مخاطر وكوارث إغلاق مضيق هرمز
الاقتصاد الآنالحرمي يُعددها: لنبعد التهديدات السياسية عن 'النفط'
يناير 3, 2012, 10:19 ص 1423 مشاهدات 0
النفط و السياسة
النفط مادة حيوية ضرورية في تحريك عجلة الحياة اليومية ومن الصعب الإستغناء عنه بين لحظة و أخرى.
و يستهلك العالم منه حاليا حوالي 90 مليون برميل يوميا، ودول الخليج العربي تمتلك أكبر الطاقات الإنتاجية وتصدر إلى العالم أكثر من 24 مليون برميل يوميا، و أغلبها أو ما يزيد عن أكثر من 60% من هذه الكميات تستهلك في قارة آسيا وهي من أكبر كبار مستهلكي النفط الخليجي مثل الصين و اليابان و كوريا و الهند و فيتنام وباكستان و أندونيسيا، ومعظم إنتاج الدول الخليجية تضخ و تمر عبر' مضيق هرمز' اي ما يساوي 27% من استهلاك العالم، ومن الصعب جدا الإستغناء عن هذا المضيق الحيوي والشريان الرئيسي للطاقة لدول العالم ، ولا توجد أية بدائل أخرى لتصدير نفط الخليج سواء عبر خطوط الأنابيب لتوجيه النفط للخارج عبر منافذ أخرى.
ولذا خطورة التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز، و كذلك التهديد بمنع و إجبار ايران من تصدير إنتاجها من النفط الى الخارج حيث الدول المنتجة للنفط لا تستطيع ان تحل أو تسد محل الإنتاج الايراني و البالغ حوالي 6 ر3 ملايين برميل في اليوم.
و التهديد الإ يراني الأخير بإغلاق ' مضيق هرمز' يعني حتما أزمة عالمية وتوقف الحركة التجارية و الإقتصادية لكل دول العالم و خاصة الدول الآسيوية الصناعية الكبرى، وإغلاق المضيق يعني حتما اعلان حرب و أزمة طاقة عالمية وكساد مالي آخر.
و تكرارا لما حدث في أكتوبر من عام 1973 حيث استعملت الدول النفطية العربية سلاح النفط حيث أوقفت تصدير النفط الى الدول الكبرى المستهلكة في العالم لمساندتها اسرائيل في حرب أكتوبر، وهذا أدى إلى إرتفاع حاد في اسعار النفط الخام ليصل إلى 4 أضعاف، وأدى لتوقف الإمدادات النفطية وقوف جماهير المستهلكين في طوابير طويلة ولساعات في محطات التوزيع للتزود بالوقود في الولايات المتحدة الأمريكية و أوروبا و اليابان للتزود فالوقود.
وهذه الأزمة أدت الى انشاء وكالة الطاقة الدولية لمنع والحد من تأثير المقاطعات النفطية وانشاء مخزون استراتيجي لكل دول الوكالة.
و دعت الي اقامة حوار مباشر مع الدول المنتجة للنفط . وأبرزماقامت بها الوكالة الدولية مؤخرا حيث قامت بضخ كميات من المخزون الأسترتيجي النفطي منعا وتحسبا لاي نقص في الأمدادات النفطية نتيجة لتوقف أنتاج النفط الخام من ليبيا. ونجحت في تطميين الأسواق النفطية و أدت في نفس الوقت في منع اي أرتفاعات حادة في اسعار النفط بالتفاهم و التنسيق مع دول 'أوبك' . وتتمتع المنظمة النفطية الآن بعلاقة ممتازة مع الوكالة الدولية حيث ان أغراضهما أصبحت متقاربة وتفاهم مطلق مع الطرفين.
ولكن ما يغيب عن أذهان الجميع بأن الدول المستهلكة للنفط هي التي بدأت أولا في إستعمال سلاح النفط ضد الدول المنتجة للنفط وبدأتها تحديدا الولايات المتحدة الأمريكية ضد الإتحاد السوفيتي في الستينيات ومن ثم تبعتها الدول الأوروبية الأخرى ضد جنوب أفريقيا و بورما ومؤخرا في سوريا و العراق وايران، واستعملت الشركات النفطية العالمية نفس السلاح ضد ايران في عام 1954 لإسقاط نظام مصدق في ايران بعدم شراء النفط الإيراني وإجبار النظام على السقوط.
وإستعمال سلاح النفط قد لا يصبح القرارالسليم لعلاج المشاكل السياسية و اذا فعلا نفذت ايران تهديدها بإغلاق مضيق هرمز بوجه الملاحة العالمية و من تصدير النفط الخام من الخليج العربي إلى الخارج و البالغ أكثر من 24 مليون برميل مما يعادل حوالي 27% من اجمالي استهلاك العالم يوميا، هذا التوقف سيؤدي إلى ' نكبة و أزمة عالمية ' ستضر بمصالح الجميع دون إستثناء.
توقف تزويد العالم بأكثر من 24 مليون سيؤدي إلى توقف حركة و شريان الحياة و العجلة الإقتصادية اذا ما استمرت أكثر أسبوع والأسواق الآسيوية هي أكثر ضررا ومعظم دولها لا تمتلك احتياطيات استراتيجية من النفط الخام عدا اليابان و استراليا، وتعتمد على أكثر من 90% من استهلاكها من النفط على الصادارات النفطية الخليجية من النفط الخام و المنتجات النفطية و الغاز الطبيعي.
ولا تستطيع أية منظمة أو أي دولة مصدرة للنفط بعمل أي شيء أو حتى تخفيف نسبة العجز من الإمدادات النفطية في أي بقعة على الأرض، وستكون كارثة حقيقية.
أما الحديث عن معدل سعر النفط في حال إغلاق المضيق فإنه من الصعب التكهن برقم معين فان أي رقم أو معدل محتمل سواء 200 أو 500 دولار للبرميل، المهم توافر النفط و المنتجات النفطية والتفاوض يكون عبر وجود كميات مؤكدة من النفط و من ثم تحديد السعر المناسب فقط لا غير، و سيناريو إغلاق المضيق سيكون مزعجا للكل وفي كل مكان في العالم، ويجب عدم الحديث أو الإعلان عن احتمالات إغلاق هذا المضيق الحيوي الذي سيسبب كابوسا مقلقا بجميع أوساط العالم .
والتهديدات المتبادلة يجب ان تتوقف حيث انها تشجع على رفع أسعار النفط دون داع وتفتح الفرص للمضاربات على أسعار النفط .
والمضيق ملك الجميع ويمثل العمود الفقري للطاقة و شريان الحياة الإقتصادية والبدائل غير موجودة على الإطلاق لسد العجز النفطي، و السيادة لا تعني الحق بوقف الحركة التجارية بالعالم، والدول المستهلكة هي التي بدأت في أستعمال سلاح النفط وأصبح هذا السلاح ذو حدين، وعلى الدول المستهلكة إيجاد بدائل أخرى دون استعمال النفط، فإكتشاف النفط كان ومازال للتطوير و التنمية و ليس سلاح للتهديد و الوعيد.
كامل عبدالله الحرمي كاتب ومحلل نفطي مستقل
تعليقات