سالم السبيعي يروى ما دار فى حوار له مع الأمير سلطان قبل 40 عاما
زاوية الكتابكتب أكتوبر 31, 2011, 12:02 ص 1808 مشاهدات 0
لقاء.. مع سمو الأمير سلطان
الاثنين 31 أكتوبر 2011 - الأنباء
فجع العالم العربي والاسلامي برحيل ولي العهد السعودي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز يرحمه الله، كان علما من اعلام القياديين العرب، تربى ونشأ وتشبب وشاب وقضى نحبه، على العمل وحمل المسؤولية، وهبه الله كل الصفات الجميلة.
لقد تشرفت بمصافحته والحديث معه منذ أكثر من اربعين عاما، اثناء مأدبة أقامها لسموه، الخال يوسف الربيعة (رئيس شركة الربيعة والنصار ـ رانكو) يرحمه الله بديوانه في الملز بالعاصمة الرياض، وكنت وقتها في زيارة له، واثناء مرور الموجودين للسلام على سموه، للتعريف بهم، جاء دوري فقيل لسموه: فلان من الكويت، فشد على يدي قائلا سموه: يا هلا بأهل الكويت.. شلون الكويت وأهلها، ثم سألني من اي سبيعي انت؟ كان لمجلسه وقار الملوك، ولحديثه بلاغة الشعراء ودقة العلماء، مازالت ذاكرتي تحتفظ بتفاصيل ذلك اليوم. كان رحمه الله موسوعة معارف، اذا تحدث تمنينا ألا يصمت، واذا صمت يخشى المتحدث من الزلل لشدة انصاته، يشرك الكل بالحوار، ينتقي المواضيع بدقة، كما ينتقي الجواهرجي حبات الألماس ليصنع عقدا، سألني في سياق الحديث، أتعرف أين موطن سبيع ومرابعهم، أجبت بما أعرف، لكن اجابتي اصبحت قطرة من بحر علومه حيث تحدث، أحسست بعدها انني قزم من جهلي، فما لبث ان سرد احداثا تاريخية وبطولات، جعلت من قامتي تخترق السقف، وكأن سموه جبر بخاطري، خلالها سألني أتعرف اين مناخ السبعان في الكويت؟ قلت: لا.. قال: أتعرف أين دروازة السبعان؟ ايضا جبت بالنفي.. تعجب! إلتفت الى من حوله وقال: اللي يضيع تاريخه يضيع حاضره ومستقبله، وانا ما ألوم الشباب، ظهور الثروة النفطية اعمى عيون المسؤولين، واعتقدوا ان التحضر هو طمس الماضي، قال ذلك عندما شعر سموه، بخجلي من جهلي بتاريخ وطني وعدم معرفتي بمواقعه التاريخية، ابتسم سموه لصاحب الديوان وقال له: أتذكر يا أبورياض حين اقترح الخبير الهندسي الأميركي على جلالة الملك فيصل تصميم الطرق بخطوط مستقيمة ومباشرة بين المدن الكبيرة بالمملكة توفيرا للتكلفة واختصارا للوقت، فرفض جلالة الملك، أتدرون لماذا؟ لان جلالته خشي على القرى الصغيرة «التي يعتز بها اهلها، ولها بالتاريخ موقع، وتعتبر نقاطا أمنية» ان تختفي ويهجرها سكانها، لان حياتها تعتمد على مرور القوافل والترانزيت.
كنت أظن ان علاقة سموه بالخال يوسف الربيعة علاقة عمل حيث ان الاخير نفذ العديد من القواعد العسكرية والمطارات والطرق والكباري منذ نشأت الشركة عام 1950 ولكن بسؤالي كشفت عن قصة طريفة فقد كان أحمد الربيعة الشقيق الأكبر يعمل كاتبا لدى الملك عبدالعزيز يرحمه الله بقصر الحكم، وفي أحد الايام اصطحب شقيقه يوسف «ذا العشرة أعوام» الى مقر عمله بالقصر «ليريح أمه من شقاوته» انسل يوسف من بين يدي أخيه وسعى يطوف بقصر الحكم حتى وقع بيد جلالة الملك عبدالعزيز، فسأل: من أتى بهذا الطفل؟
فتيقن أخوه أحمد انه مطرود من عمله لا محالة، ولما عرف جلالة الملك عبدالعزيز سبب وجود هذا الطفل؟ وهو البر بأمه المريضة وتخفيف الحمل عنها.. أمر جلالته بإلحاقه بمدرسة الامراء «وكان أحد مدرسيها فضيلة الشيخ عبدالله خياط يرحمه الله» ونظرا لتقارب اعمارهما اصبح الخال يوسف زميلا لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان يرحمهما الله في الدراسة، ان من ينهل علومه وآدابه من تلك المدرسة يكتسب الشهامة والعز والاباء ويسمو فوق مغريات الدنيا، فاختار الخال يوسف العمل الحر ومع شركة النفط ارامكو وفي المنطقة الشرقية، ابعدتهم المسافات، والمسؤوليات، ولكن سمو الامير سلطان لا تخبو نار وصله، فكلما احس بفتورها فاجأ اصحابه واصدقاءه باتصال هاتفي، ليحملهم التقصير بالوصل ويخجلهم بوفائه المعهود، هذا ما قاله زميله الخال يوسف.
رحمك الله يا ابا خالد ورزقك الفردوس الاعلى خير من الدنيا وما فيها.. ونرفع لمقام جلالة الملك عبدالله التعازي والمواساة ولسمو ولي العهد ولأصحاب السمو الامراء والعائلة المالكة الكريمة والحكومة والشعب السعودي الكريم والاخ العزيز د.أبووائل سفير السعودية بالكويت.
٭ خالص العزاء للأخ خالد الربيعة والكابتن عبدالخالق التويجري لوفاة والدتهما «أم الشهيدين رياض ونواف» رحمها الله وألهم ذويها الصبر والسلوان.
تعليقات