« للبدون» الحقّ في التجمّع والجنسية ليست عملا عمل سياديا مطلقا ، برأى الديين
زاوية الكتابكتب ديسمبر 20, 2011, 12:52 ص 1331 مشاهدات 0
عالم اليوم
«البدون» والحقّ في التجمّع والجنسية!
كتب أحمد الديين
في إطار تعاملها الأمني مع قضية «البدون» سبق أن أعلنت وزارة الداخلية أكثر من مرة أنّ الحقّ في الاجتماع العام والتجمّع مقتصر على المواطنين الكويتيين وحدهم، وأنّ الجنسية الكويتية عمل سيادي مطلق للدولة... فهل الأمر كذلك؟!
ويكفي أن نعود إلى الدستور، ليتضح لنا مدى تهافت ادعاءات وزارة الداخلية وتناقضها معه، ذلك أنّ المادة الرابعة والأربعين من الدستور تنصّ بوضوح على أنّه «للأفراد حقّ الاجتماع»، ولم تنصّ على أنّه حقّ للكويتيين وحدهم دون سواهم، وذلك مثلا على خلاف ما نجده في المادة 40 من الدستور بأنّ «التعليم حقّ للكويتيين... الخ» والمادة 41 التي تنصّ على أنّه «لكل كويتي الحقّ في العمل... الخ»، والمادة 47 ونصّها «الدفاع عن الوطن واجب مقدس، وأداء الخدمة العسكرية شرف للمواطنين، ينظمه القانون»، التي تقصر مثل هذه الحقوق والواجبات على المواطنين الكويتيين وحدهم.
إنّ الحقّ في الاجتماع العام والتجمّع حقّ إنساني مكفول للأفراد جميعا بغض النظر عن جنسياتهم وأوضاعهم القانونية، مثلما هي حال الحقوق المدنية والإنسانية الرئيسية الواردة في الدستور الذي لم يقصرها على الكويتيين وحدهم، فالمادة 31 تنصّ على أنّه “لا يجوز القبض على إنسان أو حبسه أو تفتيشه أو تحديد إقامته أو تقييد حريته في الإقامة والتنقّل إلا وفق أحكام القانون. ولا يُعرّض أي إنسان للتعذيب أو للمعاملة الحاطة بالكرامة”، وهي حقوق وضمانات مكفولة لكل إنسان، وكذلك نجد الأمر ذاته في المادة 36 التي تنصّ على أنّ “حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حقّ التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما...الخ”، حيث لم تقصر هذه المادة حقّ التعبير عن الرأي على المواطنين وحدهم، وكذلك المادة 46 التي تنصّ على أنّه “لكل فرد أن يخاطب السلطات العامة كتابة وبتوقيعه... الخ”، فعبارة كل فرد لا تعني كل مواطن كويتي فقط.
أما عن الجنسية الكويتية وما إذا كانت عملا سياديا مطلقا للحكومة، فإنّ الدستور واضح في كونها ليست كذلك عندما ينصّ في المادة 27 بأنّ “الجنسية الكويتية يحددها القانون، ولا يجوز إسقاط الجنسية أو سحبها إلا في حدود القانون”، فهذا النصّ الدستوري يعني أنّ القانون هو أداة تنظيم الحصول على الجنسية الكويتية واكتسابها وإسقاطها أو سحبها، وليس للحكومة أن تمارس هذا الأمر كعمل سيادي بمعزل عن التنظيم القانوني، وذلك على خلاف الأعمال السيادية التي لا ينظمها القانون مثل إقامة علاقات دبلوماسية مع دولة من الدول أو قطع العلاقات معها أو تخفيض مستوى هذه العلاقة، أو إعلان الحرب الدفاعية، فهي أعمال سيادية تمارسها الحكومة بوصفها سلطة حكم، أما الأعمال التي ينظمها القانون، ومن بينها الجنسية، فتمارسها الحكومة كسلطة إدارة خاضعة للرقابة... والمؤسف أنّ المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 1981 بإنشاء دائرة في المحكمة الكلية لنظر المنازعات الإدارية، الذي تمّ إقراره خلال عهد الانقلاب الأول على الدستور وفي غياب مجلس الأمة، قد قضى بتحصين القرارات الإدارية في قضايا الجنسية الكويتية من ولاية القضاء الإداري، مهما كانت هذه القرارات جائرة، بحيث لم يعد القضاء قادرا على نظر المنازعات في شأن الحصول على الجنسية الكويتية واكتسابها أو إسقاطها أو سحبها، وهذا ما خلق الوهم بأنّ الجنسية الكويتية عمل سيادي مطلق، بينما هي تخضع للقانون وفقا للدستور، ويفترض أن يكون القانون متوافقا مع الدستور.
وبالتأكيد فإنّ هناك ضرورة لأن يتم تعديل قانوني الاجتماعات العامة والمحكمة الإدارية بما يتوافق مع ما قضى به الدستور ولإزالة أي تعارض أو التباس أو سوء ممارسة وتطبيق أو إساءة فهم.
تعليقات