الأمن الغذائي مقدم على الربحية برأي هشام صافي
الاقتصاد الآنديسمبر 5, 2011, 10:34 ص 552 مشاهدات 0
يبدو أنه سيطول انتظارنا للوصول إلى مرحلة القناعة الذاتية التامة، والالتزام الطوعي الذاتي غير المفروض من خارج كل منا سواء كان الإجبار فعل فرد أو مؤسسة حكومية تملك بالطبع هذه السلطة .
فحتى الآن ورغم توالي السنوات من عمر الدولة، إلا أن نسبة قليلة من تجار المواد الغذائية تلتزم بشروط ترخيصها والسماح لها بالعمل، فيما البقية تخالف ولا تلتزم، ولا تقيم وزناً للعقوبات المتواضعة التي تتعرض إليها، لأنها بكل بساطه متواضعة .
4639 مخالفة سجلت في دبي بحق مؤسسات غذائية خلال الشهور التسعة المنصرمة من العام الحالي، ولا نريد أن ندخل في أرقام الاستدلال المنطقية حتى نصل إلى الأرقام المخيفة من المخالفات التي تسجل سنوياً، ليس في دبي فقط، وإنما على مستوى الدولة ككل .
المشكلة لا تنحصر فقط في الحجم الكمي للظاهرة، لكن في نوعيتها ومدى خطورتها، فالأمر لا يتعلق بمنظر غير جميل، أو بورقة ملقاة في عرض الطريق، أو أي من المخالفات الكثيرة التي تؤذي العين ولا تجرحها، فهي تتعلق بغذائنا، بوجباتنا الثلاث، بما يتيح لحياتنا الاستمرار، أي ببساطة يتعلق بحياتنا نفسها .
الاستهتار بالحفاظ على حياتنا يعادل جريمة القتل، حتى لو لم تتوفر لها مقومات الفعل المباشر والعمد والترصد، فالنتائج قد تؤدي إلى هذه النتيجة، حتى لو كانت أعين التجار المخالفين على الدراهم فقط، ولا ترى ما عداها .
البلديات تفرض رقابة مقبولة على تجار المواد الغذائية، لكنها ليست رادعة، وغير مقنعة، بدليل آلاف المخالفات التي ترتكب سنوياً من قبلها، ما يعني أنها لا تخشى المخالفة، لأنها لا تقابل برد فعل غاضب يوازي حجم الجريمة التي ترتكب بحق جمهور المستهلكين، والغضب هذا الذي ننشده يجب أن يترجم بعقوبات رادعة، تجعل التاجر يفكر ألف مرة قبل الإقدام على المخالفة .
نحن أمام سلوك بشري مرفوض، جملة وتفصيلاً، من جميع الجوانب، قوامه السعي إلى تحقيق الربح على حساب القيم والمبادئ والأخلاق الحميدة . وأمام واقع كهذا يجب أن تنشط العصا الغليظة التي تجبر المستهتر على احترام آدمية الآخرين وحقهم في العيش الغذائي الآمن .
وإذا كان من الصعب تدريس الأخلاق لكبار السن الذين يفتقدونها، فليس أسهل من فرضها عليهم بقوة القانون الذي يحمي الأغلبية من شرور قلة تتعطش لكسب أي شيء على حساب كل شيء .
تعليقات