نماذج جديدة للحوالات المالية عبر الحدود بقلم جيليان تيت

الاقتصاد الآن

1622 مشاهدات 0



منذ أعوام قليلة، عندما نظرت شركة مثل 'ويسترن يونيون'، المجموعة الأمريكية العاملة في مجال تحويل الأموال، إلى بلد مثل تركيا اعتقد موظفوها أنهم يعرفون ما يجب عليهم أن يتوقعوه. فقد كانت تركيا فقيرة، ومصدرًا للمهاجرين إلى أماكن مثل ألمانيا. وهكذا كانت تعدّ في مصطلحات تحويل الأموال دولة 'تدفقات داخلة'. فقد كان 90 في المائة من المال الذي يتحرك عبر الحدود التركية في هيئة تحويلات برقية ضيقة النطاق تدخل إلى تركيا ولا تخرج منها.

لكن هذه الأيام هناك شيء ما لافت إلى حد ما يحدث. ووفقًا لحكمت إرسك، الرئيس التنفيذي لشركة ويسترن يونيون (تركي)، حركة المال بدأت الآن تتجه إلى خارج تركيا وليس إلى داخلها. وهذا لأن أوروبا متعثرة، بينما يزدهر الاقتصاد التركي. ولذلك، بينما اعتاد الأتراك في ألمانيا، مثلاً، أن يرسلوا الأموال إلى عائلاتهم في الوطن، انعكس اتجاه هذه العملية خلال عام 2012، ما أوجد تدفقات خارجة بنسبة 30 في المائة تقريبا. أو، كما أبلغني إرسك على هامش منتدى دافوس في الشهر الماضي، بابتسامة فخر وتعجب: 'إنه تغير ضخم'.

وربما يكون هذا تقليل من شأن هذا الإنجاز، فعندما يجتمع الزعماء العالميون في دافوس كل عام، يكون هناك ميل لقذف الخطب في جميع الأنحاء عن 'العولمة'، و'إعادة التوازن' الاقتصادي، أو الأزمة المالية. وهذه المناقشات العظيمة يتم دعمها عادة بكم هائل من البيانات الرسمية عن إجمالي الناتج المحلي، وإحصاءات من كيانات مثل بنك التسويات الدولية عن تدفقات رأس المال العالمي.

لكن بالنسبة إلى أموالي، لم تأت إحدى الأفكار الأكثر إثارة للاهتمام التي حصلت عليها هذا العام من إحدى الشخصيات المهمة في وول ستريت، أو وزير للمالية، لكن من حكايات إرسك عن التحويلات المالية عبر الحدود. وقد تكون هذه زاوية متواضعة من النظام المالي العالمي (حيث يكون متوسط التعاملات 350 دولارًا فقط)، لكن أكثر من 200 مليون شخص يستخدم مثل هذه الخدمات، وبجمع كل هذا النشاط معًا ـــ وهو ما يعادل 28 معاملة في 'ويسترن يونيون' كل ثانية ـــ ينتج لقطة رائعة في توقيتها الحقيقي للاقتصاد العالمي.

وللأسف، فإن 'ويسترن يونيون' حذرة في إصدار كثير جدًا من الأرقام الدقيقة عن هذه التدفقات. لكن الشركة هي الأكبر في السوق، حيث حركت أموالاً بقيمة 81 مليار دولار في عام 2011 (يقدر إجمالي القطاع بـ500 مليار دولار تقريبًا). وهكذا، فإن ما تقوله عن الاتجاهات العامة يعدّ رائعًا. ولننظر إلى أوروبا، مثلاً. مرت دول مثل إسبانيا بـ'تدفقات للخارج' متباطئة بشكل كبير، حيث تعني سوق الوظائف التي تعيش ظروفًا صعبة أن عددًا أقل من العمال المهاجرين سيرسلون أموالاً إلى الوطن، وأنه سيتم إجبار مزيد من سكان البلاد الشباب على الذهاب إلى الخارج للبحث عن وظيفة.

ويقول إرسيك 'إن التحول الآخر يمكن ملاحظته في فرنسا وألمانيا، حيث زادت التدفقات من هاتين الدولتين إلى أماكن مثل إسبانيا والبرتغال، حيث يتصيد العاملون القادمون من البلدان الطرفية الوظائف في مركز منطقة اليورو. وهناك أيضًا تغيرات لافتة للانتباه في الأسواق الناشئة بسبب أن بلدانا مثل المكسيك، وكوريا الجنوبية، وإندونيسيا تتحول إلى بلدان 'تدفقات للخارج'، حيث تجتذب عمالاً مهاجرين من أماكن أخرى. وشهدت روسيا، على وجه الخصوص، انقلابًا حقيقيًا، حيث تحولت من بلد 'تدفقات للداخل' إلى 'تدفقات للخارج' بنسبة 80 في المائة تقريبًا (ثالث أكبر دولة) بسبب ازدهار النفط والغاز (وربما هروب رأس المال).

وفي مكان آخر من العالم تشهد أمريكا إعادة توازن لتدفقاتها (الشمالية ـــ الجنوبية)، حيث يرسل عدد أقل من المهاجرين أموالاً للوطن. لكن النقطة الأسرع الوحيدة للنمو بالنسبة لشركة ويسترن يونيون تكمن في التدفقات الداخلة إلى إفريقيا، حيث تصبح أجزاء من القارة الآن، مثل غرب إفريقيا، غنية في أعقاب ازدهار السلع ـــ حيث تجذب المهاجرين من المناطق الأكثر فقرًا وتبدأ تدفقات نقدية عبر الحدود على نطاق لم يشهده أحد من قبل.

والآن، هناك احتمال أن تصبح كثير من هذه الاتجاهات متقلبة، فإذا كان مقدرًا لإسبانيا الازدهار مرة أخرى ـــ أو انهيار سوق السلع فجأة ـــ قد تعكس تلك الاتجاهات حركتها بسرعة. لكن إذا لم يحدث شيء آخر، يجب أن تذكرنا حكاية 'ويسترن يونيون' كيف أن قصص الاقتصاد الكلي الكبيرة تفرز الآن ملايين الحكايات الصغيرة عن التغير في الاقتصاد الجزئي، بينما يتحرك الأشخاص للبحث عن الوظائف والقدرة على البقاء. أطلق عليها، إن شئت، إشارة إلى عالم يحاول التكيف مع نماذج جديدة، 350 دولارًا في المرة، وفي فترة ازدهار عالمي، ربما يقدم هذا لمحة ـــ شعبية ـــ من البهجة.

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك