راتب الكويتي لايكفيه!

الاقتصاد الآن

العرب خاصة من غير الخليجيين يحسدونه عليه برأي ذعار الرشيدي

936 مشاهدات 0

ذعار الرشيدي

يعتقد العرب، جميع العرب، خاصة من غير الخليجيين انني ثري، بل وبعضهم يصل به اعتقاده إلى خيالات انا نفسي لم اصلها بل ولم احلم بها يومها، فبعضهم ـ سامحه الله ـ يعتقد أنني أتناول الغداء مع بيل غيتس وأتناول شاي الساعة الخامسة مع مدير مكتب الملكة اليزابيث، والعشاء مع دونالد ترامب، والحقيقة التي لا يعرفها ابناء عمومتي من العرب انني ما تمكنت من القدوم إلى بلدهم الجميل إلا بعد ان حسبت وجمعت وطرحت سعر التذكرة وتكلفة الإقامة والمواصلات مرة ومرتين وثلاثة، وكسرت حساباتي عشرات المرات قبل ان أقرر ما إذا كنت سأبقى في بلدهم 10 أو 12 يوما، نعم فاليومان يفرقان كثيرا في ميزانيتي، لأنني كويتي لا املك من حطام الدنيا سوى معاشي ولا شيء آخر كما يتخيلون.
لأنني كويتي يعتقد الإخوة العرب انني اسكن قصرا له 3 بوابات فيه من الخدم والحشم ما لم يملك يوليوس قيصر، رغم انني في حقيقة الأمر اسكن في شقة مكونة من 3 غرف نوم، واحيانا لظروف مواسم المدارس لا أتمكن من دفع الإيجار في وقته، بل اضطر أحيانا لأن اختار إما أن أدفع قسط السيارة أو الإيجار، خاصة إذا ما صادف الراتب موسم رمضان او المدارس او الشتاء، لا يعلم الأشقاء العرب أنه وبعد 15 عاما من الانتظار سأحصل على بيت حكومي لا تتجاوز مساحته 400 متر مربع وفي مثل مكاني سأحصل على منزلي في الدبدبة أو قلمة صباح.
لأنني كويتي يعتقد الإخوة العرب أنني أمتلك 5 سيارات، والحقيقة ان سيارتي عمرها بين الأربع
والخمس سنوات واشتريتها لأنها ضرورة وليست كماليات في بلد تقترب درجة حرارته طوال 7 اشهر من الـ 60 مئوية، ولا يمكن سوى التنقل بسيارة فأمر امتلاكها ليس خيارا، وهي دين على ظهري أدفعه على مدار 4 او 5 سنوات وبقرض بالون يرفع سعرها من 7 آلاف إلى 11 ألفا، وعندما أنتهي من سداد اقساطها لا استطيع بيعها إلا بألف او ألفي دينار أعود لأدفعها كعربون او مقدم لسيارة حديثة تدخلني في دين آخر، لأصبح من جديد أسيرا للبنك.
لأنني كويتي، يعتقد الإخوة العرب انني شخص لا اعمل وأنني أكلف الوافدين للقيام بعملي، رغم ان الكويتيين اغلبهم على الأقل يذهبون إلى أعمالهم ويراعون الله في اعمالهم ويذهبون من الساعة السابعة حتى نهاية الدوام، ومثلهم مثل ملايين الموظفين على وجه الأرض فيهم المبدع وبينهم المثابر وفيهم الاتكالي وفيهم من يتمتع بنفوذ وزير او وكيل ولا يحضر الا يوما واحدا في العام.
لأنني كويتي يعتقد الإخوة العرب انني أتلاعب بالأسهم والبنوك في أوقات فراغي، رغم انني وكمعظم كل الكويتيين «الشرفاء» في اليوم العاشر من الشهر نبدأ بتقنين المصاريف ونشد الأحزمة، وفي اليوم الخامس عشر تعاني جيوبنا من أنيميا حادة، اما في اليوم العشرين فتدخل ميزانيتنا في غيبوبة، لا تصحو منها الا بعد ان نسمع صوت جهاز الرد الآلي للبنك يقول لنا «ان رصيدك المتوافر في حسابك هو 890 دينارا» بعد ان نكون قد أهلكنا أصابعنا وازعجنا بدالة البنك ونحن نتصل على الرد الآلي في رجاء ان تمطر سماء الراتب.
الإخوة العرب سيعتقدون ان 890 دينارا، هي 2670 دولارا، وسيقول قائل منهم «الكويتي يتقاضى اكثر من راتب رئيس الجمهورية»، هو محق لو كنت ككويتي اسكن في بلدهم، ولكنني اسكن في الكويت، فهناك بين 250 و350 ستذهب للإيجار و200 لمستلزمات المصاريف المنزلية المختلفة، وهناك 120 إلى 150 دينارا قسط السيارة، و20 دينارا لمحل المصبغة و60 دينارا للخادمة و10 لغسال السيارة، و20 قطية المخيم او الإسطبل مع الشباب، وهناك فاتورة التلفون والكهرباء والماء وبنزين السيارة، بالنهاية سأضطر للاستدانة لكي أعيش يا سادة في وضع أقل من الطبيعي في بلدي الأكثر من ثري.
الإخوة العرب الأفاضل، بلدي نعم غني، ولكنني كمواطن كويتي لست كذلك، هل وضحت الصورة لديكم الآن.

جريدة الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك