المفاهيم الخطأ بين الموالاة والمعارضة يرصدها أحمد الرجيب

زاوية الكتاب

كتب 1611 مشاهدات 0


 

الأنباء
 

المفاهيم الخطأ بين الموالاة والمعارضة
الأحد 4 ديسمبر 2011 - الأنباء
ان من اخطر الأمور في السياسة ان تتبنى مفهوما خاطئا ويقر في يقينك انه صواب، وان تكون كل تصرفاتك وتصريحاتك وردة فعلك انعكاسا لذلك المفهوم الخاطئ، ولنضرب مثلا حيا على ذلك، في الكويت يردد البعض كلمتي الموالاة والمعارضة، كل وفق مفهومه الخاص الذي استقر في يقينه فيما تعنيه هذه الكلمة بالنسبة اليه، المعارضة في مفهومها ان الموالاة هي الاصطفاف مع الحكومة بشكل كامل مهما كانت سيئة، والدفاع عنها في كل صغيرة وكبيرة، وقر في يقينها ان هؤلاء الموالون يخالفونهم ويختلفون معهم على كل شيء وعلى طول الخط، وانهم عون مع الحكومة ضدهم، ومن ذلك المفهوم اطلقوا على الموالاة سلسلة من الأوصاف السلبية وصلت الى حد السب والقذف بأقذع الأوصاف.
اما الموالون، فلقد قر في يقينهم ووفق مفهومهم ان المعارضة، صنفت نفسها بالمعارضة من اجل تحقيق مصالح خاصة، وان تحركها ومطالبها ليس فيما مصلحة الكويت، ولذلك هم يعارضون المعارضة في كل ما تطرحه، وانطلاقا من هذا المفهوم اطلق الموالون على المعارضة أوصافا سلبية وصلت الى حد التخوين. وما بين هؤلاء وأولئك وبسبب تمسك كل طرف بمفهومه الخاطئ، تظلل الكويت ومنذ زمن غمامة سياسية داكنة، وانقسم المجتمع فريقين كل يدافع عن مفهومه الذي استقر في يقينه عن الآخر.. وظهر ذلك جليا في التجمعات والتجمعات المضادة.

وفي رأيي المتواضع ان كلا المفهومين السائدين على الساحة السياسية فيهما شيء من الخطأ، لأن قسما كبيرا من المعارضة وطنيون يرون ان الفساد استشرى في البلاد ومعارضتهم للإصلاح ليس إلا، لأنهم يرون ان الحكومة ليست قادرة على تلبية طموح الوطن والمواطن، وهذا القسم من المعارضة ليست له أجندات خاصة، ولا ذنب لها في ان بينها من تسلق المفهوم العام للمعارضة ليصل الى أغراضه الخاصة او لتصفية حساباته الشخصية مع أشخاص داخل الحكومة.

اما في الجانب الآخر وأعني هنا الموالاة، فقسم كبير منها ضد الفساد وضد كل ما يعيق تقدم البلاد ولها ملاحظات كثيرة على أداء الحكومة في كثير من المجالات، ويتفقون تماما مع المعارضة البناءة ذات التوجه الاصلاحي، البعيدة عن الأجندات الخاصة فيما تطرحه، بل ان كثيرين من الذين يصنفون بالموالين عند قسم من «المعارضة»، هم معارضون وإصلاحيون بدرجات تفوق تلك المعارضة نفسها.. وتبقى حقيقة ان هناك جزءا مما يسمى بالموالاة قلبا وقالبا مع الحكومة، لأنها تدين بالفضل للحكومة لما هي فيه من امتيازات ونفوذ.

ومن هذا المفهوم سنجد ان غالبية من يطلق عليهم بالموالين هم معارضون وفق أساليبهم التي تتفق مع العادات والتقاليد والقيم الكويتية الأصيلة، التي تقول للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت، لأنها لا تجامل على حساب وطنها، وليستمع كل من يشكك في ذلك الى ما يطرح في دواوين أهل الكويت وفي جميع المناطق دون استثناء، من نقاش وآراء وأطروحات وانتقادات للحكومة وللوضع العام في الكويت، لا تنقصها الصراحة ولا الجرأة.

وتبقى حقيقة ان المعارضة والموالاة متغيرة، حسب الظروف السياسية السائدة في البلاد في مرحلة من المراحل وفقا لاتفاق المصالح او تعارضها مع الحكومة، فمن كان يوما معارضا كان يوما مواليا، ومن كان يوما مواليا نراه معارضا، والأمثلة في الكويت وغيرها من الدول أكثر من ان تحصى.

نخلص من كل ذلك إلى ان هناك مفاهيم خاطئة عن مفهومي الموالاة والمعارضة، استغلت أبشع استغلال من كلا الطرفين، حتى وصل الحال الى ان انقسمت البلاد قسمين كل يرى ان الآخر على خطأ.. حتى وصل الأمر الى ان هذا معارض وطني وهذا موال غير وطني او العكس.

وأرى ومثلي كثيرون انه اذا ظلت هذه المفاهيم الخاطئة لمفهوم الموالاة والمعارضة سائدة بين الفريقين، فسيتعمق الخلاف بين الكويتيين أكثر وأكثر. وأرى ولكي تسود الحكمة بين الطرفين ان تكف بعض أجهزة الإعلام عن النفخ في نار الإثارة والتحريض المتعمد والتحيز لطرف دون آخر ولتصمت لغة التخوين لأننا كلنا كويتيون وطنيون وان اختلفنا في الأساليب، ولتنتهي محاولة إقصاء الآخر والاستفراد بالرأي لأن الوطن للجميع، وليتنادى عقلاء الكويت في كلا الطرفين الى كلمة سواء تحفظ للكويت أمنها واستقرارها من خلال حوار وطني، يضع خارطة طريق لحاضر ومستقبل الكويت، ليتحقق ما تنادي به المعارضة الوطنية والأغلبية العظمى من الموالين من إصلاح لأحوال البلاد ومكافحة الفساد واستغلال النفوذ بجميع أشكاله.


 

تعليقات

اكتب تعليقك