العصفور: الجراح كارثه سياسية

زاوية الكتاب

كتب 559 مشاهدات 0


تفهم جيداً رغبة النواب مقدمي استجواب وزير النفط في سد الطريق على كل من يحاول أن يتعذر بالبيان التوضيحي الذي أصدره الوزير وتضمينهم المحور الثاني بجزءيه من أجل ذلك الهدف. رغم ذلك فما أزال عند الرأي القائل بأن المحور الأول بحد ذاته كان كافياً لمساءلة الوزير والإطاحة به من منصبه. فمجرد تعارض موقف الوزير الشخصي، من إحدى أهم القضايا التي يقع على عاتقه مسؤولية تمثيل الدولة فيها ضد «مستشاره» و«أستاذه»، يجعل من الضروري على الوزير أن يقدم استقالته من تلقاء نفسه، وإن لم يكن ذلك ممكناً، كان على رئيسه في العمل، رئيس مجلس الوزراء، أن يعفيه من منصبه. هذا التعارض بين تعاطف الوزير مع «المتهم الخامس»، ومسؤولية الوزير في متابعة القضية التي يمثل فيها الحكومة ضد هذا المتهم، يجعل من الوزير حلقة ضعيفة في دور الحكومة والتزامها تجاه محاسبة سراق المال العام. إن مجرد الشك ولو البسيط بعدم جدية وزير النفط في تمثيل الحكومة التمثيل السياسي والقانوني الجاد ضد من تدعي عليهم الحكومة كفيل بتغيير هذا الوزير، فما بالك بتصريح علني في الوقت الذي كانت قضية الناقلات مثار نقاش نيابي وقانوني محتدم في مجلس الأمة، وهو التصريح الذي ماطل الوزير كثيراً حتى يعلن تراجعه عنه! أضف إلى ذلك كون المنصب الوزاري هو منصب سياسي بالمقام الأول، وعليه كان لزاماً على الوزير المستجوب أن يكون أكثر دقة في اختيار عباراته ومواقفه السياسية، وألا يدخل في مواجهة خاسرة مع الشعب الكويتي الذي أصبحت قضية الناقلات هي قضيته «الرمزية» الأولى، عندما يكون الحديث متمحوراً على المال العام والتعديات عليه. وإذا كان الوزير بحسه السياسي عاجزاً عن فهم واستيعاب أهمية هذه القضية لدى الشارع الكويتي ولدى ممثليه، فهذا العجز يدفع أيضاً إلى الاتجاه الذي نقول فيه إن بقاء الوزير في منصبه حتى هذه اللحظة هو بمثابة «الإهانة الحكومية» للشعب الكويتي. ولذلك يبقى الدور الآن على الذين وكلهم المواطن الكويتي، لكي يمثلوه نيابياً في أن يتأكدوا من عدم مرور مثل هذه الإهانة من دون حساب وتكلفة. المحور الثاني من الاستجواب المقدم بجزءيه، وإن كان مهماً، إلا أن أهميته تتضاءل أمام «الكارثة السياسية» التي ارتكبت في تصريح الوزير، والتي لا أعتقد أن «بياناً توضيحياً» أو حتى اعتذاراً صريحاً كفيل بمحو أثارها الشعبية، التي تراكمت لدى المواطن الكويتي المهتم بقضايا المال العام. لذلك فإن تضمين الاستجواب هذا المحور الثاني الذي يحتوي على مخالفات مالية وإدارية وتجاوزات أخلاقية لبعض موظفي التسويق في مؤسسة البترول الكويتية، كان محاولة لسد الطريق، ليس إلا، أمام بعض الكتل السياسية التي تحاول أن تتذرع ببيان الوزير التوضيحي، وبأن مثل هذا البيان التوضيحي كاف لطي صفحة تصريح الوزير. هذه الكتل السياسية يجب أن تعي أن الشارع السياسي الكويتي اختلف كثيراً منذ حل المجلس السابق، وأصبح على درجة عالية جداً من المتابعة السياسية الدقيقة لكل ما يتخذ في المجلس من مواقف، سواء بفضل الإعلام المرئي المسلط على هذه القضايا، أو بفضل ذلك الكم المتزايد من الصحف اليومية الجديدة والمنتديات الإلكترونية. هذا الشارع السياسي، في تصوري، لن يسمح بمزيد من التسويف أو التخاذل تجاه هذه القضية الرمزية المهمة، ولا تجاه من يرتبط اسمه سلباً بها.
الرأي

تعليقات

اكتب تعليقك