الدعيج يطالب بحرية الرأى للجميع، وينتقد المادة 19 من قانون المطبوعات

زاوية الكتاب

كتب 745 مشاهدات 0


 

القبس

الديموقراطية الحقيقية
كتب عبداللطيف الدعيج :
 
«يحظر المساس بالذات الإلهية أو القرآن الكريم أو الأنبياء أو الصحابة الأخيار، أو زوجات النبي صلي الله عليه وآله وسلم، أو آل البيت عليهم السلام، بالتعريض أو الطعن أو السخرية أو التجريح بأي وسيلة من وسائل التعبير» (قانون المطبوعات، الكويت ـ مادة 19).
كاتب افتتاحية «الواشنطن بوست» لم يكن «الذكي» الوحيد الذي أساء الى النظام الديموقراطي او اختصره في كيفية تشكيل الحكومة، فقبله طالب الكثير من الكويتيين، ومنهم بعض المحسوبين علينا وطنيين ديموقراطيين و«مفكرين» بعد، طالبوا بتعديل الدوائر الانتخابية «الان وحالا» الى دائرة واحدة، واشهار الاحزاب، وذلك لتطبيق نظام فوز القوائم او النسب الانتخابية.
اعلان الاحزاب او الاعتراف بها، يعني بوضوح وبالتزام، تقبل التعددية والأخذ بمبدأ تداول السلطة. فهذه الاحزاب هي نواة تصارع الآراء وأصلها، وهي التي تحدد وتشكل ماهية ونوعية الجماعات التي تتقاسم السلطة السياسية في النظام الديموقراطي والبرلماني منه بالذات.
من أجل وجود تعدد في الآراء، ومن أجل ان تمهد هذه الآراء او ان تكون نواة واساس تداول السلطة، لا بد من وجود «حرية رأي» كاملة غير منقوصة او مقيدة. اي ان يتوافر لكل الفئات والطبقات والطوائف والاصول حق التعبير عن نفسها، وفرص ان يكون لها مجال لتحقيق الاغلبية او «الاستحواذ» على السلطة التي هي محل تداول وصراع او اقتسام بين الاحزاب السياسية، اي ان الصراع على السلطة هو في حقيقته «صراع بين الآراء».
هنا.. وفي الواقع بين كل مناطق «القيظ» العربي الحالي، الذي اطلق الاميركان عليه بـ«ذكاء» ربيع العرب، السلطة الممكنة او بالاحرى حرية الرأي الوحيدة والمتوافرة، هي حرية رأي الاسلام السلفي السني، او الشيعي كما في ايران.
في ايران واضحة وصريحة، يجب ان يوافق عليك مجلس العلماء قبل ان تمنح شرف العمل السياسي، تماما كما كان الحال في مصر ايام عبدالناصر، يجب ان تتشرف بترشيح الاتحاد الاشتراكي. في بقية النظم او المناطق ليست هذه واضحة، وذلك لان المتدينين لم يصلوا الى السلطة بعد، لكنها تبقى «تقليدا وتراثا» اجتماعيا له قوة القانون. فالتيار والاتجاه الديني السلفي بالذات، يُدرس ويُفرض في المناهج والمدارس، وتتولى وسائل الاعلام المملوكة للدولة مهمة ترويجه واشاعته بين الناس. بل يحرم القانون ـــ قانون المطبوعات وقانون الجزاء ايضا ـــ التعرض اليه او اي محاولات لنقده او التشكيك في رواياته التاريخية التي هي اصل السنن والقواعد والشرائع، وبالتالي القوانين التي تتحكم في رقاب ومسلك «خلق الله»، باعتبارها ـــ وهنا المهم ـــ صالحة لكل زمان ومكان، يعني في الكويت التي يحكمها رئيس وزراء شعبي او ديني او حتى اميري، لا فرق، من سيتسيد هو رأي ومذهب الفرقة الناجية.
وربما لم يكن صدفة انه في زعامة الربيع العربي تونس، كان اول انجازات هذا الربيع التونسي وقبل الانتخابات «الحرة» باسابيع، اغلاق دار السينما التي عرضت فيلما «تقدميا» تعرَّض لتجسيد الله، ولهذا وليس لأي سبب آخر فاز المتدينون هناك بأغلب المقاعد.
لو أجريت اي انتخابات في أي قطر اسلامي او عربي حاليا فإن الفائز سيكون من يملك خطباء المسجد، ومن يتواجد في كل مقر او تكية مزروعة في كل زاوية في البلد، ومن لديه الملايين من اموال الزكاة، ومن يحمي القانون رموزه وشخصياته الحقيقية او التي اخترعها، في الوقت الذي يوفر له القانون ذاته الحماية والتشجيع عند شتم «الفسقة والكفرة والمنحلين».
من أجل تداول السلطة ومن اجل توافر فرص متكافئة، او على طريقة الواشنطن بوست من أجل «ديموقراطية حقيقية»، يجب ان تتوافر حرية التعبير ووسائلها ايضا ــ بشكل مسبق ــ للجميع، ويجب ان يتساوى الجميع في فرص الفوز.. وهذا يتطلب اطلاق الحريات وتوفير فرص الدعاية والاعلان للجميع، وليس كما هو الوضع الحالي الذي يملك المتدينون فيه منابر الآلاف من المساجد ومقرات المئات من الجمعيات والملايين من أموال الزكاة او الخمس، ويملكون فوق كل هذا سيف المادة 19 من قانون المطبوعات.

عبداللطيف الدعيج

 

تعليقات

اكتب تعليقك