الديوان لم يتذكر مؤسسه الفعلي في ذكرى وفاته السنوية الثالثة ولو ببيان
زاوية الكتابالزيد: الراحل براك المرزوق يسبب القلق ويدب الذعر في قلوب قوى الفساد
كتب نوفمبر 3, 2011, 12:19 ص 3017 مشاهدات 0
ذكرى راحل شريف
زايد الزيد
مرت علينا قبل أيام قليلة الذكرى السنوية الثالثة لوفاة الراحل الشريف براك المرزوق رئيس ديوان المحاسبة السابق ، وللأسف الشديد فإن القيادة الحالية لديوان المحاسبة لم تتذكر الراحل ولو ببيان تعبر فيه عن الدور العظيم الذي قام به المرزوق في تفعيل دور الديوان في الرقابة الفعالة على أموال الدولة ، حتى وصف المرزوق - بحق - انه مؤسس ديوان المحاسبة الحديث ، ومرحلة الراحل المرزوق تشهد على هذا الدور العظيم في كل تقرير كتب عن التعديات على المال العام في حقبة ادارته .
ولكن نظرا للدور المتخاذل للقيادة التي تدير الديوان حاليا في الكثير من قضايا التعديات على المال العام وابرزها محاولات ' لفلفة ' فضيحة طوارئ ٢٠٠٧ ، فإنه من غير المستغرب ان تمر ذكرى وفاة المرزوق من دون اشارة تذكر ، ذلك ان مجرد ذكر اسم الراحل يسبب القلق ويدب الذعر في قلوب قوى الفساد ،،
لن نطيل على القارئ الكريم في المقدمة ، ولكن نستأذنه في اعادة نشر مقال كتبناه في تأبين الراحل بعيد وفاته ، فإليكم المقال الذي نشر هنا في ٢٨ / ١٠ / ٢٠٠٨:
فجع الكثيرون يوم أمس بوفاة براك المرزوق رئيس ديوان المحاسبة، هذا الرجل الذي قدم الكثير من خلال عطاء نظيف في عدد من مؤسسات الدولة، توج بقيادة ديوان المحاسبة في فترة حرجة ومهمة من تاريخ هذا الجهاز الحساس، حيث جاء في بداية الأمر، كنائب لرئيس الديوان في العام 1993، حين كان يترأسه فارس الوقيان، وبعد «خلافات عميقة» في الديوان، دخلت الحكومة ومجلس الأمة طرفان رئيسيان فيها، ووصلت إلى ذروتها في العام 1995، انتهت بتقديم الوقيان استقالته، ليرتقي المرزوق سدة رئاسة الديوان، وليدخل الجهاز بعدها مرحلة جديدة مضيئة، تمثلت في خلق مزايا تنافسية عالية، مادية ومعنوية، لكادر الموظفين، ما جعله حافزا رئيسيا لاستقطاب أفضل الكفاءات المحاسبية والقانونية والادارية والفنية الموجودة في أجهزة الدولة، وتم أيضا في عهد المرزوق وعلى يديه، توسيع هياكل الديوان الوظيفية، لتكون قادرة على استيعاب المهام التي تضمنها قانون إنشاء الديوان، ولتكون قادرة على تأديتها بالشكل الأمثل . واستطاع فقيدنا المرزوق بعد أن وسع هياكل الديوان وتسلح بالكفاءات الوطنية أن يقود ديوان المحاسبة بكل صلابة لمحاربة جيوب الفساد في الوزارات والمؤسسات العامة.
والحق يقال، ان كل هذا ما كان ليكون، لولا وعي النائب أحمد السعدون بخطورة دور ديوان المحاسبة وأهميته، وهذا الموضوع تحديدا ربما يكون من المواضيع الغائبة - أو المغيبة - عن الكثيرين، فالرئيس أحمد السعدون، وفي أعقاب ترؤسه لمجلس الأمة العام 1992، أدرك الوضع المأساوي الذي كان يعيشه الديوان خاصة في الفترة الممتدة منذ الانقلاب الثاني على الدستور في العام 1986 وحتى عودة العمل بكامل مواد الدستور في العام 1992، ففي تلك الفترة أخضعت الحكومة ديوان المحاسبة لسيطرتها التامة، وحينما جاء السعدون رئيسا في 1992 كان إصلاح الديوان من أبرز أولوياته، فقدم ترشيح الفقيد المرزوق إلى مجلس الأمة كنائب لرئيس الديوان وعمل على ضمان موافقة المجلس عليه، وبعد استقالة الرئيس السابق للديوان فارس الوقيان بعد المعركة التي أشرنا إليها، قدم السعدون المرزوق مرشحا وحيدا لرئاسة الديوان، وعمل أيضا على ضمان نجاح الترشيح، وهذا ما تم فعلا، فانطلق الفقيد المرزوق ليحلق في العمل بمساعدة ثلة مخلصة من شباب الديوان في بيئة عمل نظيفة خلقها أحمد السعدون.
هذه حقائق تاريخية متعلقة بديوان المحاسبة نعتقد أنه من المهم استحضارها هذه الأيام ، حتى تكون مناسبة للترحم على رجل مخلص كفقيدنا المرزوق، ولتكون مناسبة لتذكر الأدوار الناصعة للرجال المخلصين من أمثال أحمد السعدون.
إن انجازات الفقيد براك المرزوق كثيرة، ومواقفه الصلبة في إحقاق الحق أكثر، ويكفي أن نعرف حقيقة موقفه الآخير بشأن التحقيق في مشروع المصفاة الرابعة، فقد تقدم له مدير ادارة الشؤون القانونية بالديوان حسام التنيب باستقالته من الفريق المكلف بفحص المصفاة الرابعة، فاستدعاه فقيدنا واستفسر منه عن اسباب الاستقالة، فبين له التنيب بأن رأيه بشأن المصفاة يرتكز على ثلاث نقاط، الاولى وجوب إحالة المشروع إلى لجنة المناقصات المركزية، والثانية عدم جواز أن تكون الشركة المستشار للمشروع (وهي هنا شركة «فلور») أن تكون أيضا من ضمن مقاولي المشروع، أما النقطة الثالثة فهي أن المشروع بحجمه الكبير هذا يفتقر إلى الكثير من الاجراءات الشفافة، وهذا ما يجعل المشروع برمته محاطا بالكثير من الشبهات !!! وقال التنيب لفقيدنا ان قرارات الفريق ستكون بالاغلبية، وأنا أشعر بأن الاخوة أعضاء الفريق غير مرتاحين لرأيي، وبالتالي فإنني أخشى من تغييب رأيي في الصياغة النهائية للتقرير الذي سيصدر بشأن إجراءات المصفاة، وحينها سأصبح كشاهد زور في القضية. فما كان من الفقيد إلا أن رفض استقالة التنيب بشدة وطلب منه الاستمرار في عمله كعضو بالفريق وأن يدون رأيه هذا في مذكرة رسمية توجه لرئيس الفريق، ويسلم نسخة منها إليه كرئيس للديوان ونسخة أخرى للوكيل، وهذا ماحصل.
رحمك الله يا براك المرزوق رحمة واسعة.
تعليقات