ماضي الخميس لمحمد الصباح: ما لك ظهر

زاوية الكتاب

كتب 552 مشاهدات 0


أضحكني كثيراً، وأثارني أكثر تصريح الشيخ محمد الصباح وزير خارجيتنا حين علق على تضامن الحكومة مع استجواب وزير النفط الشيخ علي الجراح بأن «جلدنا صار سميكاً... واننا تعلمنا من الحراك السياسي في الكويت». هذا التصريح يحمل بين طياته الكثير من الغرائب والعجائب، أولها كلمة «تعلمنا» والتي وقفت عندها كثيراً، وسولت لي نفسي بخصوصها ولتفسيرها الكثير من التساؤلات، أولها قوله «تعلمنا» فهو بذلك يقصد جهة من اثنتين «الحكومة» أو «النظام الحاكم». وفي الحالتين فإنني أعتقد ان التعلم جاء متأخراً كثيراً جداً، ونحن كما تعلمون نعيش في توتر وعدم استقرار سياسي منذ أول مجلس نيابي في الكويت عام 1938، وما صاحبه من صدامات عنيفة أيا كانت أسبابها، وما زال التوتر مستمراً وإن صادفته بعض حالات الاستقرار! الأمر الآخر المتعلق بكلمة «تعلمنا» أيضاً، هو عدم دقة الكلمة نهائياً، وعدم انطباقها على الحالة السياسية في الكويت، وعلى أداء الحكومة، التي خرجت قبل ثلاثة أشهر من درس قاس جداً باستجواب وزير الصحة السابق الشيخ أحمد العبدالله الذي لم تبد فيه الحكومة أي «مَعلمة» وكأنها تدخل الاختبار للمرة الأولى، وقد فشلت فشلا ذريعاً للغاية في إدارة الصدام مع المجلس، الأمر الذي ادى إلى انسحابها واستقالتها، لتأتي الينا حكومة الأربع وعشرين يوماً «فترة التشكيل»، والتي يظهر انها ايضا ستكون مهمتها صعبة للغاية، بما تشهده الساحة السياسية حاليا من مشاحنات وتصعيد، لا يبشران بالخير، ولا يبرزان أي بارقة أمل. وأسأل وزير خارجيتنا، متى وأين وكيف تعلمتم من الحراك السياسي في الكويت؟ هل في استجواب الشيخ سعود الصباح أم أحمد الكليب أم محمد ابوالحسن أم الدكتور محمد الجارالله، أم الدكتور يوسف الابراهيم أم محمود النوري، أم الشيخ أحمد العبدالله، أم تريدني أن أسطر لك حالات التخبط والفشل الذي حققته الحكومة في الكثير من الحالات؟ واسأل أيضاً ما الدروس التي استفادتها الحكومة من التجارب السابقة كلها وغيرها في كيفية إدارة الصراع السياسي، والمواجهة البرلمانية، وجميعها كانت نتيجتها فيها صفر. اللهم إلا استجواب ضيف الله شرار، الذي قد يكون بلا نتائج سلبية للحكومة، والفضل فيه للنائب مسلم البراك «لا تزعل يا بوحمود»! أكاد أجزم أن هذا أول تصريح لوزير خارجيتنا في شأن محلي، وهو المهموم بقضايا الكويت الخارجية، ويكاد يقضي مجمل وقته جائلا بين دول العالم، وقد يكون أكثر وزير خارجية في العالم يركب الطائرة! ذات مرة قلت للشيخ محمد الصباح وزير الخارجية، وكان قد استضافني في طائرته خلال احدى رحلاته إلى القاهرة، إنك أذكى وزير في الحكومة الكويتية. ولما سألني عن السبب، قلت: «أنت تتمتع بشعبية كبيرة لدى المواطنين، مرجعها حب أهل الكويت لوالدك أمير الكويت الراحل الشيخ صباح السالم، وكذلك الطيب المشهود لشقيقك الأكبر الشيخ سالم الصباح، وذلك رغم كونك شخصية غير اجتماعية، وقليل التواجد في المحافل الاجتماعية، ولا يوجد لديك «ديوانية» يرتادها الناس مثل بقية الشيوخ والوزراء، كما أنك لا تحرص كثيراً على التواصل الاجتماعي مع الناس بزيارتهم. الأمر الآخر أنك نأيت بنفسك بعيدا عن الصراعات السياسية والخلافات، ولم يذكر أنك تتدخل في الانتخابات أو تحرص على تكوين قاعدة نيابية، وتكاد تكون الوزير الوحيد في تاريخ الحكومة الكويتية الذي لم يتعرض لأي نقد، ولم يكن عرضة إلى سهام النواب. هل تعرفون بماذا أجاب وزير خارجيتنا. لم يجاوب، إنما امطرني بسيل من الأسئلة المختلفة (ديبلوماسية). كنت أتمنى ألا يستعجل الشيخ محمد بهذا التصريح الغريب، فجلدك يا بوصباح بلا ظهر يحميه، وسماكة الجلد قد لا تدل على الجودة بقدر ما تدل على التكلس والتحجر وعدم القدرة على التكيف مع الأوضاع والمتغيرات، ودمتم سالمين.
الرأي

تعليقات

اكتب تعليقك