هل باتت الرؤية في العالمين العربي والإسلامي سقيمة؟.. فاطمة البكر متسائلة

زاوية الكتاب

كتب 334 مشاهدات 0


القبس

وهج الأفكار  /  عالم يولد من رحم الأحزان

فاطمة عثمان البكر

 

عالم يموج، يتصارع، يتمحور من الشمال إلى الجنوب، ومن الغرب إلى الشرق، صراع دائر تشتد رحاه، كالطاحونة تطحن وتطحن، ولا يبقى منها إلا ذرات تتطاير في الهواء، كُتب علينا أن نعيش هذا الزمن الصعب، عصرا لم تشهد له العصور السابقة مثيلا بتناقضاته ومفارقاته ومتغيراته المتلاحقة، كل المعادلات فيه قابلة للتغيير، والانقلاب، والانفلات المتباين والمفاجئ، صراع لا أحد يعرف متى تهبّ العاصفة!

واقع صعب سيسجل التاريخ المعاصر فيه سطوره الخالدة: بيضاء وحمراء وسوداء، سجل خالد لا ينافق أحدا، لا يراوغ أحدا، لا يتجمّل بل يسجل واقعا بوقائعه بمسمياته، بشخوصه، شاهد على العصر وما يجري فيه بكل أحداثه بغرائبه وعجائبه، ومفارقاته، والتاريخ إن حكى وإن بكى، وإن شكا، فالكل يقف شاهداً على أحداثه.

حزننا اليوم كبير وعميق، حزن أصبح طاغيا، طافحا على ما يدور في العالم بصورة عامة، وللعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة من امتهان لم يسبق له مثيل للإنسانية، لعقائدنا، لمبادئنا، وشلالات الدم التي نشهدها والمأساة التي نعيشها، التي فاقت حد التصوّر، ولم تحدث في عصر من العصور السابقة مجازر ومحافل جزر ليلا نهارا، صور الموت تتدفق علينا عبر الفضائيات المحلية والعربية والعالمية، تترك آثارا مدمرة، فهل فقد الإنسان إنسانيته في هذا الزمن؟ وهل الانسانية بالمفهوم الايجابي للكلمة من حيث هي «قيمة» - ليست أكثر من أكذوبة تندرج في قائمة الأكاذيب والأوهام التي يتشبث بها الضعفاء في هذا العالم ويؤمنون بوجودها، حتى لا يهدموا آخر جدار يقيهم من اليأس الكامل؟ هل كل التجارب والأمثولات التي انبثقت من آلاف السنين من الصراع البشري، سقطت سقوطا مريعا في الموازين البشرية وفي الرؤية الصائبة للأمور؟ هل باتت الرؤية في العالمين العربي والإسلامي سقيمة إلى درجة أنها باتت عاجزة عن التمييز بين الظالم والمظلوم، بين الحق والباطل؟ ثم هل سقطت كل القوانين والشرائع ليعود العالم إلى وحشيته البدائية؟

ظلال من الحزن باتت أشبه بالغيوم الكثيفة، التي ميَّزت هذا العالم، ترخي بظلالها على الفكر والوجدان.. هل هو عالم جديد يولد من رحم الأحزان؟!

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك