عن وصول الإخوان المسلمين، يكتب بن طفلة: الميه تكذب الغطاس

زاوية الكتاب

كتب 2571 مشاهدات 0

سعد بن طفلة

 

د.. سعد بن طفلة العجمي

 'الإخوان'...راحت السكرة وجاءت الفكرة 

وصل 'الإخوان المسلمون' لحكم مصر، هذه إرادة الشعب، وهذه نتيجة الصناديق، وبغض النظر عن ظروف انتخابهم، وبعيدا عن تحليلات الانتخابات، فعلى الجميع أن يسجل احترامه لكلمة الشعب المصري، وأن يعبر عن إعجابه بتنظيم الإخوان المسلمين الذي 'صبر وظفر'. يقول منتقدوهم إنهم 'انتهازيون'! ومتى لم يكن الساسة في كل مكان وزمان انتهازيين؟ يقولون إن كره الشعب لمنافسهم 'الفلول' هي التي أوصلت مرشحهم للرئاسة، ومتى كانت الانتخابات بلا ظروف أو معطيات وحسابات ومواقف 'كرهاً معاوية، لا حبا بعلي'. ويقولون إنهم استخدموا المال السياسي والترهيب والترغيب، فنقول تقدمتم بالطعون، وكان المنافس متهما باستخدام كل أجهزة الدولة لصالحه أيضا، ولكن فاز مرسي بالكرسي. هذه هي الحقيقة التي تقبلها الشعب المصري وعلى رأسهم منافسه أحمد شفيق، وقد قضي الأمر فماذا هم فاعلون؟ وهنا التساؤل الأكبر في عالم الشرق الأوسط القادم: هل يفي الإخوان المسلمون بوعودهم في تعزيز الديمقراطية والدولة المدنية؟ أم ينقلبون على تلك الوعود تماشيا مع سجل حافل بالكذب السياسي وانقلابات المواقف؟

خصوم الإخوان، يرون أنهم تنظيم 'دياسي' (الدين السياسي)، وبالتالي فكغيرهم في إيران و'طالبان' وغزة والسودان، سيقلبون للديمقراطية 'ظهر المجن'، فهم يرون أن الديمقراطية سلّم يوصلهم لسطح العمارة، ثم يسحبونه بمجرد وصولهم كي لا يصعد على السلم بعدهم أحد أبدا، حيث يعتبرون تصويت الناس لهم تفويضاً بتغيير القوانين لضمان بقائهم بالسلطة وإقصاء الآخرين.

هكذا كان في إيران وفي غزة والسودان وكاد أن يكون في الجزائر. أما مؤيدوهم، فيرددون: أعطوهم فرصة! ولم لا تذكروا النموذج التركي وحزب 'العدالة والتنمية' بدلاً من المقارنة بالنماذج الفاشلة؟ وتأتي الإجابة من الخصوم: لأنهم لم يتخلوا عن مناداتهم بالدولة الدينية والخلافة وإقامة الشريعة حسب فهمهم، وهي مناداة تتناقض مع الدولة المدنية الحديثة، بينما يردد 'إسلاميو' تركيا أنهم علمانيون محافظون ولن يتخلوا عن مبادئ العلمانية وتداول السلطة.

فيرد مؤيدو 'الإخوان': لقد أعلنوا أكثر من مرة مدنيتهم وتمسكهم بالخيار الديمقراطي، فيقول الخصوم: بمرجعية دينية، وهي تمويه لما يضمرون من انقضاض انفرادي على السلطة مستقبلا.

ولأصدق القارئ الكريم، فأنا منحاز للتشكيك في نوايا 'الإخوان' أو نوايا أي تنظيم 'دياسي' ما لم يعلن مدنيته ويترجمها على الأرض، ولكني لا أخفي أني أحتفظ ببعض التمني والتفاؤل المشوب بالحذر مردداً بيني وبين نفسي المثل المصري: 'الميه تكذّب الغطّاس”!

الحقيقة أن 'الإخوان' اليوم في وضع لا يحسدون عليه، وقد يكون من سوء حظهم

أنهم وصلوا لسدة الحكم في أكبر بلد عربي وهو مثقل بتركة هائلة من المشاكل المعقدة والصعبة، ولن يحلها أي فصيل سياسي آخر بمصر في فترة رئاسية واحدة، ولكن الناس طال صبرها، والوعود والشعارات الجميلة التي أطلقها 'الإخوان' في حملتهم أوهمت الناس أن لديهم عصا سحرية تحل مشاكلهم ما أن يوصلوهم للسلطة، لكن الحملة الانتخابية شيء، والوصول إلى كرسي السلطة شيء آخر، فملفات وقضايا مركبة لا قبل لأي تنظيم سياسي بحلها في فترة قصيرة،

وهو ما يريده حالا الفلاح والعامل والعاطل عن العمل والجوعى والمشردون

ومن يعيشون بلا أمل في مصر، فالمصريون المعروفون بالصبر والجلد، لم يعد يطيقون صبراً، فالجائع لا تشبعه الوعود، والعاطل لا تشغّله البرامج النظرية، ومن بلا مأوى لا تأويه التصريحات.

إلى جانب المشاكل الاقتصادية الملحة، سيواجه 'الإخوان' ملفات صلاحيات الرئيس وكتابة الدستور الجديد وعقبات المجلس العسكري ومزايدة التشدد السلفي، والسياحة والتعايش مع الأقباط، والتيار المدني الذي فازوا ببعض أصواتهم على 'الحفّة'، ومشاكل التنظيم نفسه بالسلطة، ولهذه العوائق جميعا مقالات قادمة.

 

 

الإتحاد الإماراتية

تعليقات

اكتب تعليقك