المطلوب ان تتغير طريقة التفكير شعبيًا وحكومياً!، برأى د.مبارك الذورة

زاوية الكتاب

كتب 701 مشاهدات 0



الراى

  

د. مبارك الذروة / العيار الذي لا يصيب يدوش

تتقاذف ألسنة وتصريحات بعض النواب واتباعهم في ما بينهم بالاتهامات ونشر والاشاعات في المحيط الاجتماعي والسياسي على حد سواء. اتهامات جاهزة ومعلبة تجاوزت الرشاوى والذمم المالية لتصل إلى التخابر مع شخصيات خارجية لمصالح سياسية أو غير سياسية!
مطحنة الألسن تلك تعمل على ترفيه الذاكرة الذهنية، وإشغال الشارع العام عن أولويات المرحلة وبناء الوطن.
تنتشر جيوب وأخاديد فئوية ظاهرة النزاهة والتجرد، وباطنها حرب باردة لانتخابات مقبلة قد تصل إلى كسر العظم.
بعد انتهاء المعارك السياسية ومواقعها بساحة الإرادة، يظهر فقه المغازي ومناوشات الكر والفر... وتتشكل ثقافة الردود بين فصائل العمل السياسي بكتله وشخوصه، ويتقدم العمل السياسي بمناخه العام إلى الأمام مع شعثه وشوائبه.
*
من الخطأ اختزال التغيير بشخص الشيخ ناصر... هذا تبسيط للمشكل السياسي والتنموي برمته. فالتنمية المستدامة تتعلق بمكونات تتجاوز الشخوص والأسماء، إلى القيم السائدة والثقافة العامة في المجتمع. قيم العمل عند الكويتيين لاتزال تتعلق بالنمط الاستهلاكي وليس الانتاجي! لايزال كثير من المواطنين مشغولاً بالبحث عن وظيفة وعلاج أفضل وسكن مريح، لانزال ننظر للتنمية على انها كادر وترقية... فكيف ولم ينشغل من هذا نهجه بالمستقبل والانتاج والتطوير، ولماذا يجهد نفسه بالقوي الأمين طالما نواب الفساد يعينوه بإرساله للخارج للعلاج، ويوفروا له وظيفة لا بأس بها؟!
هذا الصنف من الناخبين والمرشحين موجود، قد يعلم خطأه لكن ليس بالضرورة أنه مدرك لخطورة ما يفعله على الوطن وأجهزة الدولة. هل هو معذور، من المسؤول؟ هنا تتشكل ثقافة رد الجميل وان كانت باطلة!
وتظهر لافتات الشكر والتقدير على الشوارع والمسجات كنوع من الواجب الاجتماعي للمرشح والمخلص والمغيث، ثم تديينه وتشريعه على أن... لا يشكر الله من لا يشكر الناس.
ثقافة الفزعة ولغة العشيرة هي جزء من مكونات المنهج العقلي العام عندنا، وقد كانت مؤثرة جدا حتى في الخطاب السلوكي العام لكتلة المعارضة حين برز العقال رمزاً للرجولة السياسية وحرب المعارك النيابية، كما كان الخطاب اللغوي الفئوي متغلغلاً في صفوف بعض مؤيدي الحكومة، والذي ظهر فيه التعالي على البدو بشكل غير مقبول. وقد كان مشاهدًا في مقالات ولقاءات متلفزة لكل مراقب للسلوك العام في المجتمع.
قد تفيد القبلية او الفئوية في مراحل الثورات اذا كان العدو خارجيًا معتدياً على الامن الاجتماعي والسيادي للدولة اذا وجهت من قبل القيادة في التنافس وشحذ الهمم، بعكس مرحلة بناء وتشييد طور جديد للدولة حيث تنخر القبلية والفئوية في الجسد العام للأمة والوطن.
لقد تأملت ذلك جيداً في توظيف الرسول عليه السلام لقبائل العرب فمنحهم قيادة الميمنة والميسرة والمقدمة وخلق التنافس بينهم في قتال المعتدين، لكنه في مرحلة لاحقة سعى لادماجهم في الدولة والأمة، ونهى عن التعصب وأسماه بالجاهلية وقال دعوها فإنها نتنة.
*
اليوم رحلت حكومة ناصر وجاءت حكومة جابر... ما المطلوب، هل هو تغير في الرسوم أم في الحقائق؟
المطلوب ان تتغير طريقة التفكير شعبيًا وحكومياً! لا يمكن أن يحقق لا جابر المبارك، ولا أفضل رئيس حكومة في العالم، أي خطوات إصلاحية ما لم تتغير نظم التغيير والتفكير والسلوك الإداري والأخلاقي في المجتمع والدولة.
إن الفساد النيابي الذي تحدثنا عنه في مقالات عديدة يمثل واقعًا مجتمعيا لا يجوز انكاره أو التغاضي عنه.
فالمواطن الذي يبحث عن وظيفة، أو علاجا لابنه، لن ينظر في الأغلب الأعم إلى ذوي الكفاءة والأمانة بل لمن يلبي حاجاته وطلباته... والمريض في غرفة العمليات لا يسأل عن مذهب جراحه أو جنسيته. لن يتغير المضمون ما لم تتغير القيم والثقافة السائدة في المجتمع، التغيير في الأشكال والشخوص لا يسعد سوى البسطاء والعامة. التغيير الفعلي لابد ان يأخذ حقه من الزمن، ومن استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه. ولكل أجل كتاب.


د. مبارك الذروة

تعليقات

اكتب تعليقك