وليد الرجيب: هذه حقيقة المخطط الكبير والخطير ضد الكويت!

زاوية الكتاب

كتب 2207 مشاهدات 0


الراي

أصبوحة  /  تصعيد خطير!

وليد الرجيب

 

في رواية الأديب المصري الكبير نجيب محفوظ «الكرنك»، هناك مشهد يتصل فيه الرئيس جمال عبد الناصر بصلاح نصر رئيس الاستخبارات، يستفسر منه حول الاعتقالات الواسعة للشباب والشابات وعمليات التعذيب التي يتعرضون لها، فأجاب صلاح نصر الإجابة السحرية «البلد كانت حتروح بشربة ميّة ياريس»، بينما في الواقع أن الغالبية من المعتقلين والمعتقلات لم يكن لهم علاقة حتى بالسياسة.

ذكرني هذا المشهد الأدبي ذو الدلالة بتصريح معالي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، الذي نشرته الصحافة الكويتية بأن ما حدث أمام المسجد الكبير كان «مخططاً كبيراً وخطيراً».

ونظن أن مصطلح «مخطط كبير وخطير» مبالغ به ويحمل نوعاً من التهويل، وتحريفاً للحقائق والواقع لتبرير الاجراءات في مواجهة المسيرة السلمية، والتي نص على حقها دستور الكويت، وهي مسيرة للمطالبة بالإصلاح السياسي والديموقراطي وكشف الفساد والمفسدين، الذين نهبوا أموال الشعب ومقدرات البلاد، فهل هذا مخطط كبير وخطير؟

أليس هؤلاء المشاركون في المسيرة السلمية هم من أبناء الكويت بطوائفها ومكوناتها المختلفة، وبينهم نواب مجلس أمة سابقون؟ والدليل على سلمية المسيرة أنها عندما اضطرت إلى دخول الأسواق القديمة بعد تفريقها من قبل رجال الأمن لم تتعرض إلى الممتلكات العامة والخاصة، كما أنها لم تبدأ بالصدام مع رجال الأمن، لكن الشباب يعلمون جيداً أن بينهم مندسين لإثارة الشغب وافتعال المواجهة مع الأمن ويعرفونهم بالاسم والشكل.

وسنجد فئة في المجتمع ستصدق هذا الادعاء وستعمل على تداوله، فليس كل الشعب معارضة وليس كله موالاة وموافقاً على ما يحدث من فساد وسرقات كبيرة، كما أن حق الاعتراض بطرق سلمية هو حق دستوري.

لكن المخطط الكبير والخطير موجود، ويتمثل في سرقات بلغت المليارات من المال العام، كما أن المخططات الخارجية التي تهدد أمن وسلامة الوطن هي على حدود البلاد ولهم أتباع في الداخل، وهذا ما يجب أن تكرّس من أجله قوات الأمن اهتمامها وانتباهها واستعدادها لمواجهة الخطر الخارجي.

أما توجهات مجلس الوزراء التي تنال من حريات الشعب فهي خطيرة ومكلفة الثمن، مثل التوجه لحل جمعيات النفع العام التي تخوض في الشأن السياسي العام، أو إسقاط الجنسية عن المواطنين المعارضين لنهج الحكومة، بل هي توجهات تطعن في وطنية المعارضة.

أما المصطلح الذي أثار استياء أبناء الشعب وغضبهم واستفزازهم، هو الحديث عن «شرف المواطنة» ومن يستحقها، مع أن كثيرين من الذين خرجوا في المسيرات السلمية هم من أبناء الكويتيين الصامدين والمقاومين للاحتلال، الذين قدموا شهداء وشهيدات ومعتقلين وتعرضوا للتعذيب والتنكيل دفاعاً عن تراب الوطن وعن الشرعية.

إن مجلس الوزراء ونواب الصوت الواحد لم يكونوا موفقين في التعامل مع الأزمة، وهو ما يشي بتداعيات خطيرة على المجتمع والبلد بشكل عام، وسيعمق الأزمة الخانقة والاحتقان السياسي.

والحل الواقعي والحكيم يكمن بالتخلي عن النهج البوليسي القمعي، والتوجه للإصلاح السياسي والبرلماني من خلال تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص والإصلاح الإداري والقضاء على الفساد وتطبيق القانون على الجميع، وتحقيق نظام برلماني كامل وتشريع قوانين لحياة حزبية سليمة على أسس وطنية، والحفاظ على ما تبقى من ثروات البلاد، وملاحقة الفاسدين والمفسدين وتقديمهم للمحاكمة، والعودة إلى كويت الحريات والأمان والديموقراطية.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك