جهابذة 'التلقين' وراء تراجعنا في كل الميادين.. بوجهة نظر تركي العازمي

زاوية الكتاب

كتب 682 مشاهدات 0


الراي

وجع الحروف  -  تراجعنا من جهابذة 'التلقين'!

د. تركي العازمي

 

يُراد بنا أن نتراجع... نتخلف عن الركب... نتخلف حتى عن الطريقة المثلى لفهم بعضنا البعض.

في الأمس القريب وفي السبعينات تحديداً كنا نتربع على عرش التقدم الذي بسطه جهابذة «الفكر»٬ جهابذة «السبق/الرؤى»٬ جهابذة «الثقافة الاجتماعية» الصالحة... كنا تاريخياً لا تنفع إلا لمصلح يفهم الحاجة لنبذ ثقافة الاختيار عبر جهابذة «التلقين»!

في عام 1977 أعلنت «اليونسكو» أن التعليم في العراق هو الأفضل في الشرق الأوسط، وأصبح ينافس الدول الإسكندنافية، وفي تلك الحقبة الزمنية غادر الكويت الكثير من أحبتنا إلى دولهم المجاورة وهاهم الآن يتذكرون تلك الأيام ويعبرون عن امتنانهم للتعليم الذي تلقوه في الكويت.

انظر من حولك الآن... العراق في ذيل القائمة حسب مؤشر دافوس لجودة التعليم في 140 دولة من دول العالم، وقد كشف مؤشر جودة التعليم العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في «دافوس» لعام 2015-ـ 2016 في 30سبتمبر الماضي عن تدني ترتيب أغلب الدول العربية في مجال جودة التعليم والمميز هنا أن قطر احتلت المرتبة الرابعة عالمياً!

هم يريدوننا أن نفشل.. فقسمونا، وأخذوا يضربون في الجسد العربي حتى بات مفككاً، والشواهد كثيرة على أنهم نجحوا في بلوغ غاياتهم!

سر النجاح التحولي للكويت تحديداً يكمن في فهم عنوان هذا المقال، ويبدأ من فهمنا لمسببات تراجعنا في كل الميادين... إنه يعود إلى اتباعنا لجهابذة «التلقين» وكل ما يرد منهم يأخذ صفة النفاذ.

التلقين لغوياً يعني «توجيه النصيحة - تلقن الطرف الآخر بما يراد عمله»، و«تفهيم ـ تلقن الطرف الآخر عن حالة مصدر أو شخص آخر»... يعني أننا أحيانا نرى قرارات تأتي من مصدر يلقننا المفاهيم الخاطئة، ويوصل لنا المعلومات المغلوطة، وبالتالي فكل ما نقوم به من معالجات للأوضاع لا يساهم في حل قضايانا لأن ما بني على باطل محصلته باطلة لا يدفعنا إلى التقدم لمصاف الدول حتى على المستوى الاجتماعي، فبتنا نحكم على البعض من مصدر «التلقين الخطأ» مع العلم أننا من منظور عقلاني يتسم بالرشد يجب أن نبحث في مصدر المعلومة، ونتحقق منها قبل أن نحكم على الطرف الآخر أو القضية المطروحة للنقاش!

والمشكلة... أن الانفراد وعدم تقبل الطرف الآخر -والذي في الغالب يكون على حق- لأنه غير مرغوب به لأن الاستشارة تعتمد على فن «التلقين» الذي أفسد الوضع!

لذلك ومما تقدم أعلاه٬ أعتقد بأننا لابد وأن نعي خطورة ما يحدث من حولنا، وأن نؤمن إيماناً مطلقاً بأن الغرب لا يريد لنا بلوغ الغايات الإصلاحية التي نحلم بها.

فشلنا ولم نعترف بالفشل لأنه قد «ران على قلوبنا»، وأصبحنا لا نميز الصالحين من الفاسدين... حتى استخدام وسائل الإعلام الالكترونية صارت للسب والقذف وإقصاء الكفاءات.

وأعتقد أن المنظومة الاستشارية بحاجة إلى تغيير فوري ليصبح بمقدورنا فهم أسباب تراجعنا من خلال سياسة «تلقين» صالحة بعيداً عن المصالح وأصحابها، وبعيداً عن النفوذ الذي يبحث عنه من لا يفهم أبجديات الاستشارة الصالحة.

أظن والله العالم أن الفساد الأخلاقي قد أحكم على مصادر «التلقين» واحتكر طريقة التفكير لدينا، ولهذا نجد أن معظم القرارات مبني على ردود أفعال.

امنحوا البلد فرصة لتستعين بمن هو صالح... وتسمح بتنحية من هو فاسد أو لنقل غير صالح إن كانت عبارة فاسد لا تروق للبعض.

أمام الكويت تحدٍ كبير لتلحق بالركب واستيعاب الدروس من الماضي القريب، وهذا التحدي بحاجة لرجال دولة يرسمون قراراتهم عبر «التلقين» الصحي والاستئناس برأي أهل الخبرة المتصفين بالنزاهة والأمانة والمعرفة... وهذا هو مفتاح النجاح لنا جميعاً... والله المستعان!

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك