وليد الجاسم ينصح الشباب المعارضين الفرحين بانتصاراتهم أن يهدأوا قليلا
زاوية الكتابكتب ديسمبر 11, 2011, 12:43 ص 844 مشاهدات 0
الوطن
قبل أن تؤذي المعارضة.. نفسها
وليد جاسم الجاسم
الاستسلام «السريع واللا متوقع» الحكومي الذي حصل ودونما أي مقاومة تذكر أوقع بعض قوى المعارضة الشبابية في حالة من تفاقم الشعور بالقوة والتأثير، ولا يلامون على ذلك، الى درجة اعلان المعارضة عن سقف قادم للمطالب لن يقبلوا بغيره لا من الحكومة ولا من النواب، ويبدأ سقف المطالب الجديد هذا بأمرين اثنين:
الأول: الاصرار على ادانة سمو الشيخ ناصر بالرشوة ومحاكمته جنائيا.. والرغبة في رؤيته وراء القضبان حسبما تتداول بعض قوى المعارضة من الجناح المتشدد.
الثاني: تعديل الدستور نحو حرمان الوزراء من حق التصويت والابقاء على حق التصويت فقط للنواب بما يضمن هيمنة النواب على مجلس الامة وتحويل الحكومة الى مجرد مستمع للتعليمات ومنفذ للأوامر بعدما تفاقمت حالة انعدام الثقة بها تأثرا بتجارب الحكومات السبع الماضية.
وبالنسبة للمطلب الاول، لا أحد بالتأكيد يؤيد اغلاق ملف الرشوة والقبيضة ولابد من المضي قدما فيه لتبرئة من يستحق البراءة وادانة من يستحق الادانة بدلاً من ترك الامور في حالة ضبابية وزئبقية بشكل يشوه صورة نواب سابقين قد يكونون ابرياء، او يبرئ مدانين قد يكونون مرتشين.
لكن على قوى المعارضة ان تعلم وهي في غمرة انتصاراتها، التي ما كانت لتسجل بهذا الشكل لولا حالة الانكماش الحكومي والتقوقع الذي وقع فيه ابناء النظام بعدما استهلكوا طاقتهم في صراعات جانبية لا تسمن ولا تغني من جوع وكلهم يدفعون ثمنها اليوم، على هذه المعارضة ان تدرك ان للانتصارات حدودا يجب عدم تجاوزها، والا سرعان ما ستنقلب الطاولة مع الشعب الكويتي، وهو شعب عربي اصيل للعواطف والاعتبارات الاجتماعية اهميتها عنده. واي افراط في الانتصار قد يصنف في خانة المبالغة في القتل (over kill) تجاه سمو الشيخ ناصر المحمد، بما ينذر بتقهقر التأييد لقوى المعارضة وادخالها ضمن نطاق القوى ذات الرغبة الانتقامية والاستحواذية بدلا من اعتبارها قوى تمارس المعارضة رغبة في الاصلاح والنهوض بالبلاد والعباد.
أما الأمر الثاني الذي تطمح إليه المعارضة، وهو تعديل الدستور بشكل يؤدي إلى حرمان الحكومة (الوزراء) من حق التصويت داخل البرلمان، فهو مبني على أمرين، الأول اعتبارهم أن الحكومة دائماً فاسدة وهذا لا يجوز حيث ان الأصل والمفترض أن تكون الحكومة «رشيدة»، اضافة الى ان كونها جزءاً من القرار وهي المخول بالتنفيذ، فيجب أن تكون شريكة في القرارات المتخذة والقوانين الصادرة تتحمل مسؤوليتها مثلما يتحمل المجلس مسؤولياته.
أيضاً، الإفراط في النزعة نحو تهميش الحكومة واعطاء النواب الدور الأكبر، بل الأوحد، لا يضمن صلاحاً، فالتاريخ يذكر كم من النواب الفاسدين وصلوا البرلمان، وكلنا نعلم أن الشعب هو الذي انتخب الكثير من النواب الفاسدين والمفسدين، وبالتالي قد يكون لمثل هذا القرار (بإبعاد الحكومة تماما واعطاء النواب كل الصلاحيات) نتائج سلبية وخيمة على الممارسة الديموقراطية والبلاد ومستقبلها وأجيالها القادمة، خصوصا إذا انفلت عقال المشاريع الشعبية القائمة على الدفع، وإفساد الشباب والأجيال القادمة.
على الشباب المعارضين الفرحين بانتصاراتهم أن يهدأوا قليلا ويحاولوا عقلنة الاتجاهات والنزعات التي يتبنونها قبل أن يفقدوا الرصيد الشعبي الذي لم تصنعه عبقريتهم وحدها، ولكن خوف الحكومة وترددها ساعدهم أكبر مساعدة، وهذا أمر لا يمكن إنكاره أبدا.
وليد جاسم الجاسم
تعليقات