تجمع «الله يحفظك يا كويت»، برأى وليد الرجيب نموذج للمظاهرات المضادة للأنظمة الديكتاتورية العربية

زاوية الكتاب

كتب 2531 مشاهدات 0



الراى

 أصبوحة / الرأي والهراوة

بعد سقوط الرئيس العربي الرابع على يد شعبه خلال هذا العام، أصبح من الواضح أن هذه الشعوب لن يثنيها القمع والقتل والتعسف الأمني في سبيل تحقيق مطالبها وحقوقها في الحرية والديموقراطية والعيش الكريم، كما أن تبني ملك البحرين الشيخ حمد بن خليفة لتقرير تقصي الحقائق حول أحداث البحرين وتعهده بمعاقبة مرتكبي العنف ضد التظاهرات السلمية لأبناء الشعب البحريني، يبرئ شعب البحرين من الاتهامات بالخيانة والعمالة والطائفية وينم عن حكمة الملك وبعد نظره.
لكن في نفس الوقت وفي ظل التحولات الدراماتيكية العربية تحلق الحكومة الكويتية خارج السرب باستخدامها العنف والقمع والتعسف الأمني ضد مواطنيها، مخالفة بذلك الطبيعة السلمية والمتسامحة التي جبلت عليها الكويت وجبل عليها الكويتيون، مع تأجيج خطر وبغيض للطائفية والفئوية.
إن ضرب المواطنين المتضامنين مع المعتقلين الشباب الذين سلموا أنفسهم طواعية أمام المباحث الجنائية بمن فيهم النواب والمحامون وذوو المعتقلين هو تعد صارخ على قيم الديموقراطية والأعراف الإنسانية، وهي المرة الثالثة خلال فترة أسبوعين وهي أيضاً إيغال بالعناد وعودة إلى نهج الملاحقات السياسية تحت غطاء قانوني للمعارضين للحكومة.
وللأسف فقد استغلت الأحداث الأخيرة لمحاولة فرض قيود على حرية التجمع والاجتماعات العامة التي كفلها الدستور، كما قسمت الشعب الكويتي عن عمد، ما أجّج مشاعر البغضاء والعداء بين أبناء الشعب الكويتي واستخدم الإعلام الفاسد لترويج الأكاذيب والافتراءات بحق من احتج على الفساد والسرقة وانتهاك الدستور.
هذا وقد دانت قوى وطنية وحقوقية بما فيها الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان، وكذلك مكتب الشال للاستشارات الاقتصادية الذي حذر من تجزئة المجتمع، إضافة إلى شخصيات عامة عبرت عن استيائها من المنحدر الذي وصلت إليه الكويت في ظل تغيرات عربية ويقظة أنظمة عربية قرأت هذه التغيرات قراءة صحيحة وواقعية فثابت إلى رشدها.
أما التجمع المفتعل تحت عنوان «الله يحفظك يا كويت» والذي صور على أنه مبايعة لسمو الأمير خارج الدستور يوم الثلاثاء 22 نوفمبر الجاري، فقد كنا نتمنى أن يكون تعبيراً حقيقياً وطوعياً عن رأي مخالف، ولكنه للأسف كان مرتباً على غرار المظاهرات المضادة التي تنظمها الأنظمة الديكتاتورية مثل سورية واليمن، كما أنه كان ذا طابع كرنفالي احتفالي وليس سياسيا، وقد ساءني منظر نزلاء دور الرعاية الاجتماعية مثل العجزة والمعاقين والكشافة الذين جلبوا بباصات معدة لذلك، وساءني أكثر ما نشرته إحدى الصحف المحلية من صور لعمال النظافة وهم يلوحون بالأعلام الكويتية، لكن الفضيحة الأنكى هي قيادة وتنظيم وزارة الداخلية لهذا التجمع، وهي الوزارة التي تعاملت بعنف واستفزاز مع الجموع الكويتية في الأسبوع الماضي.
إن كل المؤشرات تشير إلى تفاقم الأزمة إلى ما لا تحمد عقباه، إذا لم يتم التعامل مع القضايا السياسية بمعالجات سياسية حكيمة، وكل ما نطلبه هو تحكيم العقل والمنطق والابتعاد عن الانفعال وشحن المشاعر.


وليد الرجيب

تعليقات

اكتب تعليقك