العقوبات تغلق أسواق النفط في وجه طهران بقلم خافيير بلاس

الاقتصاد الآن

678 مشاهدات 0


عندما فرض رونالد ريغان حظراً على النفط الإيراني في تشرين الأول (أكتوبر) 1987، هيأت الأسواق نفسها لارتفاع كبير في الأسعار. لكن بينما أوقف الحظر تدفق 500 ألف برميل يوميا إلى الولايات المتحدة، انخفضت أسعار النفط الخام من نحو 20 دولاراً للبرميل في أوائل تشرين الأول (أكتوبر) من ذلك العام، إلى أقل من 15 دولاراً في كانون الأول (ديسمبر).

كان هناك تفسير بسيط لذلك: بدلاً من خفض الإنتاج، أعادت طهران توجيه النفط الذي يباع عادة للولايات المتحدة إلى أسواق أخرى.

بعد ذلك بربع قرن، تجد سوق الطاقة نفسها في وضع مشابه. لكن هذه المرة أثر العقوبات الأمريكية، يضاف إليها العقوبات المرتقبة التي سيفرضها الاتحاد الأوروبي على صناعة النفط في إيران، يمكن أن يجبر طهران على خفض الإنتاج، الأمر الذي يحتمل أن يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وإلى الإضرار بالاقتصاد الإيراني.

فرضت واشنطن العقوبات لمعاقبة المؤسسات المالية التي تتعامل مع البنك المركزي الإيراني الذي يتولى تسوية الجوانب المالية لمعظم الصادرات النفطية. وستنظر بروكسل في فرض حظر على صادرات النفط الخام الإيراني إلى أوروبا في 23 كانون الثاني (يناير) الجاري.

ويطول الحظر الذي سيفرضه الاتحاد الأوروبي 450 – 550 ألف برميل يومياً من الصادرات الإيرانية. ومن غير الواضح مدى الأثر الناشئ عن العقوبات الأمريكية، لكن اليابان، وكوريا الجنوبية، وتايوان، والهند يمكن أن تقلل، ولو بشكل طفيف، مشترياتها من النفط الإيراني، الأمر الذي يؤثر على كمية تصل إلى 250 ألف برميل يوميا، وفقاً لمتداولين ومديرين عاملين في هذه الصناعة.

وبحسب إد مورس، رئيس أبحاث السلع في سيتي جروب ومسؤول أمريكي سابق في مجال الطاقة: ''يمكن أن يتأثر 550 – 850 ألف برميل يومياً من صادرات النفط الإيراني، أو بين 25 و35 في المائة من صادرات البلد''.

وحتى الآن، النظرية السائدة تتمثل في أن أثر العقوبات سيتم تخفيفه، استنادا إلى سابقة الحظر الذي فرضته الولايات المتحدة عام 1987. لكن مزيداً من المحللين يرون الآن أن طهران ستجد صعوبة كبيرة في إعادة بيع نفطها.

ويعتقد مايكل ويتنر، وهو محلل نفطي في بنك سوسيته جنرال ومسؤول سابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، أن إيران ستكون قادرة على بيع 200 – 300 ألف برميل يومياً فقط إلى شركات التكرير الصينية وغيرها. ويقول: ''ستتضرر إيران من تدني الإيرادات جراء الكميات الأقل وحسومات السعر التي ستضطر لإعطائها''.

وقال ديفيد جولدوين، وهو مستشار يتخذ من واشنطن مقراً له، كان حتى عهد قريب كبير الدبلوماسيين لشؤون الطاقة في وزارة الخارجية الأمريكية: ''لا أعتقد أن إيران ستكون قادرة على بيع كل النفط الذي سيتوقف العملاء الأوروبيون والآسيويون عن شرائه''.

ولدى طهران قائمة محدودة من العملاء الحاليين. فإلى جانب الاتحاد الأوروبي، تبيع نفطها فقط للصين، والهند، وجنوب إفريقيا، وكوريا الجنوبية، وسري لانكا، وتايوان، وتركيا.

