نظام الدوائر الخمس ليس “هو النظام الانتخابي الأمثل، ولا الأعدل، برأى الديين
زاوية الكتابكتب ديسمبر 11, 2011, 12:42 ص 1512 مشاهدات 0
عالم اليوم
نظام انتخابي معيب!
كتب أحمد الديين
في 1 أبريل من العام 2008 كتبت مقالا في “عالم اليوم” تحت عنوان “مع الدائرة الواحدة... ولكن”، وكان ذلك قبيل إجراء أول انتخابات نيابية وفقا لنظام الدوائر الخمس الذي تمّ استحداثه في العام 2006، وقد تضمّن ذلك المقال دعوة متوازية إلى “انتظار نتائج انتخابات الدوائر الخمس، ولا بأس من طرح مطلب الدائرة الواحدة والتصويت النسبي كحلّ بديل مقترح لإصلاح النظام الانتخابي خلال الحملات الانتخابية، والتوافق على عرضه كاقتراح بقانون على مجلس الأمة المقبل”... حيث استندت في دعوتي تلك إلى أنّ نظام الدوائر الخمس ليس “هو النظام الانتخابي الأمثل، ولا هو الأعدل، وبالتأكيد فإنّ هناك العديد من الثغرات، التي تعتوره، ولكنه يبقى مع ذلك كله هو النظام، الذي تحركت الغالبية الساحقة من القوى السياسية والشبابية للمطالبة به، وهو النظام الذي تم التوافق عليه بعد أزمة سياسية طاحنة أدت إلى حلّ مجلس الأمة الأسبق في مايو من العام 2006، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة، وبالتالي يفترض أن يُعطى هذا النظام الجديد الفرصة العملية لتطبيقه على الأرض”.
والآن ها هو نظام الدوائر الخمس سيُطبّق على الأرض للمرة الثالثة بعد أن تمت تجربته في الدورتين الانتخابيتين السابقتين في العامين 2008 و2009، وقد اتضح بالتجربة الملموسة أنّ هذا النظام الذي قلّص الدوائر الخمس والعشرين الصغيرة إلى خمس دوائر انتخابية كبيرة لم يحقق الهدف المنشود منه في أن يقلّص بالمقابل عمليات شراء الأصوات وتأثير الاستقطابات القبلية والطائفية والفئوية على الانتخابات النيابية ومخرجاتها، التي كانت متفشية في ظل نظام الدوائر الخمس والعشرين الصغيرة، وفق ما كانت تأمله القوى السياسية والشبابية والنيابية التي شاركت في حركة “نبيها خمس”، وكنت أحد مؤيديها والمشاركين في فعالياتها، والمؤسف أننا جميعا قد أخطأنا عندما اختزلنا إصلاح النظام الانتخابي في مطلب جزئي هو تقليص عدد الدوائر وتجاهلنا استحقاقات الإصلاح الأخرى!
بل لقد كنا نأمل أن يؤدي نظام الدوائر الخمس إلى استعادة الطابع السياسي للانتخابات الذي اضمحل في ظل الدوائر الخمس والعشرين الصغيرة، ولكن التطبيق العملي أدى على خلاف القصد إلى تكريس الطابع الفردي للعملية الانتخابية على نحو أسوأ مما كان عليه، ويكفينا مثالا أن نذكر أنّ مرشحي الدائرة الثانية عن المنبر الديمقراطي الكويتي في الانتخابات الماضية الأخ الكبير عبدالله النيباري والأخ محمد عبدالله العبدالجادر لم يخوضا الانتخابات السابقة في إطار قائمة انتخابية، وكذلك هي حال مرشحي الحركة الدستورية الإسلامية محمد الدلال وعبدالعزيز الشايجي في الدائرة الثالثة، ويضاف إليهم تنافس المرشحين الثلاثة من النواب السابقين لكتلة العمل الشعبي في الدائرة الرابعة، إذ كان لكل واحد من أولئك المرشحين حملته الانتخابية المستقلة ومقره الانتخابي الخاص واتصالاته الشخصية المباشرة مع جمهور ناخبيه على خلاف ما يفترض أن تكون عليه الحال في ظل انتخابات ذات طابع سياسي!
والأسوأ من ذلك كله هو انعدام العدالة والتفاوت الصارخ في أعداد الناخبين الموزعين على الدوائر الخمس، وكان هذا العيب واضحا منذ البداية ومع ذلك فقد تمّ التغاضي عنه، وهذا خطأ كبير يجب الإقرار به... فالدائرة الثانية، التي هي أصغر الدوائر الانتخابية عددا، يبلغ عدد ناخبيها 45400 ناخب وناخبة، بينما يبلغ عدد ناخبي الدائرة الرابعة 103280 ناخبا وناخبة أي أكثر من ضعف عدد ناخبي الدائرة الثانية، فيما يصل عدد ناخبي الدائرة الخامسة إلى 113407 ناخبين، ومع هذا فإنّ كل دائرة من هذه الدوائر تتمثّل في مجلس الأمة بعشرة نواب... وللمقارنة، فإننا عندما نجمع أعداد ناخبي الدائرة الثانية مع أعداد ناخبي الدائرة الثالثة البالغ 67063 ناخبا وناخبة نجد أنّهم يبلغون 112463 ناخبا وناخبة أي أقل من أعداد ناخبي الدائرة الخامسة وحدها، ومع هذا نجد أنّ الدائرتين الثانية والثالثة تتمثلان في مجلس الأمة بعشرين نائبا؛ أي بضعف عدد نواب الدائرة الخامسة التي يفوق عدد ناخبيها مجموع عدد ناخبي الدائرتين!
لقد كشفت التجربة ما كشفته من عيوب في النظام الانتخابي الحالي تماثل عيوب نظام الدوائر الخمس والعشرين، إلا أنّه مع ذلك فقد لا يكون من المناسب تغيير هذا النظام خلال فترة حلّ مجلس الأمة وقبيل أسابيع قليلة من موعد إجراء الانتخابات الجديدة؛ ناهيك عن الصعوبات والتعقيدات العملية التي تحول دون ذلك في هذا الوقت، ولكن هذا التغيير مستحق في مجلس الأمة المقبل، وهذا يتطلب أن يتم تسليط الضوء على عيوب النظام الانتخابي الحالي وطرح البدائل لإصلاحه خلال الحملات الانتخابية، في إطار مفهوم شامل للإصلاح السياسي لا يكون أحادي الجانب.
تعليقات