عدنان فرزات يكتب.. صائدة الموتى

زاوية الكتاب

كتب 452 مشاهدات 0

عدنان فرزات

القبس

صائدة الموتى

عدنان فرزات

 

لأن الموتى لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم، فتلك مهمة الأحياء.

مرة أخرى تقوم غادة السمان بنشر، أو ربما «بفضح» رسائل فيها بوح خاص جداً، أرسلها في المرة الأولى غسان كنفاني، وفي المرة الثانية الجديدة أنسي الحاج.

في كتابين متتاليين، تكشف غادة السمان للجمهور الجانب الشخصي السري للأديب، هذا الجانب الذي لا يعرفه إلا اثنان: الأديب نفسه، وَمن ائتمنه.

هذه الرسائل لا تُصنف مادة أدبية، وإن كتبها أديب بلغة إبداعية، بل تبقى ضمن بوح خاص وسري ضمّنها صاحب الرسالة مشاعره في لحظة حب أو ضعف.

بنشرها لرسال كنفاني والحاج، فشلت غادة السمان بتقليد كتاب «الشعلة الزرقاء»، الذي يتضمن رسائل جبران خليل جبران إلى مي زيادة، فهذا الكتاب أولاً لم تنشره مي، رغم أنه كان بإمكانها القيام بذلك والمباهاة به، بل مَن نشر الكتاب هما سلمى حفار الكزبري وسهيل بشروني، وصحيح أنها رسائل عشق خاصة، ولكنها لا تجرح جبران، كما في بعض الرسائل التي نشرتها غادة، إلى جانب ذلك أن علاقة الحب بين جبران ومي كانت معروفة، وليست سراً وضعه طرف عند الآخر، كما يقول إخواننا اللبنانيون، لأن نشر هذه الرسائل من شأنه أن يسيء إلى مشاعر عوائل الراحلين.

في قصة جبران ومي عرفنا أن هناك رسائل من مي أرسلتها إلى جبران، ولكن في حكاية غسان كنفاني وأنسي الحاج، وما بينهما غادة السمان، لم نعرف سوى ما أرسله الهائمان إلى غادة، ولم نعرف ردودها عليهما، وما طبيعة الردود، أم أنها كانت حذرة، وربما تبيت النية، حيث صرحت في مقدمة كتابها الجديد، حسب صحيفة الحياة، «لم أكتب لأنسي أي رسالة»، وأن رسائلها إلى غسان ضاعت، وكأنها تريد أن تظهرهما بمظهر اللاهثين وراءها.

الأمر ليس شطارة، أعرف أديبات لديهن رسائل أقوى من رسائل غادة، ومن شخصيات أدبية مرموقة، وهناك أدباء لديهم رسائل من أديبات، ولكن تبقى لديهم نشوة كتمان السر وحفظ كرامة الأرواح أجمل من الإفصاح عنها.

الرسائل التي نشرتها غادة تعود إلى الستينات، وأبقتها في الكتمان الى حين وفاة أصحابها، ولا نعرف من هو القادم في حال عاشت عمراً كعمر المطربة صباح.

أصدقائي الأدباء «ضبوا» رسائلكم بأدراجكم، أو اعرفوا لمن توجهونها.

 

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك