الجرائم المالية بأسواق المال

الاقتصاد الآن

قد تكون تغطيه على غسيل اموال غير مشروعة برأي د. محمود ملحم

923 مشاهدات 0


ان دراسة الأسواق المالية العالمية وما لها من أهمية دخلت على سلم الأولويات للتعاطي بين الاقتصاديين فهي تعد من إحدى المقومات الأساسية المعاصرة لمعرفة مدى تطور الدول أو تخلفها، تأخرها أو تقدمها، فهي مرآة للنهضة الاقتصادية التي تعيشها البلدان، والتي تشكل منطلقا لتحديد دعامة الاقتصاد سواء داخلا أو خارجا.
ومن هذا المنطلق ندخل إلى عالم الشركات وما يصحبها من مشاكل، ولننظر مثلا إلى الشركة المساهمة أو غيرها من الشركات (JOINT STOCK COMPANIES) بحسب الأنظمة التي تطمح الى جذب الأموال لزيادة رؤوس أموالها او السعي الدءوب إلى زيادة مقدراتها بشكل عام.
ففي الخارج يبقى هنالك ضوابط لأن الرقابة مطلوبة في الداخل وللأسف الحل المجدي نظرية الاستحواذ أي بالعامية «الكبير يأكل الصغير» فالطريقة لا فرق فيها والهدف تسويق لمنتجاتها أو لخدماتها عن طريق الدعاية غير المشروعة، وهذا ما يدفعها إلى إحاطة أعمالها بالسرية في مرحلة التفاوض سواء لعقودها واندماجاتها أو استحواذ جزء منها وغيرها من المسائل قبل اكتمالها وإعلانها بشكل رسمي للجميع حتى يتمكن المستثمرون من الاستفادة من هذه الأخبار سواء كانت إيجابية أو سلبية، ولا يتحقق ذلك كله إلا إذا كان هناك مستوى عال للتطبيق وتوافر مبدأ الشفافية والإفصاح، كما أنه في حالات كثيرة لا تكون للشركات مصلحة في ذلك، وإنما بعض مستثمريها أو المضاربين بأسهمها يقومون ببعض الأعمال المخالف للأنظمة والقوانين لتحقيق مكاسب بطرق غير شرعية والإضرار بالآخرين.
إن تناولنا للموضوع ليس من بوابة الأسواق المالية أو العمل الدؤوب الذي تمارسه الشركات العملاقة وذلك عبر وضع سياسات طويلة الأجل، تهدف من خلالها وبطرق ملتوية إلى السيطرة على أسواق المال بل بالنظر إلى حقيقة الأمر الواقع هو أن تلك الأسواق أصبحت مملوكة ومهمشة لأن الصورة الخارجية أسواق مــال وهــي من الداخل ليست سوى شركة محصــورة متعددة الشركاء بالتعبير المجــازي وهــذا ما يعرف بالجرائم المالية
(FINANCIAL CRIMES) وتحديدا أثرها على الشركة أو الشركات المتوسطة ومساهميها بصفة خاصة وعلى السوق المالي والاقتصاد بصفة عامة، مما يؤدي إلى عزوف المستثمرين المتوسطين وتوجه الاستثمار بطريقة غير كفؤة.
ومن هذه المقدمة الموجزة، نجد أن نظرية السوق الكفؤة والفعالة والسعي الحثيث لتطبيقها يشوبها عدة شوائب بفعل هذه الجرائم ولابد من التخلص منها إذ ينظر البعض الى هذا الموضوع كحق ولكنه من الوجهة الاقتصادية جريمة مالية بحق الاقتصاد لأن مبدأ المنافسة يتلاشى رويدا رويدا.
ولتفصيل هذه الجرائم لابد من تحليلها بالطرق القانونية فالجريمة بفعل المضاربين الذين يهدفون إلى تحقيق مكاسب غير مشروعة عن طريق الاضرار بغير المباشر، وذلك إما عن طريق التلاعب بأنفسهم أو اشتراكهم مع الغير أو مبدأ السيطرة على غير المباشرة عبر شخصيات الظل وهنا تكمن العبرة في الموضوع فعدم أو ضعف تطبيق قوانين مثل حوكمة الشركاء التي تلزم بوجود ضوابط يؤدي حتما الى كوارث مالية لا تنتج آثارها ولا تخرج للعلن إلا بعد زمن بعيد فطرق غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، يهدف هؤلاء إلى جعل أموالهم التي تم الحصول عليها بسبب غير مشروع عن طريق المخدرات مثلا ومن ثم إدخالها إلى السوق المالية وتدويرها مع الأموال الأخرى وبالتالي تصبح مشروعة.
وهنا حذرنا في الماضي بالقول ان كميات كبيرة من المال يمكن ان تختفي عبر استعمال طرق خارجها قانوني وفي باطنها يسكن الشيطان.
وفي الختام كل الاحترام لأمير القلوب وحكيمها وتبقى الكويت الله حاميها.

جريدة الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك