هل ثروة البورصات ثروة وطنية يتسائل ويجيب الدكتور علي فخرو

الاقتصاد الآن

433 مشاهدات 0


الذي يريد قوله لأمتهم أولئك الذين ما ان تواجه ثورات وحراكات الربيع العربي المبهرة، في هذا القطر أو ذاك، بعض الصعوبات أو العثرات، أو ترتكب بعض مكوناتها بعض الأخطاء، وذلك بسبب قلة الخبرة في كثير من الأحيان ما ان يحدث ذلك حتى يولولوا بالويل والثبور ويتنبأوا بقرب انهيار الثورات ويحاولوا المستحيل لزرع الخوف والشكوك في قلوب وعقول الشعوب.

 ولعلّ أكثر الأساليب شيطانية وخبثاً محاولتهم ربط علل المجتمعات من بطالة وفقر وتردي الخدمات العامة وغيرها كثير، والتي كانت موجودة ومتجذرة في مجتمعات ما قبل الثورة طيلة سنين وعقود، ربطها بعدم الاستقرار المؤقت وبتراجع بعض الخدمات المؤقت وبالتالي الايحاء الخبيث بان الحراكات الكبرى والثورات لا تأتي الا بالمصائب والمشاكل.

 دعنا نفند بعض ما تقوله تلك الفئة الماكرة كحجج لتشويه سمعة الربيع العربي المثال الأول هو الهلع الذي يراد للمجتمعات العربية ان تعيشه كلما تراجعت البورصات العربية بسبب عدم اتضاح الرؤية في الفترات الانتقالية للثورات لكن ألا تتقلب أسعار البورصات العربية، نزولا مفجعاً وصعوداً ليس له مبرر اقتصادي، طيلة العام بسبب الأزمات المالية والاقتصادية والسياسية والعسكرية والنكبات الطبيعية التي تحدث في عالمنا العولمي لماذا نتفهم تلك الظاهرة ونقبلها كشر لا بد منه، ولكننا نرفضها وندينها ونشعر بالاثم تجاهها اذا كانت أسبابها داخلية، لماذا نضن على شعوبنا حقها في التجريب وارتكاب الأخطاء ابان محاولاتها للنهوض من بؤسها التاريخي، ولكننا نوجد الأعذار والتبريرات المثيرة للشفقة للأخطاء الفادحة التي ترتكبها حكومات ومؤسسات وشعوب الدول العولمية الرأسمالية.

 ثم، لنطرح السؤال الآتي: هل ثروة البورصات هي ثروة وطنية تملكها جموع المواطنين، وبالتالي فان تأثرها السلبي المؤقت يهم الجميع، أم أنها في الأساس ثروة، لعدد صغير من الأثرياء والمغامرين، بمن فيهم عدد لا يستهان به من الأجانب الذين جاءوا للكسب السريع واخراج ثروة البلاد.

 المثال الثاني مرتبط بالأول ولكن تحت عنوان تخويف آخر فما ان تزيد حرارة الوضع السياسي ابان الفترة الانتقالية المؤقتة للثورات حتى تنبري المنابر والأقلام اياها لترثي موت الاستثمارات الأجنبية أو جفاف منابعها ومرة أخرى يطل السؤال: ما نسبة الفوائد المعيشية لتلك الاستثمارات التي تذهب للفقراء والمهمشين من عمال وفلاحي وشباب ونساء المجتمعات العربية، الا ينتهي القسم الأكبر من الاستثمارات في يد النافذين الفاسدين في مؤسسات الحكم أو مؤسسات المال والاقتصاد التي تملكها أقلية متعاونة مع ومستزلمة لبعض جماعات السلطة السياسية أو لبعض الشركات العولمية الاحتكارية العابرة للقارات التي من خلال وكلائها المحليين تجني الأرباح، ثم تخرجها لتزيد في توسعها ومضاعفة أرباحها في أماكن أخرى.

 هناك أمثلة كثيرة أخرى مثل ذرف دموع التماسيح على اضطراب الأمن ابان فترات الانتقال المؤقتة لكان الأمن قبل الثورات والحراكات كان أماناً ورحمة للمواطنين، بينما القاصي والداني يعرف ان آلة الأمن تلك كانت ظالمة فاسدة عبدة لأصحاب النفوذ والجاه والاستبداد ينسى المتباكون الألوف الذين سجنوا بدون محاكمات، عذبوا من دون وجه حق وماتوا ودفنوا أو أحرقوا خارج القوانين وشرائع السماء اما انفلات الأمن المؤقت بين الحين والآخر بسبب محاولة أجهزة الأمن القديمة معاقبة الثورات والانتقام منها أو بسبب الفوضى المؤقتة في بعض الأجهزة، فانه يعتبر مرضاً من أمراض الثورات التي تستدعي توقفها عن السير.

 ما المشكلة بالنسبة للذين يريدون اجهاض الحراكات الثورية العربية الكبرى؟ احد جوانب المشكلة هي عدم رغبتهم في الاقتناع بان الغالبية الساحقة من شعوب الأمة العربية يريدون هذه التغييرات وعلى استعداد للموت في سبيلها أو تحمل تكاليفها مالا يريد هؤلاء ان يدركوه هو حق الأمة العربية، بقيادة شبابها الثائرين، في التجريب وارتكاب الأخطاء، ثمُ تعديل المسار، حتى نوصل ثورات الربيع العربي الى بر الأمان هذا الطريق سلكته الأمم الأخرى وستسلكه هذه الأمة التي أخرجها الظلمة والمتخلفون عبر القرون من دروب تاريخ الانسانية.

 وأخيرا، ما لا يريد هؤلاء ان يفهموه ان زوابع الثورات والحراكات قد تهدأ قليلا ابان فترات الانتقال والاستعداد لصعود جديد غير أنها اذا أصبحت سكوناً تاماً بانتظار ان يمن عليها أحد من الخارج والداخل بالمساعدة فان الثورات ستموت السكون التام في أي فترة يتناقض ومستقبل الثورة.

 من هنا، مطلوب من شباب الثورات ألا يصغوا لكثير من الترهات التي نسمعها ونقرأها في أيامنا هذه ويعوا ان الطريق الى الحرية والمساواة والعدالة مليء بالحفر والأعاصير والدموع.

جريدة النهار الكويتية

تعليقات

اكتب تعليقك