وجود جهاز أمن داخلي لا ينتمي للدولة العميقة أحد أسباب فشل الإنقلاب التركي.. برأي محمد المطني

زاوية الكتاب

كتب 443 مشاهدات 0

محمد المطني

النهار

نقش- ليلة وعي

محمد المطني

 

ليلة عصيبة في أولها مبهجة في نهايتها شهدناها في تركيا، توقف فيها العالم كله منتظرا نتيجة التحرك العسكري لمحاولة الانقلاب على الحكومة المنتخبة التي اختارها الشعب التركي في انتخابات شاركت بها كل الفعاليات السياسية في دولة شهدت العديد من الأزمات في هذه السنة أولها سلسلة من التفجيرات الارهابية وآخرها أزمة تشكيل الحكومة والتي اضطرت الرئيس التركي أردوغان إلى اعادة الانتخابات لضمان تحقيق أحد الاحزاب الاغلبية التي تسمح له بتشكيل الحكومة وهذا ما حققه حزب الحرية والعدالة الذي شكل الحكومة منفردا هذه المرة.

تركيا هي النموذج الفعلي في الشرق الأوسط لفوائد تطبيق الديموقراطية كنظام حكم ينشد التطور والتقدم، تتشابه معنا في بعض الخصائص ولنا معها تاريخ مشترك يمتد لمئات الأعوام ونشترك أيضا في بعض العيوب التي استطاعت تركيا التغلب عليها وتقديم نموذج رائع للوعي السياسي والوطني والذي قطفت تركيا ثماره في التحرك الشعبي الرائع لمقاومة الانقلاب العسكري الذي لم يستطع الصمود أكثر من ساعات وتحول من ضربة موجعة لمسيرة تركيا الديموقراطية إلى أكبر دليل على تمسك الشعب بالديموقراطية ووعيه.

يعلم الشعب التركي ثمن قبوله بمرور هذا الانقلاب وهو الذي جرب مثل هذا الامر أكثر من مرة ودفع مقابل السماح للعسكر بالحكم أثمانا عديدة من حرياته ومعيشته فقرر في وقتها أن يكون هو الرد على التحرك العسكري فشاهدنا الشباب وكبار السن وهم يتظاهرون كسرا لقرار حظر التجول الذي فرضه العسكر وانتصارا للديموقراطية التي جعلتهم اليوم رقما صعبا في الكثير من المجالات ودولة يحسدها الكثير.

سقط الانقلاب العسكري بسبب تداخل العديد من العوامل أهمها رد الحكومة الحاسم والذي يدل على توقعها المسبق بامكانية حدوث مثل هذه الأمور وهو أمر وضح جدا بوجود جهاز أمن داخلي لا ينتمي للدولة العميقة أدار المواجهة على الأرض بمشاركة الشعب وانتصر، ومن هذه العوامل المهمة موقف النخب السياسية المعارضة للحكومة ومنها أحزاب البرلمان الثلاثة الكبار والذين شكلوا تاج الوعي السياسي برفضهم المبكر لهذه العملية وتمسكهم بالديموقراطية وإن جاءت بغيرهم للحكم بعد ان جربوا أكثر من مرة القبول بمثل هذه الحلول العسكرية والمشاركة بالانقلابات وتحمل وزر النتائج أمام التاريخ الذي لا يرحم فقرروا ايقاف هذا الدعم والتمسك بقرار الشعب لا غيره.

تداخل كل هذه العوامل أدى لسقوط محاولة الانقلاب وخروج تركيا بعد ذلك أقوى وأكبر وأكثر تحضرا ووعيا وتطلعا للأمام وتمسكا بالديموقراطية المدنية التي تحترم الكل وفيها قرار الشعب هو النافذ لا غيره، الشعب الذي تحمل العديد من المشاكل والأزمات ليصل في النهاية إلى مبتغاه بدولة ديموقراطية قوية لا يمكن التفريط بها وإن كان ثمن ذلك الوقوف أمام الدبابات قائلين لهم كما سمعنا في العديد من المقاطع المتناقلة: ارجعوا إلى ثكناتكم فالشعب اليوم ليس كشعب أمس. تفاءلوا.

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك