المحمد، برأى د.المقاطع، يرغب في البقاء بمنصبه، ولا يريد المساءلة

زاوية الكتاب

كتب 802 مشاهدات 0



القبس

أزمة البلد الدستورية.. وتزوير إرادة الأمة
كتب محمد عبدالمحسن المقاطع :
 
لابد من أن يعترف الجميع بأن البلد يعيش اليوم أزمة دستورية خانقة، سببها رئيس الوزراء، والحساسية المفرطة عند محاسبته بسبب كونه ينتمي للأسرة الحاكمة، فهو يرغب في البقاء بمنصبه، ولا يريد المساءلة، ويقول إنه يحترم الدستور، وحكومته قامت بأساليب لانتهاكه، بدءاً من سرية جلسات مساءلته، ومروراً بإحالة استجوابه للدستورية أو التشريعية، ويرفع هو وحكومته راية الإصلاح، وقد أُفسدت الحياة السياسية في عهده أثناء الانتخابات باختصار يود البقاء بمنصب، فقد القدرة على القيام بمسؤولياته، وكذلك الوفاء بمتطلباته، فكان الحل بالنسبة له وبمشورة بطانته، إفساد بعض المجلس لضمان أغلبية مزورة، فكان له ذلك، واستخدم تلك الأغلبية فعبث بأحكام الدستور ونقح أحكامه فعليا.
فالحريات كلها أُهدرت وكُبّلت، والاستجوابات المقدمة له من مضمونها أُفرغت، وآليات الإعلام الفاسد سُخّرت، ومظاهر الدولة العشائرية برزت، وركائز الدولة الدستورية اختفت، وإذ بالشكاوى الكيدية تتابعت، وملاحقات ومضايقات الداخلية تزايدت، وطلبات رفع الحصانة عن النواب شُرّعت، ومحاضر التحقيق مع المعتقلين السياسيين في تاريخ الكويت فُتحت، وشباب الكويت للسجون سُحبوا، وبوادر نجاح إرادة الأمة توحّدت، والأغلبية الدستورية لعزل رئيس الوزراء توافرت وتحققت.
وبعد.. فما هو المشهد السياسي القادم؟
إن هناك من يرغب في أن يتذاكى أن هذه هي الديموقراطية، وهذا هو توجه الأغلبية، وتخطى هؤلاء حقيقة أن عددا ليس بقليل من أعضاء المجلس وصل إلى مقعده بسبب الرشى الانتخابية، وآخرون ـ بلغ عددهم 14 ـ محالون إلى النيابة لتورطهم بملايين دخلت حساباتهم، أي قبضوا ثمنا عن بيع مقاعدهم ـ ومستغرب حتى الآن لم تطلب النيابة رفع الحصانة عنهم، وهو إجراء عاجل، عليها اتخاذه كما اتخذت قرار طلب رفع الحصانة عمن دخلوا عنوة للمجلس، فما الذي يختلف بين الحالتين؟ خصوصا أن نواب الحسابات المليونية صارت عضويتهم لا تُعبر عن إرادة الأمة، وهي التي تشكل الأغلبية المزورة مع أصوات الوزراء، التي لا يجوز لها التصويت على منع استجواب رئيسها للحكمة ذاتها التي قررتها المادة 101 من الدستور، كما أوضحت ذلك تفصيلا في بحثي عن الاستجواب البرلماني في الكويت، فإرادة الأمة بالمجلس الحالي تماما كما كانت عليه الحال بمجلس الشعب المصري الذي زوّر انتخاباته مبارك وبطانته فانتفض الشعب في مواجهته.
إن عمق الأزمة الدستورية اليوم وحّد الكويتيين، أي الأمة، لتحمي إرادتها من العبث، ودستورها من التحريف، ومكاسبها من التلاشي، فتجمعت أطياف المعارضة النيابية وأفرادها حتى وصل المعلن منها اليوم 26 صوتا كافية لإسقاط رئيس الوزراء سياسيا ودستوريا حسب المادة 102 من الدستور، وتنادت كل ألوان المجتمع والتجمعات والكتل والتيارات والجموع الطلابية والشباب والشيبان النساء والرجال ليلتقوا في صعيد واحد بساحة الإرادة حفظا لهذه الإرادة، فلم يعد أمام الحكومة من خيار إلا مواجهة حتمية إقصائها بقرار الأغلبية البرلمانية المنتفضة وبخيار الإرادة الشعبية الحرة والواعية، أو إسراع رئيس الوزراء بتقديم استقالته استجابة لأحكام الدستور.
لا شك أن الحكومة ستضرب بالدستور عرض الحائط لتحاول إسقاط الاستجواب من جدول الأعمال بدعوى أنه غير دستوري، وهذا ادعاء وإجراء باطل على غير ما يروّجه حسين الحريتي الوزير السابق والنائب الحالي بخصوص ما قاله حول رفع الاستجواب من جدول الأعمال، ولم يتمكن من التفرقة بين إدراج الاستجواب ورفعه فيما بعد، لأنه ينطلق بحماس سياسي وليس بأساس قانوني، فضلا عن استشهاده بكتاباتي على طريقة «لا تقربوا الصلاة»، وأدعوه لمناظرة علنية لأثبت له عدم صحة رأيه وأطرح عليه أسئلة أخرى، وكذلك د. علي العمير، الذي صار يبحث للحكومة عن مخرج، بعدما تورّط مع بقية أعضاء مكتب المجلس بإحالات غير صحيحة، كونهم يملكون حق الشكوى المباشرة للنيابة العامة إذا أرادوا، ولا يجوز لهم طلب القيام بذلك من قبل وزير الداخلية لكون هذا الإجراء باطلا، وهو ما تم، وكان على النيابة العامة أن ترفض الشكوى بهذه الصفة لعدم سلامة صفة مقدمها، وفي المقابل فإن مكتب المجلس قد قال سابقا وبكل أسف إن تضخم الحسابات المليونية للنواب لا تعنيهم، وهي من أوجب واجباتهم.
إن المسافة بين تحقق إرادة الأمة وبين قدرتها في الحفاظ على الدستور صارت قريبة جدا، وكلما اشتدت الأزمة على الدستور بمحاولات إفراغه وتنقيحه، كانت قوة الأمة أكبر وأسرع في فرض إرادتها.
اللهم إني بلّغت،،

أ.د. محمد عبدالمحسن المقاطع

تعليقات

اكتب تعليقك