'أرخت لحقب مهمة من تاريخ الكويت'

محليات وبرلمان

المسباح: 'التخييم' والخروج الى البر عادة قديمة وثقتها الكتب

2424 مشاهدات 0

صالح المسباح

قال الباحث في التراث الكويتي صالح المسباح ان التخييم والخروج الى البر أيام الربيع تقليد وعادة قديمة بين أهل الكويت حتى أنها موثقة في بعض الكتب التي تؤرخ لحقب مهمة من تاريخ البلاد.
واضاف المسباح لوكالة الانباء الكويتية (كونا) اليوم ان كتاب (العرب والصحراء) للمعتمد السياسي البريطاني في الكويت الكولونيل هارولد ديكسون عام 1936 ركز في أحد فصوله على عادة التخييم ووصفها بأنها تقليد قديم بين اهل الكويت الذين يحرصون عليه أيما حرص.
وأورد بعضا مما وثقه ديسكون في كتابه من أن 'موسمي الشتاء والربيع من المواسم الجميلة في الكويت حيث يقوم اهلها بتقليد أخوانهم البدو وينتقلون الى الصحراء للاستمتاع بقضاء أربعة أشهر فيها ضمن خيام الشعر السوداء من جديد ويتشارك الجميع في هذه الهجرة الربيعية من المدينة وفي الاستمتاع بنتائجها الصحية والمفيدة'.
واستطرد بقوله ان 'بعض المواطنين الذين لم تكن الاحوال المادية تسعفهم على ذلك كانوا يبذلون قصارى جهدهم للمشاركة في التخييم وان كانوا غير قادرين على تحمل تكلفة اقامة الخيام حيث كانوا يلجأون الى الضيافة لدى أقربائهم أو لدى القبائل وفي نهاية فصل الربيع يكون كل من في الصحراء قد حصل على عقد جديد من الحياة'.
وأشار بحسب ما ورد في الكتاب الى مباهج هذا الموسم 'حيث تنبت الأزهار البرية في كل مكان ويصبح البر عبارة عن سجادة متعددة الألوان بين أخضر وأصفر وأبيض وأحمر قانئ وكأن أهل الكويت يعيشون في جنة على الأرض'.
وقال المسباح ان (الكشتات) والتخييم وطلعات البر كانت تشكل بالنسبة لاهل الكويت في الماضي حدثا موسميا يتطلب الاستعداد الكبير ومصروفات كبيرة ورغم ذلك فقد كانوا وبمختلف شرائحهم حريصين على احياء هذه العادة لما تعنيه من متعة وسعادة ونزوع الى الطبيعة.
وأوضح أن أبرز ما كان يميز جو الشتاء والربيع في الكويت البرد والمربعانية وهطول الأمطار والعشب و(الخباري) وطلعات البر والخيام و(الكشتات) المتعارف عليها في البر و(منطر والطعوس) المتعددة المتناثرة والعرفج موضحا ان 'الطعس' هو ارتفاعات بسيطة منتشرة في البر.
وذكر ان البر قديما كان يتميز بنباتاته الجميل والعطرية أبرزها (الحنبزان الخبيز - الحويت - القلمان - اصابع العروس - العرفج) وأشهر طيور الربيع (الحبارى -ابو حقب - الهدهد - أم دقي - حمروش - الخضيري وغيرها).
وبين أن غذاء البر بالنسبة لاهل (الكشتة) عادة مايكون ذبيحة تطبخ اما على شكل مجبوس او (المفطح) اي الخروف كاملا مع الحشو (الكشمش والبصل ونخي العيش).
وعن الافطار أو 'الريوق' وبحسب المسباح فكان يتكون من (الدرابيل البقصم للتغميس مع الحليب المهيل والرهش والحلوى والباجلاء والنخي وخبز الخمير والحليب والشاي).
وقال ان 'كشتة الفقع' فتكون في أواخر شهر ديسمبر ويناير حيث يتم البحث المستمر طوال اليوم لاستخراج 'الفقع' من قاع الأرض البرية واستذكر في هذا الصدد مثلا يقال ومفاده انه (اذا هاض الجراد صر دواك واذا طلع الفقع انثر دواك).
واشار المسباح الى أن ليالي السمر في البر من أجمل الجلسات العائلية اضافة 'للحزاوي' والمسابقات وتبادل النوادر حول 'الدوه' الملأى بالفحم وحطب السمر وعليها 'قواري' الشاي والحليب المهيل.
وقال ان ثمة ألعابا جميلة تشتهر بها تلك الليالي منها (الدامة وجاب لوكتب الدومنة وألعاب الصبية سبعة صخرات وشطط - هول و(الطنباخية) وتعني كرة القدم علاوة على الالغاز و'القطاوي' وألعاب اخرى.
واضاف ان بهجة البر تكمن في بساطته والعودة لاحضان الطبيعة مستدركا انه رغم ان أهل الكويت الذين يخيمون حاليا يسيرون على خطى الاجداد الا أن الكثير منهم يبالغ في استقدام وسائل الراحة والرفاهية ما ينزع عن التخييم مفهوم البساطة ويعقده.
ورأى أن مخيمات اليوم تفتقد بشكل عام الى سحر التخييم وبدلا من الهدوء والصمت والسكينة التي كانت تميز ليالي الصحراء تحل ضجة المركبات 'كالبغيات' والسياكل ورنات الهواتف الخلوية وأجهزة التلفزيون وضوضاء القنوات الفضائية والموسيقى الصاخبة.
من جانبه دعا نائب رئيس جمعية الطيور الكويتية المهندس عبدالرحمن السرحان مرتادي البر الى المحافظة على البيئة الكويتية والتنوع البيئي فيها وخصوصا النباتات القادرة على تحمل قسوة مناخ الصحراء.
وقال السرحان ل(كونا) ان أيدي الانسان للأسف طالت الثروتين النباتية والحيوانية في صحراء الكويت ودمرتهما بحيث ادت الى انقراض العديد من الأنواع ومنها النباتات القادرة على تحمل طبيعة الصحراء اضافة الى القوارض والفئران والعظايا والافاعي وحتى الثعالب أو الغرير اصبحت شبه معدومة ومن النادر وجودها الا في المحميات وباعداد بسيطة.
واوضح ان 'صلادة' التربة ناتجة عن استخدام عربات السير على الرمال بحيث تصبح الطبقة العليا للتربة قاسية وصلبة بالتالي لا يمكن لمياه الأمطار اختراقها لذا تبقى المياه على السطح وتحدث التعرية وبفقدان سطح التربة وصلادة الأرض من غير الممكن نمو النباتات.
وذكر ان مرور سيارة لمرة واحدة فقط في الصحراء فإن التربة التي مرت عليها العجلات بحاجة الى ثلاث سنوات لتعود الى حالتها الطبيعية هذا ان لم تتعرض مجددا لأي ضرر آخر.
واضاف انه بالنسبة للعربات الصغيرة والدراجات النارية فان الفترة اللازمة لاسترداد التربة حالتها ان مرت تلك العربات عليها هي سنة واحدة في حين أن الفترة اللازمة بالنسبة لسيارة الشحن سبع سنوات.
وقال ان هناك عددا هائلا من العربات التي تتجول في المناطق الصحراوية ما يعني اننا في آخر مرحلة من مراحل التعرية ويشكل مجمل ذلك حلقة متكاملة حيث مع غياب التربة الصالحة لا تكون هناك حياة نباتية.
وأوضح ان ذلك يعني تناقص أعداد الحيوانات التي تضطر لأن تهاجر بحثا عن الطعام والملجأ وللابتعاد عن الضوضاء والارتجاجات ونظرا الى قلة الأماكن التي يمكن أن تلجأ اليها فان معظمها تنفق أو تتعرض للصيد الجائر.
واشار الى أن الخطورة تكمن أيضا في النفايات باعتبارها مشكلة جدية أخرى يتسبب بها المخيمون الذين يتركون الأرض وقد تناثرت عليها العبوات البلاستيكية والاخرى من التنك وكسر الزجاج وجميع انواع النفايات الأخرى

الآن- كونا

تعليقات

اكتب تعليقك