عن مثلث الحوار والتدويل والتهويل!.. يكتب حسن جوهر

زاوية الكتاب

كتب 1020 مشاهدات 0


الجريدة

الحوار.. التدويل.. التهويل!

د. حسن عبد الله جوهر

 

تشهد الساحة السياسية حراكاً ثلاثي الأضلاع يتضمن الدعوة إلى حوار جاد وصريح من أجل تقريب وجهات النظر على أمل الوصول إلى نقطة المصالحة بين السلطة من جهة والقوى الوطنية والشبابية بمشاربها المختلفة من جهة أخرى، ولا يمكن لمثل هذه الخطوة التي يدعو إليها المنطق والمسؤولية الوطنية أن تسير في الاتجاه الصحيح إلا بصدق النوايا ووفق درجة عالية من الصراحة والشفافية، وفي إطار مرجعية متفق عليها تتمثل بالدستور والمكتسبات السياسية وحاكمية الشعب الكويتي، ومتى تحققت هذه المتطلبات فإن إمكانية النجاح ميسورة ذلك لأن تشخيص العلّة صار من المسلمات التي بات يعرفها الصغير قبل الكبير. وفي خط مواز هناك الدعوة إلى اللجوء إلى المنظمات الدولية، وهي خطوة في رأيي غير مسبوقة ويفترض التأني فيها لأسباب سياسية ووطنية، وليس في البعد القانوني.
فمن الناحية القانونية لا يمكن اللجوء إلى المحاكم والمنظمات الدولية وحتى في حالة الوصول إليها فإنها لا تسمن ولا تغني من جوع، وليس لها أدوات تنفيذية أو قرارات ملزمة، وذلك بحسب طبيعة هذه المؤسسات.
نعم قد تكون هناك استفادة إعلامية وإثارة سياسية، سواء لجأت أطراف محلية إلى الخارج أم لم تلجأ، فهناك منظمات حقوقية وأخرى سياسية وهناك الرقابة المجتمعية الدولية في قضايا حقوق الإنسان وتعزيز الديمقراطية على الصعيدين الحكومي وغير الحكومي، وسواء لجأت المعارضة إلى خيار التدويل أم لا، فإن أصداء ما يجري في الكويت قد وصل إلى أسماع العالم، خصوصاً الملاحقات السياسية والتضييق على الحريات وضرب المتظاهرين، بل تم توثيقها وصدرت بحقها بيانات وتقارير لا شك أنها تركت آثاراً سلبية على سمعة الكويت ليس قياساً مع بقية دول المنطقة بل مقارنة مع العصر الذهبي للكويت نفسها في مجال الحريات والديمقراطية.
وبين الدعوة إلى الحوار والمصارحة والتهديد بالتدويل، تبرز ضجة أخرى يمكن أن نطلق عليها التهويل، ودعاة التهويل من نواب مجلس الصوت الواحد (2012) والمتنفذين ومجموعة من الكتّاب التابعين لهم، يحاولون استثارة الرأي العام الكويتي وبث الفزع في قلوب الناس من مسألة التدويل وتشبيه الوضع بأن المجتمع الدولي قد يجهز جيوشه لتحريرنا مثلما فعل في العراق أو ليبيا أو ما يحدث اليوم في مالي أو ساحل العاج عندما نزلت إلى الشارع واعتقلت الرئيس المزور للانتخابات ونصّبت الرئيس الحقيقي من المعارضة، ولذلك نجد أن عبارات مثل الخيانة العظمى والمتآمرين على الكويت تطلق على المعارضة التي تنادي بالتدويل رغم علم هؤلاء بأن التدويل لا يتعدى كونه زوبعة في فنجان.
أما الصنف الآخر من المهولين فهم من بقايا الفساد ممن انخرست ألسنتهم أثناء فضائح «الإيداعات» و»التحويلات» والعقارات والصفقات المشبوهة، وصار لهم اليوم صوت عالٍ ضد الحوار الوطني ومساعي المخلصين لإنقاذ البلد من دوامات التأزيم ومستنقع الفساد والدعوة إلى دولة القانون ليقينهم بألا مكان لهم في عهد الشفافية والإصلاح الحقيقي!
ومصير البلد والشعب بات مرهوناً بهذا المثلث المصيري وعلى السلطة الحذر والحيطة فيما تختار من أضلعه لأن خيارها سيحدد مستقبل الكويت وأهلها، ولكن في اتجاهات مختلفة جداً في المضامين والنتائج.

الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك