عن سقوط بعض الرموز .. يتحدث عبد العزيز الفضلي

زاوية الكتاب

كتب 449 مشاهدات 0

عبد العزيز الفضلي

الراي

رسالتي - سقوط الرمز

عبد العزيز الفضلي

 

هناك العديد من الرموز - في بلادنا وفي محيط عالمنا العربي والإسلامي - تأثر الناس بهم إما لقوة شخصياتهم، أو إعجابا بأفكارهم أو لما قدموه من إنجازات.

هؤلاء الرموز لهم توجهات ومنطلقات مختلفة، قد نتفق مع بعضها، وقد نختلف مع بعضها الآخر إلى أبعد الحدود، منهم الإسلامي، ومنهم الوطني والقومي والليبرالي.

إلا أن بعض هذه الرموز سقطت قيمتها، وأفل نجمها، عندما تنازلت عن أفكارها وباعت قيمها.

 

فعلى سبيل المثال، كان هناك شخصية علمانية، كانت تطالب بالحريات والديموقراطية، وكان لها سابقا كفاح مسلح من أجل التغيير - لا نتفق معه - وقد تراجعت عنه لاحقاً، وارتضت التغيير السلمي، إلا أنها أصبحت تحت الجناح الحكومي وتنازلت عن أفكار الحرية والديموقراطية، وأصبحت حكومية حتى النخاع!

ورأينا خطيبا مفوّهاً كانت تتزاحم الركب في مسجده من أجل الاستماع إلى خطبه، فلما تولى المنصب النيابي، خذل الناس مع أول اختبار، إذ تنازل عن مبادئه وكانت تصويته مع الرأي الحكومي، في إعطاء المرأة حق الترشح والانتخاب، مع أنه كان يفتي بحرمة ذلك سابقا!

وكان يزعم بأنه نصير الطبقة المسحوقة، لكنه تناساها مع الضغط الحكومي رغبة أو رهبة.

وهناك شخصية نيابية انطلقت من حركة إسلامية، إلا أنها باعت حركتها وجمعيتها وجماعتها من أجل الكرسي الحكومي، وجعلت إخوانها في مرمى اتهام الشعب والمعارضة: بأنهم يبحثون عن المصالح، ويتلاعبون في الشعارات، ويتناقضون في المواقف!

وهناك شخصيات وطنية باعت المبادئ من أجل المصالح في تصويتات سابقة على مناصب مجلس الأمة، فأخْلَفَت وعودها بعد أن لاح لها بريق الدينار.

من الشخصيات التي سقطت من أعين الناس، بعض القراء والمشايخ والدعاة المعروفين، والذين وقفوا موقفا مخزيا تجاه ما تعرضت له بعض الشعوب العربية من قمع وإذلال وسفك للدماء، حيث برروا للقاتل جريمته، ودانوا الضحية بدلا من نصرتها!

ولذلك لم تعد الكثير من الشعوب تستسيغ سماع أصواتهم، ولا مواعظهم، لشعورهم بأنهم متناقضون مع أنفسهم، فهم ممن يقولون ما لا يفعلون.

هؤلاء المشايخ والدعاة والقراء، إن كان ما قالوه اجتهادا وبنيّة صادقة، فنسأل الله تعالى أن يغفر لهم فقد أخطأوا الطريق، وجانبوا الصواب.

وإن كانوا قالوا ما قالوا من أجل دنيا يصيبونها، فلقد باعوا دينهم بأبخس الأثمان، وسيرون الخزي في الدنيا قبل الآخرة.

إن الحي لا يأمن الفتنة، ومن كان مقتديا فليقتدِ بمحمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومن تبعهم بإحسان.

ومن أراد أن يُزكّي شخصا، فليقل: نحسبه على خير والله حسيبه.

ولنتذكر أن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيفما شاء.

من أراد الثبات على الحق، فليُخْلِص القول والعمل، وليحرص على مصاحبة أهل الخير والصلاح من الصادقين، وليحذر من الانعزال عنهم «فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية»، وليتذكر بأن الدنيا زائلة، وأن ما عند الله خير وأبقى.

وليردد دائما وأبدا: «اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبّت قلبي على دينك».

 

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك