أسعار النفط إلى الأعلى بسبب برنامج إيران النووي.. بقلم خافيير بلاس
الاقتصاد الآنفبراير 28, 2012, 3:16 م 864 مشاهدات 0
حتى عهد قريب كانت صباحاتي تبدأ بالتحقق من عوائد السندات الإيطالية، هكذا يقول الخبير الاستراتيجي في وول ستريت، إد بارديني. لكن لم يعد الأمر كذلك، فهو الآن يتحقق من سعر خام برنت أولاً.
في أسبوع قفزت فيه أسعار النفط إلى أكثر من 125 دولاراً للبرميل، وهو أعلى مستوى لها منذ الحرب الأهلية في ليبيا العام الماضي، تحول اهتمام المستثمرين بشكل ملموس من الأزمة في اليونان إلى الخطر الآتي من النفط الخام.
إذا واصل السعر ارتفاعه – خاصة بعد أن حذرت شركة فايتول، أكبر متداول مستقل في الطاقة في العالم، من إمكانية بلوغه 150 دولاراً – عندها من المحتمل أن تتراجع أي احتمالات فورية للتعافي في أوروبا بشكل خاص.
وهناك أسباب عدة للمكاسب التي حققها النفط، أهمها التوتر المتنامي حول برنامج إيران النووي. فقد تسببت العقوبات التي يخطط الاتحاد الأوروبي لفرضها والتهديدات المقابلة من جانب إيران بوقف الإمدادات، في إثارة أعصاب المتداولين.
وحسب أسعاره بالاسترليني واليورو، لامس برنت مستويات عالية قياسية الأسبوع الماضي، حين قفز إلى أعلى مستوياته في تسعة أشهر، وهو 125.32 دولار، مدفوعا بتقرير من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التابعة للأمم المتحدة، أفاد بأن طهران عززت إنتاجها من اليورانيوم عالي الدرجة بشكل حاد.
وقال مايكل لويس، مدير أبحاث السلع في دويتشه بانك في لندن: ''النفط الخام يتحرك باتجاه نقطة الذروة''. وارتفاع الأسعار في الوقت نفسه الذي تبدأ فيه أمريكا بإظهار علامات على الخروج من الورطة الاقتصادية، يعتبر نذير شؤم بالنسبة للاقتصاد العالمي. فقد سبق كل حالات الركود التي واجهتها الولايات المتحدة في الماضي ارتفاع كبير في تكاليف الطاقة. وتقترب تكلفة البنزين في الولايات المتحدة الآن من المستوى النفسي البالغ أربعة دولارات للجالون، وهو مستوى يحتمل أن يقوض ثقة المستهلكين. وحسب جيمس هاملتون، الخبير الاقتصادي في جامعة كاليفورنيا في سان دييجو، الذي درس أثر أسعار النفط في النشاط الاقتصادي: ''اقترنت جميع حالات الركود الإحدى عشرة (في الولايات المتحدة) بعد الحرب، باستثناء واحدة منها، بارتفاع في سعر النفط، وكان الاستثناء الوحيد هو الركود الذي حدث في عام 1960''. ويمكن أن تشعر أوروبا بهذا الأثر بشكل أقوى. فرغم كل الجهود التي تبذلها شركات التكرير في المنطقة لتأمين إمدادات بديلة، فإن ارتفاع الأسعار الذي حدث الأسبوع الماضي يلحق الضرر ببلدان مثل اليونان وإيطاليا وإسبانيا، بسبب هشاشتها الاقتصادية.
وأخبر دايدير حسين، مدير أسواق وأمن الطاقة في وكالة الطاقة الدولية، جهاز الرقابة الخاص بالبلدان الغربية، مؤتمراً لهذه الصناعة عقد الأسبوع الماضي أن أسعار النفط العالية تعمل بمثابة كابح للنمو الاقتصادي.
