مقارنة نهاية صدام والقذافي لابن طفلة

زاوية الكتاب

صدام أكثر حظا لأن شعبه لم يلق عليه القبض، والعكس كان القذافي

كتب 5361 مشاهدات 0


 نهاية طاغيتين: صدام والقذافي

سعد بن طفلة العجمي

في المنتدى السنوي لصحيفة 'الاتحاد' الذي عقد الأسبوع الماضي بأبوظبي، والذي أصبح علامة فارقة في دنيا القلم بدولة الإمارات العربية المتحدة، وملتقى لثلة من المثقفين العرب، سجل المشاركون فخرهم واعتزازهم بالربيع العربي، من بين من تحدث بفخر كان الزميل الدكتور علي النعيمي الذي قال بأن الثورات العربية 'رفعت رؤوسنا كعرب ولم يعد ينظر لنا العالم على أننا شعوب عربية خانعة للبطش والطغيان'، وسجل المشاركون احترامهم لظاهرة المنهج السلمي الذي انتهجه ثوار الحرية من تونس إلى اليمن مروراً بمصر وسوريا. صحيح أن نظام القذافي البائد أحرق الأخضر واليابس في طريقه إلى الفناء، والأصح أن الرئيس اليمني علي عبدالله صالح سلك درب القذافية الدموية البشعة للبقاء في السلطة على خراب اليمن، وحقيقة أن النظام السوري سار في درب الحل القمعي الوحشي بلا هوادة منذ اندلاع ثورة الشعب السوري المطالب بالحرية والكرامة، ولكن الأصح أن هذه الشعوب بقيت ملتزمة بالخيار السلمي بمطالبها، ففي اليمن، وعلى رغم انتشار السلاح كالقات فيها، فإن الشباب اليمني رفض حتى اللحظة الانجرار لما يستهدفه علي عبدالله صالح ونظامه من إدخال البلاد في أتون حرب شاملة لا تبقي ولا تذر. ولا يزال الشباب اليمني يتصدى بصدوره العارية، وأجسامه النحيلة لرصاص جيش علي عبدالله صالح وقوى الأمن المركزي والحرس الجمهوري، وبرفض الطيارين اليمنيين قصف شعبهم، استعان بطيارين من الخارج ليسلطهم على شعبه المنكوب.

لكن زهونا وفخرنا بالثورات العربية كدّرته المناظر المصورة للحظات الأخيرة لمعمر القذافي وهو يتلقى صنوف الإهانة والتعذيب والضرب، ويتوسل بمعتقليه أن 'حرام عليكم'، مذكراً معتقليه بكبر سنه عسى أن يشفع له، فيرقوا لحاله ويرحموه ويعاملوه بالحسنى كما أمر الدين والقوانين الدولية، ولكن هيهات! فلقد أمعن معتقلوه بتعذيبه وإهانته وانتهاك عرضه بشكل مقزز أثار الاشمئزاز. لا يختلف اثنان على بشاعة نظام القذافي وبطشه وانتهاكه لأعراض شعبه وسومهم الخسف، ولا أظن أحداً سيذرف دمعة على موته لو تم إعدامه وشنقه بعد محاكمة عادلة بعد أن ألقي القبض عليه، ولكن...

تذكرت نهاية القذافي ونهاية الرئيس العراقي السابق صدام حسين، فكلاهما يحار المرء في مقارنة بشاعة نظاميهما وما فعلاه بشعبيهما، وما دمراه من مقدرات بلديهما، وجلباه عليهما من خراب وفوضى، ولا يمكن لمن عرف بجرائمهما ضد الإنسانية أن يتعاطف معهما، لكن نهاية الأول تختلف اختلافاً جذريّاً عن نهاية الثاني، فلقد كان صدام محظوظاً مقارنة بما آل إليه مصير القذافي، كان صدام محظوظاً لأن من ألقى عليه القبض كان الجيش الأميركي، ولو كان العراقيون قد ألقوا عليه القبض لما عرف أحد كيف يمكن أن تكون بقاياه إن بقيت لجسده بقية. فلقد شاهد العالم صدام فاغراً فاه للفحص الطبي والعلاج، وأخذ للسجن وقدم للمحاكمة وأعطي فرصة 'للردح والقدح' بخصومه. صحيح أن الأمر انتهى بإعدامه 'انتقاماً' وليس عدالة قبل محاكمة على كافة جرائمه، وأعدم بتوقيت طائفي قبيح، لكنه كان محظوظاً. ففي عام 1958 حين انقلب الجيش على الأسرة الملكية الهاشمية بالعراق، سحلت العائلة بشوارع بغداد سحلاً، وهي أسرة لم ترتكب جرائم في حق شعبها، فماذا كان الشعب العراقي فاعل بصدام حسين لو أنه ألقى القبض على صدام وليس الجيش الأميركي؟

الطغاة ينتهون نهاية بشعة في ربيع العرب: فواحد أعدم، وواحد هرب وآخر احترق وبينهم من يقبع بالسجن على سرير المرض، والقذافي انتهك وعذب ثم قتل...

على بقايا الطغاة أن يتمعنوا ويفكروا بمصيرهم، قبل فوات الأوان. أو لا داعي، فإني أظن الأوان قد فات!!

 

 

الاتحاد-إيلاف

تعليقات

اكتب تعليقك