ومن هذه البلدان، تعتبر اليابان، وكوريا الجنوبية، وتايوان التي تستورد 341 ألف برميل يوميا، و244 ألف برميل يوميا، و33 ألف برميل يوميا، على التوالي، حلفاء مقربين من الولايات المتحدة ومن المرجح أن تقلل مشترياتها بدلاً من أن تزيدها.

ورغم أن طوكيو وسيئول وتايبيه ستواصل شراء النفط الإيراني، إلا أن المرجح أن تخفض مشترياتها إلى أدنى مستوى، الأمر الذي يجبر إيران على إيجاد مكان لبيع بعض ناتجها له.

والهند التي تشتري في المتوسط 330 ألف برميل يوميا من النفط الإيراني في موقف مشابه. وسبق لنيودلهي أن خفضت مشترياتها من النفط الإيراني لأن شركات التكرير المحلية تواجه صعوبة في المدفوعات، نظراً لأثر العقوبات المالية السابقة التي فرضتها الولايات المتحدة. ومن المرجح الآن إجراء تخفيضات أخرى لأن قناة الدفع الحالية – من خلال بنك هالك التركي – أصبحت في خطر بسبب جولة العقوبات الأخيرة التي فرضتها واشنطن.

ومن بين عملاء إيران الحاليين الآخرين، تستورد سري لانكا كل نفطها تقريباً من إيران باستخدام تسهيلات ائتمانية سخية من دون فوائد، الأمر الذي لا يترك مجالاً لكولومبو لزيادة وارداتها التي تبلغ 39 ألف برميل يوميا. وتعتبر تركيا وجنوب إفريقيا أيضاً من كبار المشترين – 182 ألف برميل يوميا و98 ألف برميل يوميا، على التوالي. لكن لأن إيران تشكل أصلاً ثلث وارداتهما النفطية الإجمالية، من غير المرجح أن تشتريا كمية أكبر للمحافظة على أمن الطاقة الخاص بهما.

وتظل لدينا الصين. تعتبر بكين أكبر مستورد للنفط الإيراني في العالم، بواردات بلغت 540 ألف برميل يوميا في العام الماضي. ويعتقد المتداولون والمحللون أنها يمكن أن تزيد مشترياتها. لكن شراء كل النفط الذي تبيعه إيران حالياً للاتحاد الأوروبي وبعض الكميات الرمزية من بلدان آسيوية أخرى سيعزز اعتمادها على إيران بنسبة تزيد على 100 في المائة.

ومع ذلك، يقول جيفري كوري، رئيس أبحاث السلع في بنك جولدمان ساكس، إن الصين يمكن أن تشتري النفط الإيراني كي تسد النقص في احتياطيها الاستراتيجي من الخام. ويشاركه في وجه النظر هذه متداولو النفط الذين يعتقدون أن طهران يمكن أن تقدم حسومات كبيرة لبكين. ويقول أحد كبار متداولي النفط يتخذ من جنيف مقراً له : ''السؤال الوحيد يتعلق بالسعر''

وإذا لم يعوض العملاء الحاليون الخسارة الكبيرة الناتجة عن إغلاق السوق الأوروبية – والتخفيضات التي يحتمل أن يجريها حلفاء الولايات المتحدة في آسيا – يمكن أن تحاول إيران البحث عن مشترين جدد، أو العودة إلى عملاء قديمين، مثل باكستان.

لكن من المرجح أن تمنع العقوبات المالية الأخيرة التي فرضتها واشنطن العملاء الجدد من دفع ثمن النفط. وزيادة على ذلك، فإن قلة من البلدان الناشئة لديها مصاف متطورة لمعالجة النفط الإيراني ذي الجودة المنخفضة، وتحويله إلى منتجات عليها طلب عال، كالبنزين.

 

 

الآن: الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك