تساؤلات مهمة حول تعزيز الوجود العسكري الأميركي في الكويت يطرحها أحمد الديين

زاوية الكتاب

كتب 1284 مشاهدات 0


تساؤلات حول الوجود العسكري الأميركي!

كتب أحمد الديين
 
منذ فترة والأنباء تتواتر عن طلب أميركي لإقامة قاعدة عسكرية في الكويت لقوات الاحتياط التي يمكن إعادة نشرها في العراق إذا تطلبت الأحداث هناك مثل هذا الإجراء بعد انسحاب القوات الأميركية من هناك... وأخيرا كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» في عددها الصادر يوم الأحد الماضي معلومات خطيرة عن أنّ واشنطن تخطط لدعم الوجود العسكري الأميركي في الخليج وزيادته بعد الانسحاب من العراق نهاية هذا العام، وعلى الأخص رفع حجم القوة العسكرية الموجودة في الكويت، حيث أرجعت الصحيفة السبب وراء هذا القرار إلى «دعم القدرة على الردّ السريع في حال انهيار الأوضاع الأمنية في العراق، أو في حال وقوع مواجهة عسكرية مع إيران»... ومن جانب آخر كشفت الصحيفة أنّ الخطة تُستهدف تأسيس «هيكلية أمنية» أميركية جديدة مع دول مجلس التعاون... كما أشارت الصحيفة إلى إعادة ترتيب هياكل القوات المسلحة الأميركية تحسبا للقيود السياسية والمالية في الولايات المتحدة التي تتضمن خفضا تدريجيا للإنفاق العسكري خلال العقد المقبل تبلغ قيمته قرابة 450 مليار دولار!

وهذا يعني ثلاثة أمور أولها، أنّه سيتم تعزيز الوجود العسكري الأميركي في الكويت تحديدا وتوسيع نطاقه وربطه بمنظومة أمنية أميركية جديدة لمنطقة الخليج... وثانيها، أنّ الهدف من ذلك كله ليس حماية أمن الكويت، مثلما قد يوهم بعضنا نفسه، أو مثلما يحاول الطرف الأميركي تسويق الأمر لنا إعلاميا أو دبلوماسيا، وإنما الهدف الرئيسي المعلن من تعزيز وجود هذه القوات الأميركية في الكويت والخليج هو خدمة الاستراتيجية العسكرية الأميركية وذلك لمواجهة أي انهيار للأوضاع الأمنية في العراق أو للمواجهة العسكرية مع إيران... أما الأمر الثالث فهو أنّ هناك خفضا أميركيا للإنفاق العسكري في حدود 450 مليار دولار، ما يثير التساؤل عما إذا كانت دول الخليج، وعلى وجه أخصّ الكويت، هي التي ستتحمّل نفقات وجود هذه القوات بدلا من الحكومة الأميركية؟!

صحيح أنّ الغزو العراقي للكويت واحتلالها في العام 1990 والتهديدات التي كان يمثّلها نظام صدام قد وفّرت الغطاء وقدّمت الذريعة والمبرر للوجود العسكري الأميركي المباشر في الكويت، الذي لم يكن قائما من قبل بل كان مرفوضا، إلا أنّ مثل هذا المبرر لم يعد قائما بعد سقوط نظام صدام، فما بالك في الوقت الحاضر بعد انقضاء أكثر من ثماني سنوات على إطاحته، ومع ذلك لا تزال القوات الأميركية مرابطة في الكويت، بل أنّ عددها وعديدها سيزدادان بعد استكمال الانسحاب من العراق الحالي المرتبط بالولايات المتحدة الأميركية والمدعوم منها، وهذا ما يدعو إلى التساؤل حول جدوى هذا الوجود العسكري في بلادنا إذا كان العراق الذي نخشى تكرار محاولاته التوسعية ضد الكويت قد أصبح الآن أوثق ارتباطا بالأميركيين من أي وقت مضى، أو إذا كان العراق حقا لا يشكل في الوقت الحاضر تهديدا عسكريا جدّيا حيث أنّ قواته لن تكون مستعدة بشكل تام للدفاع عن العراق قبل العام 2020 مثلما نُشر أخيرا على لسان المفتش العام الأميركي بإعادة بناء العراق؟... وكذلك لابد من أن نتساءل عن طبيعة الالتزامات المفروضة علينا تجاه تعزيز الوجود العسكري الأميركي في الكويت، خصوصا بعد توسيع نطاقه وزيادة عدده وربطه بهيكلية أمنية أميركية جديدة للمنطقة، بما في ذلك التساؤل عما يمكن أن يصيبنا من ضرر جراء أي مواجهة عسكرية أميركية مع إيران، إذ إنّ مَنْ يقبل أن يكون «منصة» لانطلاق هجوم عسكري من أحد الأطراف على طرف آخر عليه أن يقبل أن يكون «هدفا» محتملا للردّ من ذلك الطرف؟!
هذه التساؤلات وغيرها تتطلب منا وقفة تفكّر وتدبّر لأمورنا... فهم يخططون لما يخدم مصالحهم ومصالحهم فقط وقبل أي شيء وبمعزل عن أي اعتبار آخر، ولكن كيف يا ترى سنتدبر نحن ككويتيين مصلحتنا الوطنية؟... أم علينا أن نسلم الأمر لهم من دون قيد أو شرط ليقرروا لنا ما يرونه نيابة عنا؟!

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك