فرنسا قد تقفد السيطرة على ازمة الديون لديها تخوف لساركوزي يحلله عصام الجردي
الاقتصاد الآنديسمبر 7, 2011, 10:15 ص 565 مشاهدات 0
قمة الاتحاد الأوروبي المقررة في بروكسل يومي 8 و9 ديسمبر/كانون الاول الجاري، هي الثالثة في أقل من شهر لبحث استعصاء معضلة الديون في منطقة اليورو . أي قبل ان تدخل حيز التنفيذ، المرحلة الأولى من مقررات قمة السابع عشر من الشهر الماضي، وكان أبرزها تخصيص صندوق الانقاذ الأوروبي تريليون يورو لمجابهة أزمات دول جديدة تواجه إعساراً لسداد ديونها . تسارع القمم الأوروبية توالياً، وكأن حرباً عالمية ثالثة على وشك الوقوع، تمليه طلبات استغاثة أسرع من مفعول علاج مفترض لم يبدأ المريض بتناوله بعد . لهذا سينقل المريض الى غرفة العناية المركزة من دون الحاجة الى التصوير الإشعاعي والمغناطيسي . فنتائج التصوير ظهرت وبادية للعيان، والمرض يتحول إلى وباء سريع الانتشار . ومن قائل، إن المريض ميت سريرياً، والجدل على قرار ب”الموت الرحيم” . هذا هو المشهد الأوروبي الآن، الذي يتجاوز سبع عشرة دولة في منطقة اليورو الى الاتحاد الأوروبي بذاته . ذلك ان الاتحاد النقدي نظر إليه منعطفاً جريئاً نحو اتحاد أوروبي متكامل البناء والأركان .
لطالما كانت القمم الأوروبية تبعث الثقة في الأسواق المالية ولو مؤقتاً . تغير الوضع الآن . استخفت الأسواق الأسبوع الماضي بنبأ انعقاد القمة و”غرمت” ايطالياً فائدة على سنداتها بواقع 89 .7 في المئة من 93 .4 في المئة قبل شهر فقط . ماذا يعني ذلك؟ باختصار: أن على القمة اتخاذ قرارات مصيرية بالتكافل والتضامن لانقاذ منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي . وهذا لن يكون متاحاً إلا بقبول ألمانيا، بإعلان انخراط كامل بلا تردد في انقاذ الدول المدينة، على حساب تراجع مجتمع الرفاه لديها . وهذه قضية كبيرة تناولناها في مقالات قبل شهور، ولا تملك المستشارة الألمانية انجيلا ميركل والحزب الديمقراطي المسيحي الحاكم أمر بتها من دون ان ترتد عليهما في الداخل مشكلات سياسية وخضات اجتماعية أخالها كبيرة . ومن يدري، ربما تختبئ دول أخرى صغيرة غير مهددة نسبياً بمشكلة الديون، وتنعم بمؤشرات اجتماعية ومستويات معيشة جيدة، كما هي الحال في هولندا والنرويج وفنلندا ولوكسمبورغ، وراء ألمانيا في رفض تبني سندات أوروبية سيادية، ما برحت الاخيرة تقود حملة رفض ذلك النوع من السندات . وقبول ألمانيا بها يعني ببساطة، ان سند الدين المحمول من دولة في منطقة اليورو، تشارك فيه دول المنطقة جميعاً، بما في ذلك ألمانيا والدول الأقل ديناً . لا تقتصر مخاوف ألمانيا على هذا الجانب فحسب، بل تعتبره حافزاً لمزيد من الديون في بلدان الأزمة، ومثبطاً لمحاولات الخروج منها بخفض العجز، واعتماد سياسات تقشف مالية وزيادة الايرادات . وكلها شروط بُني عليها صندوق الانقاذ الأوروبي .
الورقة المستورة في لعبة شدّ الحبال الأوروبية تكمن في فرنسا . لا أحد يريد التحدث علانية عن أكمة الدين الفرنسي المختبئة وراء برج إيفل . وقد سجل الدين في مارس/آذار ،2011 تريليوناً و550 مليار يورو، بواقع 83 في المئة إلى الناتج المحلي . كل فرنسي كان يحمل عملياً 24 ألف يورو ديناً محلياً وسيادياً . وقد يكون الدين سجل زيادة جديدة على أبواب نهاية السنة . موازنة 2012 بُنيت على زيادة في الدين إلى 87 في المئة إلى الناتج . اعتمادات النفقات فيها حسابات جارية لمعاشات القطاع العام وفوائد الديون فقط . النفقات الاستثمارية شبه معدومة وتوقعات النمو، وهو الرافعة للايرادات عل النحو نفسه . علماً ان النمو في فرنسا كان سجل صفراً في النصف الاول 2011 . نسأل في الاقتصاد الكلي كيف يمكن إرجاء انفجار فقاعة الدين الفرنسية؟ ولا نتحدث عن ذيول خطة التقشف اجتماعياً وعن الاستقرار الاجتماعي اللازمة للنمو .
الخطورة في هذا المجال، ما بدا الأسبوع الماضي من بدء صدع في العلاقة بين قطبي التوازن في الاتحادين النقدي والأوروبي . رفضت ميركل مشروعاً لما سمي “سندات النخبة” . أي فرنسا ودول بمديونية مقبولة نسبياً ومن أقرب حلفاء ألمانيا مثل النمسا، إلى فنلندا وهولندا ولوكسمبوغ . هذا ما دعا الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى التحذير في خطاب ألقاه في جنوب فرنسا الأسبوع الماضي، وتناول فيه أزمة الدين من ان بلاده “قد تفقد السيطرة على مصيرها” . كثيرون رأوا في المشروع الذي لم ير النور، ومن بينهم رئيس منطقة اليورو جون كلود يونيكر تقسيماً لأوروبا بين دول النخبة ودول من الدرجة الثانية .
تكاد الحلول تكون باهتة ومستنفدة، خارج الالتزام الألماني والأوروبي أزمة الديون جزءاً من مصير الاتحاد النقدي والاتحاد الأوروبي . ادخال صندوق النقد الدولي بمنطقة قروض جديدة بالغاً ما بلغت إسهاماً في صندوق الانقاذ، لن يحل المشكلة، ما دامت أي خطوة من هذا النوع تستلزم اتفاقات ثنائية لزيادة موارد الصندوق بقروض من دول أوروبا المرهقة نفسها ومن الولايات المتحدة .
وقد بات شبه مؤكد ان الصين التي تراجع حسابات طفرة النمو، لن تكون مصدراً سهلاً للمال، بينما تقلق على استعادة أكثر من تريليون دولار أمريكي من سندات ديون سابقة للولايات المتحدة وأوروبا . ولا يمكن انتظار حكومة اقتصادية أوروبية تبقى احتمالاً يحتاج إلى وقت .
تعليقات