الدعيج يرى الإضرابات عملا لا يتفق وتاريخ «الطبقة العاملة»

زاوية الكتاب

كتب 772 مشاهدات 0





ناس تشق جيوبها
كتب عبداللطيف الدعيج :

أيام شركات النفط الاجنبية، وايام وجود بعض القطاعات المهمة تحت سيطرة الاقتصاد الخاص، كنا نسمع عن الاضرابات والمطالبات العمالية التي كانت تبدو لنا مشروعة في ظل سيطرة الشركات الاجنبية على مقدرات الثروة في البلد، كان الاضراب من اجل انتزاع بعض الدخل يعتبر عملا وطنيا، بل كان واجبا عند الاغلبية، وكان يلقى التأييد بوصفه حقا عماليا، وكان يلقى التأييد ايضا لدوافع وطنية بغض النظر عن سلامة موقف العمال من عدمه.
اليوم الكويت بعد كوبا وكوريا هي الدولة الاشتراكية الثالثة في العالم، ليس فقط لان الدولة تملك كل شيء، بل لان كل شيء ايضا متوافر بشكل شبه مجاني للمنتجين ـــ هذا تجاوزا لأن الاغلبية لا تنتج في الكويت ـــ وهو بالمناسبة ما لا يتوافر لا في كوريا ولا كوبا، مما يجعل الاضراب او المطالبة بزيادة الاجور عملا لا يتفق وتاريخ «الطبقة العاملة» والنشاط البروليتاري المعروف في التصدي للاضطهاد والاستغلال.
عندما يكون هناك رأسمالي، او تاجر بلغتنا، يسرق قوة عمل العامل. اي لا يدفع له اجره قبل ان يجف عرقه بلغتنا ايضا، وعندما يبيع هذا الرأسمالي او التاجر بضاعته باضعاف مضاعفة، ويضع الربح في جيبه او في بنكه فإن الاضراب يبدو مشروعا والاعتصامات والاحتجاجات تبدو ضرورية ومنطقية.
لكن عندما يكون رب العمل مثل دولتنا اضطر لتوظيف «العامل» لانه كويتي وحسب، وليس لانه بحاجة الى قوة عمله، ويدفع له اجره «دون» ان يعرق، او حتى قبل ان يوقع على كشف الحضور والغياب ـــــ هذا إن وقّع ـــــ وعندما يبيع رب العمل هذا، الذي هو الحكومة، البضاعة او الخدمة التي «انتجها» هذا العامل بأبخس ثمن، متعرضا لخسارة تقدر في بعض الاحيان بألف في المائة، كما في الكهرباء، فان المفروض في «العمال» ان «يحبوا ايديهم مقلوبة»، وان يشكروا الدولة التي تدفع رواتبهم من غير عرق ومن غير عمل.. عشر مرات، وان يشكروا الدولة التي توفر الدعم للبضاعة التي يستهلكون.. الف مرة، لكن نحن في الكويت.. وهذه الايام هي ايام موضة «المعارضة» او المقاطعة، حتى الطلبة الذين تدفع الدولة تكاليف تعليمهم «يقاطعون» طمعا في زيادة «رواتبهم». أليست الدولة هم، والامة هم، والسيادة ــ كما في المادة السادسة ــ لهم كما يزعمون؟ اذا بالله لماذا يسرقون انفسهم؟! او بالاحرى لماذا يصرون على سرقة قوت مستقبل اجيالهم القادمة وتبديده؟!

عبداللطيف الدعيج

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك