يجب إدانة القبيّضة سياسيا واجتماعيا، برأى إبراهيم العوضي، حفاظا على سمعة البلد

زاوية الكتاب

كتب 637 مشاهدات 0


 

الراى

 
إبراهيم أديب العوضي / اجتهادات / براءة «القبّيضة»

إبراهيم أديب العوضي
شهد العالم يوم الخميس الماضي محاكمة الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك بتهم تتعلق بالفساد وتبديد المال العام واستغلال ثقة الشعب، وصدر نتيجة لذلك بحقه حكم بالسجن لمدة سنتين مع وقف التنفيذ، لنشهد بذلك نموذجا رائعا من نماذج مكافحة الفساد والاستغلال السياسي، ومثالا على النزاهة والمحافظة على المال العام. وبالتزامن مع هذه المحاكمة، شهدت الكويت تحويل عدد من نواب مجلس الامة السابقين إلى النيابة العامة بسبب تضخم حساباتهم بعد قيام عدد من البنوك بتحويل هذه الحسابات إلى النيابة وشتان بين تلك الحالتين، حيث ان كل الشواهد تسير في أن مصير هذه التحقيقات وتلك القضايا هو الحفظ، وذلك لأن التحقيق سيكون منصبا فقط حول شبهة غسيل الأموال من عدمها وفقا للقانون رقم 35 لسنة 2002 في شأن مكافحة غسيل الأموال، وهو القانون الوحيد الذي اعتمدت عليه البنوك في تقديم بلاغاتها.
وللتوضيح أكثر عزيزي القارئ، فإن القانون المذكور يختص فقط في النظر إلى عمليات غسيل الأموال التي يمكن أن تكون قد حدثت في حسابات النواب المحولين إلى النيابة، وتنص المادة الأولى من القانون والتي اعطت تعريفا واضحا لمفهوم غسيل الأموال «عمليات غسيل الأموال هي عملية أو مجموعة من عمليات مالية، أو غير مالية، تهدف إلى إخفاء أو تمويه المصدر غير المشروع للأموال أو عائدات أي جريمة وإظهارها في صورة أموال أو عائدات متحصلة من مصدر مشروع، ويعتبر من قبيل هذه العمليات كل فعل يساهم في عملية توظيف أو تحويل أموال عائدات ناتجة بصورة مباشرة أو غير مباشرة عن جريمة أو إخفاء أو تمويه مصدرها».
وعليه، فإن غياب التشريعات الخاصة بقانون مكافحة الفساد وقانون الذمة المالية سيكون له بالغ الأثر في مجرى التحقيق مع النواب المحولين للنيابة العامة، حيث سيكون التحقيق مقتصرا فقط على البحث إذا ما كانت هذه الأموال قد نتجت من جريمة، أو أنه قد تم إخفاؤها، أو تمويه حقيقتها، أو مصدرها، أو طريقة التصرف فيها شريطة أن تكون ناتجة، أو متحصل عليها من جريمة ولن يكون للنيابة العامة أي دور في ما يتعلق بالذمة المالية للنواب المحولين، ولذلك فإن تبرير مصادر هذه الأموال أي كان نوع هذا التبرير على أن يكون معقولا سيكون سببا في حفظ القضية وبالتالي ضياع أموال الشعب. ولعلي قد كررت ذلك أكثر من مرة وأعيدها من جديد، بأنه لو تم إقرار قانون الذمة المالية وقانون مكافحة الفساد من قبل المجلس الحالي، أو المجالس السابقة لتمكنت النيابة العامة من ملاحقة النواب المشبوهين بتهمة التلاعب بالمال السياسي، ولكن مع الأسف لا ينفعنا الآن البكاء على اللبن المسكوب.
إنني على يقين تام بعدم وجود أي شبهة قانونية ناتجة من الإيداعات المشبوهة إلا أننا اليوم على موعد أضحى ضروريا مع إدانة هؤلاء النواب سياسيا واجتماعيا... فسمعة الكويت السياسية والاقتصادية أصبحت على المحك، أضف إلى ذلك أن ترتيب الكويت ضمن مؤشر مدركات الفساد الصادر أخيرا عن منظمة الشفافية العالمية والذي يشير إلى احتلال الكويت المركز 54 عالميا من بين 183 دولة هو ترتيب لا يليق بمكانة الكويت وتجربتها الديموقراطية. ونتيجة لذلك، فقد تفوقت علينا عدد من الدول الخليجية التي سبقناها من الجانب المؤسسي والسياسي كقطر والإمارات، مع العلم بأن هذا المؤشر قد صدر قبل أن ندخل في دوامة الإيداعات المشبوهة، والتي ستؤثر بشكل أو بآخر على ترتيب الكويت ضمن هذا المؤشر، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الكويت قد قامت عام 2003 بالتوقيع على تطبيق اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد والتي صادق عليها مجلس الأمة في عام 2006 ومنذ ذلك الحين لم يتغير أي من قوانيننا ليصب في مصلحة هذه الاتفاقية.
ما ذكرته عزيزي القارئ في مقدمة المقال، والخاص بخبر الرئيس الفرنسي، هو فقط لتوجيه القارئ للمقارنة بين شعوب اختارت لنفسها أن تعيش وفقا لمبادئ العدالة والشفافية ومحاسبة المتنفذين وتطبيق القانون، وبين نواب منتخبين من قبل شعوبهم عجزوا عن تشريع القوانين التي تحقق تلك المبادئ.

إبراهيم أديب العوضي

 

تعليقات

اكتب تعليقك