وقال إن عبء النفط، أو تكلفة النفط الخام كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي قريبة من مستويات عام 2008، حين ارتفع سعر النفط إلى مستوى قياسي بلغ 147 دولاراً. وحتى لو ظلت الأسعار عند مستوياتها الحالية لبقية العام، يرى دويتشه بانك أن النسبة من الناتج المحلي الإجمالي سترتفع إلى 5.5 في المائة، مقارنة بـ 4.8 في المائة عام 2008 التي كانت الأعلى منذ عام 1983.
ويعود السبب في الارتفاع الحاد الذي حققه سعر النفط إلى اجتماع عاملي اختلال الإمدادات والمخاوف من الأثر الذي ستخلفه العقوبات الأمريكية والأوروبية على الصادرات الإيرانية. وفي آسيا، خاصة في اليابان، أسهم الطلب القوي على النفط الخام في إحداث شح في السوق.
ويرى كولين فنتون، مدير أبحاث السلع في بنك جيه بي مورجان في نيويورك، أن ارتفاع الأسعار ''مدفوع اقتصادياً ومتجذر نفسياً''. وأن عامل الخطورة بسبب إيران يشكل فقط ''بضعة دولارات للبرميل''.
وأوقف جنوب السودان ضخ نحو 300 ألف برميل يوميا من النفط الخام المرغوب، نظراً لاحتوائه على نسبة منخفضة من الكبريت. وتسببت الاضطرابات السياسية والإضرابات في إلغاء نحو 250 ألف برميل يوميا من إمدادات النفط اليمني. وتنتج ليبيا نحو مليون برميل يومياً، وهو مستوى ما زال أقل من مستوى ما قبل الحرب، البالغ 1.6 مليون برميل يوميا. وانخفض الإنتاج السوري بوقع 150 – 200 ألف برميل يوميا بسبب الفوضى السائدة في البلاد.
وضغطت اختلالات الإمدادات هذه على السوق الفعلية لدرجة فاجأت التنفيذيين في دور تداول السلع التي توجد مقارها في سويسرا، كما فاجأت كثيرا من المحللين المتمرسين.
وقال بول توسيتي، من شركة بي إف سي إنيرجي الاستشارية في واشنطن، إن سوق النفط الفعلية ''مضغوطة، ويمكن أن تُضغط أكثر''. ويسهم تقادم البنية التحتية وحقول النفط أيضاً، في ارتفاع الأسعار. وهناك تراجع في إنتاج النفط الخام في بحر الشمال وإنتاج فنزويلا قل بشكل حاد.
وارتفع الطلب في آسيا إلى حد كبير مع تحول مولدات الكهرباء اليابانية إلى النفط بديلا عن الطاقة النووية في أعقاب السونامي وكارثة مفاعل فوكوشيما النووي في العام الماضي.
وقال ديفيد ويتش، المحلل في شركة جيه بي سي إنيرجي، إن اليابان استهلكت في الشهر الماضي ما مجموعه 635 ألف برميل يومياً من النفط الخام وزيت الوقود لتوليد الطاقة، وهي كمية تزيد على ضعفي الكمية التي استهلكتها قبل عام. من جانبها، تقدر وكالة الطاقة الدولية أن ينمو الاستهلاك العالمي من النفط بواقع 830 ألف برميل يوميا هذه السنة، مقارنة بـ 740 ألف برميل يوميا عام 2011.
وقالت الوكالة في آخر تقرير شهري: ''تسود نظرة مستقبلية ذات سرعتين''، متوقعة ''نمواً قوياً للطلب على النفط'' في البلدان الناشئة، بينما يواصل الاستهلاك انخفاضه في معظم البلدان المتقدمة. وإذا اتجهت أسعار النفط نحو 150 دولاراً يمكن أن يتبين أن المكاسب ستكون لفترة قصيرة، إذا تسبب انزلاق نحو الركود، كما حدث عام 2008، في هبوط الأسعار مرة أخرى. لكن ذلك يمكن أن يكون عزاء ضئيلاً.
تعليقات