تعزيز القيم لا يتحقق بشعارات نتغنى بها فقط!.. برأي سامي الخرافي

زاوية الكتاب

كتب 1942 مشاهدات 0


الأنباء

جرس  /  أزمة قيم

سامي الخرافي

 

ذكر الشيخ عبدالله النوري رحمه الله في كتابه «حكايات من الكويت» قصة خمسة أشخاص كويتيين قد ذهبوا إلى سيلان في 1920 التي كانت مستعمرة بريطانية آنذاك وكانت قد سمحت بالغوص وفق ضوابط محددة، ولقد اتفق الأصدقاء على عقد شراكة فيما بينهم بالقول والنية ولم يكن بينهم أي عقد مكتوب واتفقوا على تقاسم الرزق بينهم بالتساوي، وبدأوا في العمل بالغوص إلا أن أحدهم قد مرض مرضا أدى إلى وفاته، علما بأن المتوفى قد عمل لمدة خمسة أيام فقط، ولكن الأصدقاء اعتبروا أن صديقهم مازال حيا معهم وله نفس نصيبهم من الرزق، وقد أحضروا بعد نهاية الغوص الشهود وقالوا بأن فلانا الفلاني قد توفي وإن حصة كل منا كذا وله نفس ما أخذنا.

علمتنا تلك القصة بأن الوفاء والصدق والأمانة في المجتمع الكويتي هي أهم بكثير من المال والذي أصبح في وقتنا الحاضر هو المسيطر على حياة الكثيرين في تعاملاتهم مما أثر على كثير من القيم الكويتية الأصيلة وسنتناول بعضا من القيم التي اهتزت في مجتمعنا:

٭ النفوس تغيرت عما كانت عليه في السابق فقد كان المجتمع الكويتي، متلاحما ومتماسكا رغم بساطة الحياة آنذاك ولكن كانت القيم الإسلامية العربية الأصلية مغروسة فيه والشواهد كثيرة على ذلك، وكانت مشاكلهم تحل بجلسة مصالحة ومصارحة وينتهي الأمر، أما ما نراه حاليا على الساحة المحلية من كثرة المناوشات والاتهامات والتشكيك في الذمم لكثير من الناس والتشهير بهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي فهدفها الأساسي تمزيق وحدة الصف الكويتي لأهداف لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، وهذا لا يهم مادام هناك من يدفع، وللأسف لا تعرف الدوافع الحقيقية وراء ذلك ـ كان التسامح وحسن الظن في كثير من الأمور هو السائد آنذاك، أما في وقتنا الحاضر فقد أصبح الانتقام هو الحل الأسرع لحل الكثير من المشاكل ولم يعد للتسامح والعفو والتقدير مكان في حل القضايا العالقة والمحاكم تزخر بذلك.

٭ كان الرجل الصالح هو الشخص المقدم في كثير من الأمور ويتقلد المناصب بسبب خلقه ونظافته والأهم من ذلك هو شخص مناسب لذلك المنصب، أما في وقتنا الحاضر فقد اصبح لدى الكثير قناعة بأن رجل المصالح هو المقدم في تقلد المناصب للأسف، ولم يعد للرجل الصالح أي تقدير واحترام لا لشيء إلا لأنه شريف فاضح للسرقات ولهذا فهو شخص غير مرغوب فيه.

٭ كانت القناعة والرضا وحمد النعم، هي الصفة السائدة في ذلك الزمن الجميل، أما في وقتنا الحاضر فقد اصبح التذمر والتحلطم هو ما يميز الكثير من هذا الشعب لأسباب معروفة والكثير منها غير معروف.

وأخيرا: ضعف الوازع الديني أثر على أخلاقيات الإنسان وجعلته لا يمانع في أن ينسف القيم من أجل مصالحه، بالإضافة إلى أن غياب القدوة الصالحة قد جعل الكثير من الشباب يقتدون ويتمنون ان يكونوا مثل الممثلين وخاصة الأجانب فكانت نتيجة هذه القدوة السيئة ما نشاهده من الانحلالات الزائدة في المجتمع الكويتي وهذا كله يرجع سببه للقدوة السيئة، كما لا ننسى غياب دور الوالدين في تعزيز وترسيخ الأخلاق الفاضلة وغرسها لدى الأبناء، وغياب هذا الدور قد أدى إلى فقدان تلك الأخلاق، إن تعزيز القيم هو دور المجتمع جميعا بشكل جدي وليس بشعارات نتغنى بها، فهل نبدأ في ذلك غدا؟

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك