأثرياء الذين يملكون أكثر مما يملكه غيرهم.
ومع الأسف، فإن القادة السياسيين، غير المستعدين للمخاطرة بوظائفهم من خلال إغضاب الشعب، لم يقدموا سوى حفنة من التفسيرات حول الأسباب الجذرية للاضطرابات المختلفة. بل وعمدوا إلى طمأنتنا بأن برنامج 'الضمان الاجتماعي' قادر على سداد الدين، أو بأن المعاشات التقاعدية والأجور يمكنها أن تبقى مقدسة، أو بأن أصحاب المليارات والملايين هم وحدهم يقعون تحت طائلة المسؤولية. فهم في بعض الأحيان يستغلون الانقسامات الطبقية والعرقية، بدلا من شرح حقائق القرن الحادي والعشرين.
وفي ما يلي تفسير لهذه الاضطرابات متعددة الأوجه. فعلى مدى العقود الستة الماضية، ساهمت الإنجازات التكنولوجية المستمرة والدعم الحكومي المتزايد، في أن ينعم مليار ونصف المليار من الغربيين بحياة لم يحلموا بها على مدى الـ2500 سنة الماضية. ففي عام 1930، لم يكن أحد يتصور أن عدداً قليلاً من الأقراص يستطيع أن يعالج التهاب الحنجرة المميت. وفي عام 1960، لم يكن أحد يعتزم التقاعد في سن 55 عاماً. وفي عام 1980، لم يكن أحد يحلم بأن يتمكن ملايين الأشخاص من الاطلاع على فيض من المعلومات الثقافية في بضع ثوان، من خلال البحث بحرية عبر موقع 'غوغل'.
ومع ذلك، فكلما تحسن مستوى المعيشة في الغرب بالنسبة لعدد أكبر من الناس، أصبح الغربيون أكثر توجسا، مع تعاظم شهيتهم للحصول على المزيد من الأشياء بصورة أسرع. ولا ننسى أن أيا من تلك الاحتجاجات التي اجتاحت أنحاء العالم، لم تكن تعترض على الحرمان من الغذاء أو المأوى أو الماء النظيف أو الأدوية الأساسية.
ولم يناقش أي من أولئك المحتجين، تأثير دخول ملياري عامل صيني وهندي وكوري وياباني إلى النظام الرأسمالي المعولم، وسيطرتهم عليه، وتصنيعهم لمختلف السلع بأسعار أقل، وأحيانا بصورة أفضل من نظرائهم في الغرب.
ولم يتوقف أي من أولئك المحتجين وهلة قصيرة، للتفكير في ثمن ارتفاع تكاليف الطاقة، وما سيكون لذلك من تأثير على أنماط حياتهم الخاصة في نهاية المطاف. فمنذ عام 1970، يتم تحويل رؤوس الأموال بتريليونات الدولارات، من الغرب إلى كل من الشرق الأوسط وأميركا الجنوبية وإفريقيا وروسيا، من أجل استيراد النفط والغاز بتكاليف باهظة.
ولا يبدو أن أياً من المحتجين يفهم مغزى أن مئات الملايين من الغربيين، يعيشون، في الوقت نفسه، حياة أطول وأفضل، ويتقاعدون في وقت أبكر، ويطالبون الحكومة بمعاشات تقاعد أكبر ورعاية صحية أفضل من أي وقت مضى.
كان لابد من أن يكون لذلك تأثير سلبي، وهو ما نراه الآن، حيث أوشكت الميزانيات الاتحادية وميزانيات الولايات على الافلاس. وتواجه دول مثل اليونان وإيطاليا عجزاً عن سداد ديونها، وتلجأ الحكومة الاميركية إلى طبع النقود لتسديد فوائد استحقاقاتها أو توسيع نطاقها. وأدى انخفاض معدلات الفائدة إلى ما يقرب من الصفر، وتردي أسعار المنازل، والخسائر الكبيرة التي تكبدتها الصناديق الاستثمارية وحسابات التقاعد، إلى شل الطبقة الوسطى.
ولن تؤدي زيادة حجم الحكومة، أو الاختراعات المذهلة الجديدة، أو الاستراتيجيات الاستثمارية الإبداعية، إلى إعادة عجلة الحياة التي كان ينظر إليها في وقت من الأوقات على أنها من المسلمات. وإلى حين أن يصبح مصطلح 'خضراء' يعني مصادر طاقة متجددة تنافسية، بدلاً من مجرد خدعة للرأسماليين الحميمين، فسيتعين علينا تحصيل رؤوس الأموال وحفظها عن طريق إنتاج المزيد من الغاز والنفط، والاعتماد بصورة أكبر على الطاقة النووية والفحم.
الكاتب فيكتور ديفز هانسون
تعليقات